صندوق الاستثمارات السعودي يتكبد خسائر جسيمة
تكبد صندوق الاستثمارات العامة السعودي خسائر بأكثر من 15 مليار دولار العام الماضي في ظل إدارته المتخبطة تحت إدارة محمد بن سلمان.
وكشفت وكالة بلومبرغ الدولية أن صندوق الاستثمارات السعودية بلغت 15.6 مليار دولار في عام 2022، لأسباب تعود إلى تراجع قيمة استثمارات الصندوق في “سوفت بنك فيغن” بالإضافة إلى تضرر المشاريع التقنية الأخرى بسبب تدهور السوق.
وذكرت الوكالة أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي حقق دخلا بحوالي 25.4 مليار دولار في عام 2022، وفقا لبيانات تقرير مالي سنوي نُشر، الأحد، موضحة أنه خصص نسبة كبيرة من أصوله المخصصة للأسهم السعودية العام الماضي، من 24 في المئة إلى 32 في المئة.
وخفض الصندوق أيضا نسبة تتراوح من 20 في المئة إلى 10 في المئة من الجزء المخصص للأصول الاستراتيجية الدولية، وهي محفظة تشمل نادي كرة القدم الإنجليزي نيوكاسل وصندوق “مجموعة بلاكستون” الذي يستثمر في البنية التحتية الأميركية.
يأتي ذلك فيما يجمع مراقبون على أن رؤية 2030 التي يروج لها منذ سنوات ولي العهد محمد بن سلمان تراكم الفشل وسط عجز عن جذب الاستثمارات الخارجية.
ويبرز المراقبون عجز رؤية 2030 عن استقطاب الشركات الأجنبية ونقل مقراتها للمملكة كما وعدت بذلك وروجت إعلاميا لاتخاذ إجراءات من أجل تحقيق الهدف.
وبداية 2021 وكجزء من خطة محمد بن سلمان في استقطاب الاستثمارات الخارجية، أصدرت المملكة قرارًا صارمًا بأنها ستوقف التعامل مع أي شركة أجنبية تقيم مكاتب إقليمية لها خارج المملكة اعتبارًا من 2024.
وفي حينه ظنّ ولي العهد وكبار مستشاريه أن لغة التهديد التي اعتاد محمد بن سلمان ستُجبر كبرى الشركات على نقل مقراتها إلى المملكة.
وتم الترويج للقرار المذكور بأنه يهدف لتنويع مصادر دخل المملكة وتقليل اعتمادها على النفط، ويهدف كذلك لسحب البساط من الإمارات التي أصبحت عاصمة الاستثمارات العالمية في المنطقة.
وعوّل نظام محمد بن سلمان على ثقل المملكة الاقتصادي والديموغرافي، وأطلق مع القرار بعض التسهيلات التي ظنّ أنها سترغّب الشركات.
لكن عام 2022 كان العام الأول لتطبيق التجربة وتقييم جزءً من نتائجها، إلا أن الفشل الذي رافق معظم سياسات وليّ العهد ومشاريعه وخططه كان حاضرًا هذه المرة أيضًا، لتأتي الأرقام والنتائج معاكسة تمامًا.
إذ لوحظ تزايد إقبال المستثمرين الخارجيين على الإمارات بشكل ملحوظ، بحيث زادت أبوظبي استثماراتها الخارجية لتحقّق أعلى رقم في تاريخها بلغ 23 مليار دولار في 2022 مقابل 7 مليارات دولار فقط لجارتها الكبرى المملكة.
واستحوذت الإمارات لوحدها على 61% من الاستثمارات الأجنبية في الخليج (حسب تقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية UNCTAD).
ورغم تلويح النظام السعودي بالعقوبات، استمرّت الشركات الأجنبية بالتوجّه للإمارات والتي أصبحت رابع أكبر مستقطب لاستثمارات المشاريع الجديدة عالميًا في 2022 خلف أمريكا وبريطانيا والهند بإجمالي 997 مشروعًا وبزيادة قدرها 80% عن 2021، لتؤكد عزوف معظم الشركات عن المملكة.
ورغم كل الجهود والوعود… تراجعت الاستثمارات الخارجية في المملكة بنسبة 59% في 2022 مقارنة مع 2021، (بحسب Al-Monitor) لتشكّل هذه الأرقام ضربة قوية لنظام الأمير محمد بن سلمان الذي وعد بأن تصبح الرياض عاصمة الاستقطاب الإقليمية وتقليل اعتماد اقتصاد المملكة على النفط.
ويعزو الكثير من الخبراء عدم قدرة المملكة على استقطاب الاستثمارات الخارجية لسببين:
السبب الأول: مخاوف المستثمرين الواضحة من حملة الاعتقالات التي طالت رجال أعمال بارزين في الريتز، فضلًا عن تداعيات جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي وما رافقه من سمعة سيئة أضرت بالمملكة، فضلًا عن لغة التهديد والوعيد.
والسبب الثاني: التغييرات المفاجئة في السياسة الاقتصادية للمملكة وغياب قوانين ثابتة تنظم بيئة العمل.
مثال ذلك عزت صحيفة وول ستريت جورنال سبب تراجع الاستثمار الأجنبي لقرار فرض ضرائب بأثر رجعي على الشركات الأجنبية الكبرى قبل صدور قرار معاكس تمامًا نهاية 2022 بإعفاء ضريبي لـ 50 عامًا.
وبالرغم من محاولة نظام محمد بن سلمان تقديم تسهيلات لاستقطاب لمستثمرين الأجانب ضمن رؤية 2030، إلا أن غياب البنى التحتية الحقيقية التي ترافق التحول إلى مركز إقليمي، شكّل هو الآخر عقبة أمام هذه التحول.
وسعت الحكومة لتدارك ذلك بافتتاح 4 مناطق اقتصادية خاصة نهاية العام الماضي.
ومن المعلوم أن الازدهار الاقتصادي لا يرتبط بتسهيلات تجارية فقط، بل يرتبط باستقرار سياسي وتوفّر مناخ أمان وعدم تخوّف من تقلّبات مفاجئة أو ابتزازات غير مباشرة، فضلًا عن بيئة الحرية والتي يفتقدها نظام محمد بن سلمان القمعي، والذي أودع السجن العديد من الأصوات الاقتصادية الناصحة.
ارسال التعليق