على خلاف مزاعم حماية المناخ: السعودية تدفع لزيادة استخدام النفط
حفاظا منها على طلب مرتفع على ذهبها الأسود، تخطط "السعودية" لزيادة الطلب العالمي على النفط بشكل مصطنع، وذلك عبر خطة استثمارية عالمية ضخمة لخلق الطلب على النفط والغاز في البلدان النامية.
طامسةً بذلك مزاعم وليّها محمد بن سلمان ورؤيته الخيالية بما في ذلك مزاعم الحرص على المشاركة في حماية المناخ والتخفيف من انبعاثات الكربون والتخفيف من الاعتماد على النفط.
حيث كشف تحقيق سري بريطاني النفاق المناخي الذي تلعبه "السعودية" بما يتعلق بأكذوبة الدفع باتجاه الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة.
التحقيق أجراه مركز تقارير المناخ وتم عرضه حصريا على القناة الرابعة الإخبارية البريطانية، و صدر قبل أيام فقط من بدء محادثات أزمة المناخ في الإمارات العربية المتحدة الشهر المنصرم.
وبحسب ما كشفه التحقيق أن مسؤولين من "برنامج استدامة النفط في المملكة العربية السعودية" (OSP) يعترفون بأن "الحكومة السعودية" تخطط لتعزيز الطلب في إفريقيا وآسيا على منتجات البنزين والنفط والديزل، كجزء من برنامج عام لوزارة الطاقة.
وكان التحقيق قد ساهم بالكشف عن تفاصيل مشاريع ODSP عبر تظاهُر مراسلين سريين بأنهم مستثمرين محتملين، والتقوا بمسؤولين من "الحكومة السعودية". وكشف ما توصّل إليه التحقيق أن الطلب المتزايد على النفط والغاز في البلدان النامية كان بمثابة الخيط الذي يمر عبر المشاريع المخطط لها.
و في مكالمة فيديو مسجلة سرا، سأل المراسل السري وأحد أدوات التحقيق؛ أحد المسؤولين في OSP: "بحسب تقديري فأنه مع قضايا تغير المناخ؛ هناك خطر انخفاض الطلب على النفط، وبالتالي فقد تم إنشاء OSP لتحفيز هذا الطلب بشكل مصطنع في بعض الأسواق الرئيسية؟"
فيجيبه المسؤول في OSP: "نعم، إنه أحد الجوانب التي نحاول القيام بها. إنه أحد الأهداف الرئيسية التي نحاول تحقيقها."
وحسبما أتى على الموقع الالكتروني لـ ODSP فهدفها يكمن في "خلق فرص وتطبيقات للهيدروكربونات عالميًا كمصدر تنافسي للطاقة، سواء من الناحية الاقتصادية أو البيئية، مع ضمان بقاء الهيدروكربونات جزءًا من مزيج الطاقة العالمي بأكثر الطرق كفاءة واستدامة".
ويشرف على برنامج ODSP محمد بن سلمان، ويضم أكبر منظمات "السعودية"، مثل صندوق الاستثمارات العامة الذي يبلغ حجمه 700 مليار دولار، وأكبر شركة نفط في العالم، أرامكو، وشركة البتروكيماويات سابك، وأهم المؤسسات الحكومية والوزارات المهمة.
وتتضمن الخطة التي تم الكشف عنها، إنشاء أسطول من سفن محطات الطاقة قبالة سواحل أفريقيا، لتوليد الكهرباء باستخدام الوقود الثقيل.
كما تهدف أيضًا إلى تطوير تقنيات لإطلاق طيران تجاري "أسرع من الصوت"، والذي سيتطلب حوالي ثلاثة أضعاف الكيروسين (مشتق نفطي يُستخدم كوقود في المحركات النفاثة للطائرات) الذي يتطلبه السفر الجوي التقليدي.
كما كشف التحقيق أن "السعودية" تخطط لزيادة عدد المركبات ذات محركات الاحتراق في الأسواق الآسيوية والأفريقية لزيادة الطلب على الوقود.
وفي الوقت نفسه، ذكر المسؤولون أنهم يهدفون إلى مواجهة حوافز السوق والدعم للسيارات الكهربائية على المستوى العالمي، للحفاظ على الاعتماد الدولي على الوقود الأحفوري، وخاصة في الأسواق الناشئة مثل أفريقيا.
وقال المسؤولون للمراسلين السريين، إن أحد معايير اختيار مشاريع ODSP البالغ عددها 46 مشروعًا هو "تعزيز إمكانية الطلب المتزايد على النفط"، مع قيام البرنامج بتيسير التمويل المطلوب للمشاريع.
وتنقسم المشاريع إلى ثلاث فئات: النقل والمرافق والمواد، بينما يشجع القسم الثالث على استبدال بعض الأسمنت والصلب والأخشاب المستخدمة في البناء بالبلاستيك المشتق من النفط.
وبحسب التحقيق فقد قال أحد المسؤولين "الهدف من قطاع النقل هو تعزيز استدامة وقود النقل على المدى الطويل. نحن نتحدث عن الديزل والبنزين ووقود الطائرات".
يأتي ما كُشف؛ في تطبيق عكسيّ لما دعا إليه رئيس البنك الدولي أجاي بانجا مؤخراً؛ على ضرورة قيام البلدان والشركات الغنية بمساعدة البلدان النامية على تحقيق قفزات فوق النمو الاقتصادي المعتمد على الوقود الأحفوري لصالح تنمية مواردها المتجددة. معتبراً أنها ستكون الطريقة الوحيدة لتحقيق صافي انبعاثات كربونية صفرية بحلول عام 2050، بما يتماشى مع أهداف اتفاق باريس، لتقييد التدفئة العالمية بأقل من درجتين مئويتين.
كما أنه يأتي منافيا لكل مزاعم "الحكم المتهوّر" الذي يديره محمد بن سلمان، الساعي لتصعيد صورة بلاده عالميا مستفيدا من القضايا المستجدة عالميا كمسألة المناخ. لكن الحقائق تكاد تسابق المزاعم، فتُثبط أكاذيب الحكم اللاهث وراء استحسان وقبول عالمي.
وفي تعليقه على التحقيق الذي أجرته القناة الرابعة الإخبارية، قال محمد أدو، مدير Power Shift Africa، التي تقوم بحملات بشأن العمل المناخي في أفريقيا: “في الوقت الذي يقوم فيه بقية العالم بتنظيف وفطام نفسه عن الوقود الأحفوري القذر والملوث، فإن السعودية أصبحت تسعى بشدة للحصول على المزيد من العملاء وتحول أنظارها الآن إلى أفريقيا"، متابعاً "انها مثيرة للاشمئزاز".
ارسال التعليق