صحيفة غربية: السعوديون ارتكبوا جرائم حرب في اليمن
تبت مارجوري كون لـ«كاونتر بانش»:
تورّطت المملكة العربية السعودية في جرائم حرب، وقد ساعدها في ذلك تحريض الولايات المتحدة الأميركية لها وتزويدها بالإمدادات العسكرية. وفي أيلول عام 2015، قتلت الطائرات السعودية 135 مدنياً يمنياً أثناء احتفالهم بحفل زفاف. كما سبّبت الضربات الجوية بمقتل 2800 مدنياً من بينهم 500 طفل. وقد بيّنت تقارير منظمة «هيومان رايتس ووتش»، أن هذه التفجيرات قتلت وجرحت عشوائياً كثيرين من المدنيين.
يشكل هذا الصراع جزءاً من القتال الدائر في الشرق الأوسط بين إيران والسعودية. يقصف السعوديون اليمن بهدف إلحاق الهزيمة بالمتمرّدين الحوثيين، الذين يقاومون القمع الحكومي الحاصل بحقهم منذ فترة طويلة. اتُهمت إيران بدعمها الحوثيين، علماً أنها تستمرّ في إنكار ذلك. تتمتع اليمن بمركز استراتيجي من خلال تموقعها على ممرّ مائيّ ضيّق يصلها بخليج عدن والبحر الأحمر، حيث يمرّ النفط العالمي في غالبيته عبر هذا الممرّ المائيّ.
وكانت لجنة من خبراء الأمم المتحدة قد خلُصت في تشرين الأول الماضي إلى أن التحالف الذي تقوده السعودية قد ارتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. ويشمل هذا: الهجمات العشوائية، واستهداف الأسواق المكتظّة، ومخيمات النازحين اليمنيين، ومخازن المساعدات الإنسانية وتعمّد عرقلة إيصالها. وعبّرت هذه اللجنة أيضاً عن قلقها من اعتبار التحالف لبعض الأحياء المأهولة، بما فيها مرّة وسادة، هدفاً مشروعاً لضرباته الجوية. كذلك، وثقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أكثر من 100 هجمة على المستشفيات.
يحظر البروتوكول الأول لمحادثات جنيف استهداف المدنيين. وينصّ على أهمية التزام جميع أطراف الصراع بالتمييز بين المدنيين والمقاتلين، وبين الأهداف المدنية وتلك العسكرية، وتوجيه عملياتها ضدّ الأهداف العسكرية فقط.
تتورّط المملكة العربية السعودية كذلك، بانتهاكات فاضحة وجدّية لحقوق الإنسان.
أعدمت الحكومة السعودية في كانون الثاني الحالي 47 شخصاً، من بينهم رجل دين شيعيّ سلميّ بارز، قاد تظاهرات «الربيع العربي» في السعودية عام 2011. قُطعت رؤوس معظمهم. يصيبنا الرعب عندما يقوم تنظيم «داعش» الإرهابي بذلك. ومع هذا، فها نحن نسمع احتجاجات واهية من المتحدّث بِاسم وزارة الخارجية جون كيربي، الذي صرّح قائلاً: «نؤمن بأن التواصل الدبلوماسي والمحادثات المباشرة، تظلّ أساسية للعمل على تهدئة الخلافات». كذلك، حُكم في الشهر الحالي من السنة الحالية، على الفنان والشاعر الفلسطيني أشرف فياض، وهو مواطن سعودي تعيش عائلته في غزّة، بقطع الرأس. أما جرائمه المزعومة، فهي: الردّة أي الردّة عن الإسلام وتصوير النساء. وطيلة فترة المحاكمة، مُنع أشرف من أبسط حقوقه المدنية ـ الوصول إلى المحامي ـ ما يشكل انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
لكن، كلاً من المملكة السعودية والولايات المتحدة الأميركية أطراف أساسية في محادثات جنيف، التي تحظر القتل العمد، وتعمُّد إلحاق آلام شديدة أو أضرار جسيمة بالسلامة البدنية وبالصحة، أو التعذيب والمعاملة اللاإنسانية. جرائم الحرب تعتبر انتهاكات جسيمة، كما تحذّر من خطورة إصدار الأحكام وتنفيذ الإعدامات من دون وجود حكم سابق صادر عن محكمة نظامية، تكفل جميع الضمانات القضائية المعترف بها، والتي لا غنى عنها في نظر الشعوب المتمدّنة.
وعلى رغم أن كلاً من الولايات المتحدة والمملكة ليسا جزءاً من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي ينصّ قانونها على تقديم المساعدة والدعم المشروعَين. وتقول أيضاً أنه يمكن توجيه الاتهام لأيّ فرد بارتكاب جرائم حرب إذا ثبت أنه تعاون أو حرّض أو قام بكلا الفعلين أو خلاف ذلك من مثل المساعدة على ارتكاب الجرائم أو محاولة ارتكاب الجرائم، بما في ذلك توفير سبل ارتكابها.
تعتبر حكومة الولايات المتحدة الأميركية المورّد الرئيس للأسلحة السعودية. ففي تشرين الثاني من عام 2015، باعت الولايات المتحدة السعودية أسلحة بقيمة 1.29 مليار دولار. وتتضمن هذه الصفقة 10.000 قنبلة، ذخائر، وأجزاء من الأسلحة المصنّعة من قبل شركتَي «ريثيون» و«بوينغ»، وغيرها من الأغراض العامة والقنابل الموجهة باللايزر. وقبل مضيّ عدّة أشهر، وافقت الولايات المتحدة على بيع سفن قتالية للمملكة بقيمة 11.25 مليار دولار. كما تزوّد الولايات المتحدة الدعم الاستخباري واللوجستي لقوات التحالف. وخلال السنوات الخمس الماضية، بلغت قيمة المبيعات الأميركية للسعودية من الأسلحة حوالى 100 مليار دولار. وقد عزّزت هذه المبالغ والمبيعات أسهم وأرباح مقاولي الدفاع الأميركيين.
لماذا تنظر الولايات المتحدة الأميركية ـ في غالبية الأحيان ـ ناحية الجهة الأخرى على الرغم من التحذيرات الدقيقة لتقارير منظمة حقوق الإنسان، في الوقت الذي تصدّعت فيه العائلة الملكية في السعودية بسبب مطالبة الشعب بحرية التعبير عن الرأي المعارض والسماح لنخبتها بتمويل الإسلاميين المتطرفين، وذلك بحسب ما ذكرت صحيفة «New York Post» الأميركية على لسان كاتبها دايفيد سانغر. وفي المقابل، يؤكد سانغر: «أضحت السعودية أكبر مصدر أميركي منتظم يمكن الاعتماد عليه لملء موارد استخباراتها، للصمود في وجه إيران. المملكة العربية السعودية، الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل في مواجهة الاتفاق النووي الإيراني».
وفي نيسان 2015، منعت الحكومة الأميركية تسع سفن إيرانية محمّلة بإمدادات الإغاثة من الوصول إلى اليمن. كما أرسل الرئيس باراك أوباما حاملة طائرات إلى المنطقة لفرض الحظر السعودي على الإمدادات الخارجية. ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، فإن 21 مليون شخص يفتقرون إلى الخدمات الأساسية، وأكثر من 1.5 مليوناً آخرين نزحوا من أماكن سكنهم. وقد رصدت منظمة «UNICEF» حوالى 6 ملايين شخص ليس لديهم ما يكفي من الطعام.
وعلاوةً على ذلك، تسعى الحكومة الأميركية لمنع التدقيق في انتهاكات السعودية لحقوق الإنسان في اليمن. وفي تشرين الأول 2015، قدّمت لجنة عقوبات مجلس الأمن الدولي، اقتراحاً يتطلّب من رئاسة اللجنة الاتصال بـ«جميع الأطراف المتورطين في النزاع، والتأكيد على المسؤولية باحترام ودعم القانون الإنساني والدولي لحقوق الإنسان».
تنتهك حكومة الولايات المتحدة الأميركية أيضاً القانون المحلي من خلال توفير المساعدات العسكرية للسعوديين. يحظر «قانون ليهي» المساعدات الأميركية لقوات أمن أجنبية أو لضباط عسكريين إذا توفر لوزارة الخارجية الأميركية معلومات موثوقة تفيد بأن هذه الوحدة قد ارتكبت انتهاكاً لحقوق الإنسان. وقد صرّح السيناتور باتريك ليهي الذي وُضع القانون بِاسمه لمجلة «Foreign Policy» الأميركية أن «التقارير عن سقوط ضحايا بين المدنيين بسبب الهجمات الجوية السعودية على المناطق المكتظة بالسكان في اليمن تحثّنا على توجيه عدّة تساؤلات عما إذا كانت هذه العمليات ـ المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية ـ تشكّل انتهاكاً لقانون ليهي».
وعلاوةً على ذلك، فإن بعض المعاهدات الأميركية تنصّ على عدم تأمين المساعدة لأيّ حكومة تشترك في نمط ثابت من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المعترف بها دولياً.
أما الدول الأعضاء الملزمة بمعاهدة تجارة الأسلحة لمراقبة صادرات الأسلحة والتأكد من أنها لن تنتهي في أيدي من ينتهكون حقوق الإنسان. وعلى رغم أن الولايات المتحدة لم توقّع على هذه المعاهدة، غير أن الدول الأخرى فعلت. وبموجب اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، يُمنع توقيع إجراءات تتعارض مع الغرض أو الهدف من هذه الاتفاقية.
على الحكومة الأميركية أن تكفّ ـ على الفور ـ عن نقل الأسلحة والدعم العسكري للمملكة، وأن تؤيد إجراء تحقيقات مستقلة في عمليات نقل الأسلحة الأميركية وارتكاب جرائم حرب في اليمن. على الولايات المتحدة الأميركية أن تكفّ عن المشاركة وأن تضع حدّاً لفاعلية الحصار الإنساني والبحث عن أولئك المحتاجين وإيجادهم، وتقديم المساعدة لهم، وأن تسعى إلى تعزيز الجهود الدبلوماسية لإنهاء النزاع، والتصديق على معاهدة تجارة الأسلحة.
وفي تطوّر مثير للاهتمام، ساهم السعوديون بتوفير مبلغ 10 ملايين دولار أميركي لبناء مؤسسة كلينتون، قبل أن تصبح تلك الأخيرة وزيرةً للخارجية. وفي عام 2011، أي بعد سنة واحدة، وثّقت الخارجية الأميركية انتهاكات سعودية لا تُحصى تُرتكب في المملكة، وكانت هيلاري قد أشرفت بنفسها على بيع طائرات قتالية أميركية متطورة للسعودية بقيمة 29 مليار دولار، معلنةً أن «هذا يندرج ضمن إطار مصلحتنا الوطنية». شكلت تلك الصفقة أولوية قصوى بالنسبة إلى هيلاري، وذلك وفقاً لأندرو شابيرو مساعد وزير الخارجية. وقبل شهرين من تاريخ إبرام الصفقة، ساهمت شركة «بوينغ» ـ المصنّعة لواحدة من أكبر الطائرات المقاتلة والتي سعى السعوديون إلى شرائها ـ في دفع 900.000 دولار أميركي لمؤسسة كلينتون.
وتؤكد هيلاري الآن على ضرورة مواصلة الولايات المتحدة للتعاون الاستراتيجي الوثيق مع المملكة العربية السعودية.
ارسال التعليق