صحف مصرية: السعودية متهمة بتعطيش المصريين… وماشية الجزيرة تشبع ليموت المصريون
شيء ما يلوح في الأفق وتخبؤه الأقدار للمصريين، هذا ما بوسعك أن تدركه عند مطالعة ما بين السطور في صحف القاهرة خلال الوقت الراهن وكشفت عنه صحف أمس الثلاثاء 4 أغسطس/آب، إذ بينما إثيوبيا ماضية في طريقها للاستحواذ على مياه النهر منفردة، ذهب عدد من الكتّاب يفتشون في أصل المأساة التي دفعت بنا لما نحن فيه من صراع على شريان الحياة..
والحالة هكذا، وفيما الأغلبية تبحث عن المتهم والطرف الخفي الذي يشارك الأحباش في حصارنا، إذ بكريم ملاك في «الشروق» يشير إلى السعودية، باعتبارها ضلعاً في المأساة، التي أوشكت أن تحل بالمصريين، حيث انتهى في مقالته إلى أنه «إذا كانت مصر جادة في التصدي لسكون وتصلب إثيوبيا في التفاوض، عليها أن تبدأ بمنع التوسعات الخليجية في الرقعة الزراعية المصرية، وإقناع إثيوبيا بأن كل هذه الشركات الزراعية الكبرى لن تساهم في نقلة نوعية اقتصادية للبلاد، بل ستسلب مواردها لتغذية مواشيها في السعودية، لشعب ثري يفضل سلب مياه جيرانه كي يتمتع بمنتجات غذائية غير أساسية، مثل العلف، بدلا من زراعة محاصيل أخرى للاستهلاك المباشر، لتحقيق أمن غذائي عالمي على عكس ما أرساه الكاوبوي الأمريكي، الذي بادر إلى إنشاء أولى مزارع العجول في السعودية في الأربعينيات».
فيما أثنى مدحت نافع في «الشروق» على أبرز أحلام السيسي «حق لرئيس الجمهورية أن يحلم برقعة زراعية متسعة، تعوّض ما تفقده مصر جرّاء التجريف والتبويـــــر والزحـــف الإسمنتى البغيض، أن يحلم بريف مصري غير طارد لأهله، ونشاط زراعي يليق بمصر، الدولة التي كانت سلة الغذاء للإمبراطورية الرومانية… وواجب على الشعب أن يتمسك بهذا الحلم ويطوّره ويتفانى في تحقيقه».
بينما كنا نائمين:
اهتم كريم ملاك في «الشروق» بتسليط الضوء على خطط عدد من الدول في الإستثمار في إثيوبيا رغم ما يسببه الأمر من خطر وجودي على المصريين، ومن أبرز تلك البلدان السعودية: «ولع السعودية بالفصفصة «البرسيم» وتربية العجول يرجع لبدايات المملكة في أوائل أربعينيات القرن العشرين تحتاج الفصفصة، كميات أقل من المياه مقارنة بمحاصل أخرى، لكنه ما زال يصعب على السعودية توفير زراعته على أراضيها، الأمر الذي دفعها بالتوجه لافريقيا. مثلما قامت السعودية مؤخرا بشراء أراضٍ زراعية في إثيوبيا، كي تؤمن مزارع عجولها عبر زراعة محصول العلف المفضل له: الفصفصة، إلى جانب محاصيل أخرى تحتاج كميات أكثر من المياه مثل الأرز. هذا الأمر في حقيقته يدفعنا للقول إن السعودية لا تقوم فقط بالاستثمار الزراعي، بل بالاستثمار المائي. فكلما تقوم تلك الشركات والصناديق السيادية بالتوغل في بلدٍ لزراعة محاصيل علف تستنفد مصادر المياه العذبة، وتصدر هذه المحاصيل لتغذية عجولها، فهي تقوم بدورها أيضا بتصدير احتياطي مياه تلك البلاد في صورة المحاصيل المزروعة. فليس هناك جدوى من الاستثمار الزراعي، من منطلق الأمن المائي، إذا كانت الشركة المستثمرة لن تبيع المحصول في السوق المحلية، وهو ما دفع سكان ولايتي أريزونا وكاليفورنيا أن يشكوا من توسعات شركة المراعي في ولايتهم».
أخوة على الورق:
وألقى الكاتب في «الشروق» كريم ملاك الضوء على استثمارات المملكة في أديس أبابا: «تقوم السعودية بالتحرك عبر شركة النجمة العربية السعودية، المملوكة للمستثمر نصف السعودي نصف الإثيوبي محمد العمودي، ولكي تستمر شركة النجمة، إحدى أكبر الشركات من حيث حجم حيازة الأراضي الزراعية في إثيوبيا، في عملها في إثيوبيا، بدون تجميد تلك الاستثمارات، أو إيقاف عملية توريد منتجاتها للسعودية. يعود تاريخ تلك الشركة لتوسعاتها في حيازة الأراضي تزامنا مع استثمار المليادير العمودي أكثر من 200 مليون دولار في شراء والاستحواذ على مزارع، إلى جانب حصول الشركة على 4 مليارات دولار من صندوق الملك عبدالله للاستثمار الزراعي السعودي، ما تسبب في اتهامها بتهجير عدة مزارعين في إثيوبيا. تستحوذ السعودية مجملا على أكثر من 300 ألف فدان في إثيوبيا تتراوح حيازتهما بين عقود انتفاع لمدة ستين عاما، وعقود ملكية ترجع لمزارعين مُهَجَرين. وأشار الكاتب إلى أن ما تفعله السعودية، وعدد من البلدان الخليجية عبر توسعاتهم الزراعية، عبارة عن عملية للاستحواذ على مياه تلك البلاد التي يستثمرون فيها، ثم يقومون بتصدير محاصيلها. ولكن الأمر لا يقف عند الاستثمار الزراعي والسيطرة على مصادر المياه العذبة، بل يمتد للسيطرة على البنية التحتية لإثيوبيا، يمكننا أيضا أن نتنبأ بنتائج سد النهضة عبر تتبع تدفقات الموارد السعودية للسودان، التي مولت مشروع بناء سد الكجبار وما تبعه من تهجير لبناء قنوات ري لخدمة مزارع السعودية في عام 2016، وليس خدمة سكان الأراضي الذين تم تهجيرهم».
ارسال التعليق