عام 2024 في السعودية: عام الإعدامات والإخفاقات
قَدَرُ الجهد الذي بذلته "السعودية" في تلميع صورتها، لم تبذله في تطبيقه على أرض الواقع. فكَمُّ الانتهاكات التي جرى الكشف عنها خلال العام الماضي 2024، يُضاف إلى عدد الإعدامات التي نُفّذت خلاله، ينبئ بمضيّ آل سعود في تطبيق أقسى أشكال القمع ضد شعب الجزيرة العربية.
بفعل سياسته، جلب محمد بن سلمان انتقادات علنية عديدة إلى "السعودية"، فمع تكثيف مشاركته في المنتديات العالمية ومحاولاته الانخراط بالأنشطة الدولية، ساهم في وضع البلد تحت المجهر أكثر، سيما مجهر المنظمات الحقوقية.
وكان أهم وآخر نافذة وُضعت البلاد فيه تحت المجهر، مع تقدّم "السعودية" لاستضافة كأس العالم لكرة القدم لعام 2034، حيث طغت الأصوات الرافضة لترشّحها وثم حصولها على حق استضافة المونديال، نظرا لمف حقوق الإنسان سيء السمعة الذي تمتلكه، وخاصة مع المخاوف التي أُثيرت حول ظروف العمّال الذين ستتضاعف أعدادهم مع حصول البلاد حق الاستضافة.
رؤية 2030 التي أطلقها ابن سلمان منذ عام 2016، كمجموعة من الأهداف التي "ستحوّل وجه المملكة"، من "مملكة" منبوذة إلى أخرى تحظى بشعبية على الصعيد الدولي، وتحويل نفسها إلى وجهة سياحية.
لكن مع ما تم كشفه عن حقيقة المشاريع التي حظيت بكمٍّ هائل من الدعاية والترويج، ومع تراجع "طموج" أغلبها وأهمها، تبيّن أن قوّة البلاد هي في الترويج وخلق الصور الوهمية عن نفسها.
استضافت البلاد خلال العام المنصرم مهرجانات وفعاليات فنية، وعاندت الأوضاع السيئة التي عاشتها البلاد العربية، من قطاع غزة إلى لبنان، فأحيت مهرجانات الرقص والغناء على أرض الحرمين الشريفين في الحين الذي كان فيه غزة وجنوب لبنان يُبادان.
استضافتِها للفعاليات -سيّما " موسم الرياض" و"مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي" و مهرجان "مدل بيست"- جعلها عرضة للانتقادات من زوايا عديدة: على الصعيد الشعبي انتُقدت "السعودية" لما رافق المهرجانات من قتل وتهجير لأبناء الوطن العربي في فلسطين ولبنان والسودان. أما على صعيد المنظمات الحقوقية، فكانت موجهة بشكل رئيسي على كيفية تعاطي "الحكومة السعودية" مع المعارضين وعلى أحكام الإعدامات التي تُصدرها بحق معتقليها.
نشطت الكثير من المنظمات الدولية، أهمها "منظمة العفو الدولية" و"هيومن رايتس ووتش"، والمحلية كـ"الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان"، في التحذير من الأوضاع السئية التي يعيشها العمال الأجانب في "السعودية".
ملف حقوق العمّال المهاجرين في شبه الجزيرة العربية يشكّل نقطة ضعف هذا الكيان أمام الرأي العام الدولي، ورغم أن هذا الملف نادرا ما يحرّك القرارات السياسية باتجاه مصلحة العمّال الأجانب، إلّا أنه، وفي كثير من المواقع، يُحرج ويُضعف الموقف السعودي.
وأبرز مثال على ذلك، التنديدات الواسعة التي جرت قبل وبعد تسليم “السعودية” حقّ استضافة مونديال عام 2034، وأتت هذه التنديدات انطلاقا من التحفّظ على وضع العمال المهاجرين الذين سوف يقع على عاتقهم بناء وتطوير تجهيزات هذه الاستضافة: ووفق “وثائق الاستضافة السعودية” سوف تعمل على بناء 11 ملعبًا جديدًا و4 ملاعب مجددة، و185 ألف غرفة فندقية جديدة، وتنفيذ بناء المطارات والطرق والسكك الحديدية.
واعتبرت مديرة المبادرات العالمية في هيومن رايتس ووتش، مينكي ووردن، أنه في حين أن عيون العالم ستكون عام 2034 تترقب من الفائز، إلا أن “الخاسر الأكبر في مباريات كرة القدم لعام 2034 هم ملايين العمال المهاجرين الذين يتعرضون لانتهاكات صارخة أثناء بناء الملاعب ووسائل النقل والبنية الأساسية وغيرها من المرافق".
بلغ عدد الإعدامات لعام 2024 في “السعودية” 330 حالة، وهو أعلى رقم تسجله البلاد منذ عقود.وتمثل أحدث حصيلة للإعدامات، التي جمعتها منظمة حقوق الإنسان غير الحكومية “ريبريف” من إعلانات الإعدام، قفزة كبيرة من إجمالي 172 حالة إعدام في العام الماضي و196 حالة إعدام في عام 2022. وقالت منظمة “ريبريف” إن هذا أعلى رقم تم تسجيله على الإطلاق. وقال جيد بسيوني الذي يعمل مع منظمة ريبريف “إن هذا الإصلاح مبني على بيت من الورق بني على أعداد قياسية من عمليات الإعدام”.
وبحسب الإحصائيات، تم إعدام أكثر من 150 شخصا هذا العام بتهمة ارتكاب جرائم غير مميتة، وهو ما تقول جماعات حقوق الإنسان إنه يتعارض مع القانون الدولي. مسألة الإعدامات تدينها العديد من الجهات من منطلقات عديدة، أبرزها ما تعكسه من تنفيذ أقصى مستويات القمع ضد أصحاب الرأي المعارض لـ”الحكومة".
ضاعفت "السعودية" من قمع الأصوات المعارضة لحكمها، سواء من المتواجدين داخل البلاد أم المتواجدين خارجها. وخصصت قمعها لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، حيث جرى تتبع أصحاب بعض الحسابات سواء تلك المنتقدة لـ"الحكومة" أو من
يُذكر أن "السعودية" تُصنَّف كواحدة من أكثر الدول قمعاً لحرية الرأي، حيث تنعدم وسائل الإعلام الحرة والمستقلة، فيما تعج السجون بمعتقلي الرأي الذين يواجهون أحكاما مشددة تصل إلى عقود من السجن”.
ارسال التعليق