عجيب أمر هؤلاء.. عبد الكريم العيسى نموذجاً
في موقف ينم عن انبطاحية مفضوحة ومكشوفة الأهداف غازل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي "محمد بن عبد الكريم العيسى" الكيان الصهيوني مرة أخرى بزعم أن ما يعرف بـمحرقة اليهود "الهولوكوست" تعد وثيقة تاريخية تتيح لليهود رفعها بمناسبة وبغيرها للتعبير عمّا أسماه الظلم الذي تعرضوا له على مرّ التاريخ.
وأعرب العيسى المقرب والمعين من "محمد بن سلمان" عن تعاطفه مع من وصفهم بـ "ضحايا الهولوكوست" وذلك عبر رسالة بعثها إلى مديرة المتحف التذكاري للهولوكوست في أمريكا "سارا بلومفيلد" بمناسبة مشاركة الرابطة في مؤتمر "التصدي للعنف المرتكَب باسم الدين"، والذي تنظمه الخارجية البريطانية في العاصمة الإيطالية.
وطالبت الرسالة بمجملها بتجريم من ينكر الـ"هولوكوست" وعبّرت عن التعاطف الشديد مع من وصفتهم بـ "ضحاياها".
وهنا تتبادر إلى الذهن عدّة تساؤلات يمكن تلخيصها بما يلي:
- ماذا أراد العيسى بهذه الرسالة؟
- لماذا طالبت الرسالة بتجريم من ينكر الـ"هولوكوست"؟
- ما الدليل على صحة ما نقل عن الـ"هولوكوست"؟
- لماذا تسعى الرياض التي تدعم العيسى للتقارب مع الكيان الصهيوني تحت غطاء الدفاع عن الأديان بما فيها اليهودية؟
للإجابة عن هذه التساؤلات لابدّ من الإشارة إلى ما يلي:
- حاول العيسى الظهور بمظهر المحب للسلام والمنكر للعنف، ناسياً أو متناسياً أن الشعب الفلسطيني تعرض طيلة سبعة عقود ولازال يتعرض لأشد أنواع الظلم الذي أودى بحياة الآلاف منهم ودمّر مدنهم وقراهم وشرّد الملايين من وطنهم إلى بلدان أخرى على مرأى ومسمع من الدول التي تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان وفي مقدمتها أمريكا وبريطانيا.
- هل نسي العيسى الكارثة الإنسانية التي يتعرض لها الشعب اليمني منذ ثلاث سنوات جراء العدوان الذي يشنه التحالف الذي يقوده آل سعود ضد هذا الشعب والذي أوقع خسائر بشرية ومادية كبيرة جداً ولم تسلم منه حتى المستشفيات والمدارس ومستودعات الأغذية والأطعمة ومحطات الطاقة الكهربائية وشبكات إيصال المياه الصالحة للشرب.
فلماذا لا يستنكر العيسى هذه الجرائم؟ أم أن قتل الجارالعربي والمسلم مباح في شرعه، وقتل غيره(على فرض صحته) غير مباح. أي دين هذا الذي يؤمن به العيسى وأمثاله؟! لكن لاعجب إذا كانت الأهواء والمصالح الضيّقة هي التي تتحكم بمواقف هؤلاء، ولاعجب إذا ما أضحت الضمائر تباع بثمن بخس إرضاءً للطواغيت وتزلفاً لمن تلخطت أيديهم بدماء الأبرياء.
- إذا كان العيسى ومن معه ضد التطرف ويسعون لنشر السلام في العالم كما يزعم في الرسالة، فلماذا لم يوخزه ضميره ضد ما قام ويقوم به آل سعود من خلال دعم الحركات الإرهابية والمتطرفة في المنطقة والعالم والتي ارتكبت أبشع الجرائم بحق أناس أبرياء لاذنب لهم سوى التطلع للعيش في عالم خالٍ من الوحشية والهمجية اللتين تغذيهما الأسرة الحاكمة في الرياض من قوت الشعب لتحقيق مآرب أقل ما يقال عنها أنها لاتمت بصلة للإنسانية والعقل والوجدان السليم.
- ادّعى العيسى في رسالته أنه إلتزم جانب الحياد والموضوعية التامة دون أن يكون أي هدف سياسي لكلامه. ونحن نسأل أي حيادية وموضوعية هذه التي يتحدث عنهما العيسى ورائحة الانحياز والتخبط في اختيار الألفاظ والعبارات تزكم الأنوف، خصوصاً وهو يصف ما يسمى "الهولوكوست" بأنها وثيقة دامغة على الظلم الذي تعرض له اليهود في تزلف واضح للصهيونية العالمية وربيبتها "إسرائيل" والإدارة الأمريكية الداعم الرئيس لهذا الكيان الغاصب.
- يزعم العيسى في رسالته أنه لاوجود لسلطة على الأديان إلّا سلطة النصوص الدينية الصحيحة البعيدة عن التفسيرات المضللة والخاطئة والمحرفة. وهنا نسأل: هل آل سعود ممن يعترف بالنصوص الشرعية عندما يتخذون مواقفهم ويرسمون سياساتهم وخططهم تجاه الداخل والخارج؟ أم أنهم يضربون بهذه النصوص عرض الحائط لتحقيق ما يسعون إليه، وما حصل ويحصل على كافة المستويات وفي جميع المجالات شاهد واضح على هذه السياسة. والعيسى يعرف قبل غيره أن آل سعود لايؤمنون بعقيدة سوى ما توحي به أطماعهم وما يُملي عليهم أسيادهم الذين جعلوا منهم مطيّة لبلوغ ما يخططون له من أجل تدمير المنطقة وخدمة مصالحهم غير المشروعة.
- لا يشك أحد بأن رسالة العيسى بشأن الـ"هولوكوست" تأتي في سياق السياسة التي ينتهجها آل سعود لاسيّما ولي العهد "محمد بن سلمان" لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني.
- حقيقة الهولوكوست تحتاج تدقيق كبير، والمشكلة ليست في وقوعها وتضخيمها من عدم ذلك، بل في استخدام الصهيونية لها كمبرر لجرائم الكيان الإسرائيلي في احتلال فلسطين وقتل وتشريد شعب ليس له علاقة بالهولوكوست.
- تجدر الإشارة إلى أن "محمد بن عبد الكريم العيسى" هو وزير عدل سعودي سابق، وقام بجملة خطوات تطبيعية مع اللوبي الصهيوني العالمي، منها أنه رعى في إحدى المرات ندوة بعنوان "حسن الجوار والعيش المشترك" في مدينة "ميلوز" الفرنسية، بمشاركة الحاخام الصهيوني "إلي حيون". وعند التدقيق في هوية "إلي حيون" يتبيّن أنه عضو في جمعية ما يسمى "الحوار اليهودي - الإسلامي"، وهي مؤسسة تهدف إلى تكريس التطبيع مع الكيان الإسرائيلي.
كما قام العيسى خلال تواجده في باريس بزيارة أكبر كنيس يهودي في العاصمة الفرنسية، بدعوة من الحاخام الأكبر ليهود فرنسا "حاييم كورسي" وحاخام كنيس باريس "موشي صباغ".
وأكدت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية في حينها أن زيارة العيسى تعتبر مؤشراً جديداً على دفء العلاقات بين إسرائيل والسعودية، منوّهة إلى أن السفير السعودي في باريس رافق العيسى خلال زيارته للكنيس.
خلاصة الأمر أن العيسى في رسالته إلى مديرة المتحف التذكاري للهولوكوست في أمريكا والتي تحمل الكثير من التناقض وصف الهولوكوست بأنها من أبشع الجرائم في تاريخ البشرية، على الرغم من الشكوك الكثيرة التي تثار حولها، متناسياً الجرائم الصهيونية الشنيعة بحق الفلسطينيين، وما يرتكبه آل سعود من مجازر تفوق التصور بحق شعب اليمن والتي يوثقها الإعلام والميدان على مدار ثلاثة أعوام.
ارسال التعليق