غزوة اسطنبول كشفت تفاهة وسفاهة النظام السعودي
بقلم: د. عبد الحي زلومجاءت جريمة الخاشقجي لتكون دليلاً قاطعاً لما كان يعرفه أكثر الناس بأن شرعية الانظمة العربية تأتي من خارج حدودها من الدول التي رسمت تلك الحدود ، وأن هذه الانظمة تخدم من يعطيها الشرعية وأن بقائها في الحكم أو عدمه هو لمن يعطيها تلك الشرعية. وبينت أن المستعمرين ليس لهم صديق . فمصلحتهم هي أولاً وأخيراً . وهم ينظرون لمن اعتبروا انفسهم حلفاء بانهم ليسوا أكثر من وكلاء . ويحق للاصيل أن يعزل الوكيل في اي وقت شاء .
وقد بينت الايام أن تلك الانظمة (اسد علي وفي الحروب نعامة) . وكذلك بانه ليس لطمع مشغلي الانظمة في الخارج حدود لاستغلال بلدان الوكلاء. وكلما نهبوا ملياراً قالوا هل من مزيد ؟ وأنهم ينظرون بازدراء الى وكلائهم. فبعد أن دفع طويل العمر الامير اكثر من اربعمائة مليار دولار كعربون لتثبيته ولياً للعهد ومع أنه قد ربط ما يزيد عن مئة مليار دولار لشراء اسلحة ارضاء المؤسسة الصناعية العسكرية الامنية و بالرغم من وجود ملايين الفقراء والعاطلين عن العمل في بلاده، الا ان الرئيس الامريكي لم يتردد في اهانة النظام السعودي بوقاحة بلغت مداها اثناء الانتخابات النصفية الامريكية حينما خاطب الملك السعودي قائلاً له (انتم لا تستطيعون البقاء في الحكم اسبوعاً بدون حمايتنا لكم). وصلتني هذه الاهانة وأنا على بعد الاف الكيلو مترات وليس بيني وبين الحكم ناقة ولا جمل . فهو اولاً وأخيراً يخاطب خادم الحرمين الشريفين وما هكذا يخاطب الملوك.
بينت حادثة الخاشوقجي اكذوبة حقوق الانسان التي تدّعيها الولايات المتحدة لمن كان يصدقها وتفاهة ذلك النظام الذي يُكذّبُ اجهزة استخباراته التي يصرف دافع الضرائب الامريكي ما يزيد عن 60 مليار دولار في السنة عليها ويصدق متهماً قال عن نفسه انه بريء!
وتبين أن الشعوب قد تم ارهابها و تدجينها، فأصبحوا كالسكارى وما هم بسكارى وكأنهم في فترة (فقدان الوعي) لا يرون ولا يفقهون وكأن ثروات الامة المنهوبة هي في بلاد الماوماو وليس في بلادهم أو كانها ملكٌ للاجانب وأن انظمتهم ما هي الا حراس مرتفعي الاجر عليها.
كما تبين اننا نعيش في عالم منافق ينطبق عليه بيت الشعر الذي يقول :
“قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر وقتل شعب أمنٍ قضية فيها نظر “. هناك ما اسمتهم الامم المتحدة اكبر مآساة انسانية في العصر الحديث في اليمن وهناك اكثر من مليوني مواطن يعيشون في سجن كبير اسمه غزة .
وتبين فضاضة ونفاق وعاظ السلاطين وشيوخ الافك لدرجة انهم يخالفون كتاب الله وآياته من على منبر الحرم المكي الشريف حيث يقول أحدهم ان الرسول قال في حديث من احاديثه انه سيكون في كل عصر رجل من امتي ينهضون بالامة وان هذا الرجل اليوم هو ولي عهدنا وذلك بمخالفة صريحة للاية القرانية التي تقول (ومن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا ). ونسأل اصحاب الفقه والتفسير من اصحاب الراي والراي الاخر في الدوحة ان يعلمونا أن كانت الصلاة وراء مثل هؤلاء جائزة أم لا ؟
ونتعلم أن ليس للاباطرة ولا السلاطين صداقة أو وفاء حتى لمن يخدمونهم بتفاني واخلاص مما يذكرني كم كان حكيماً والدي حينما كان يقول دائماً :”اذا اردت ان تكن سلطان فابعد عن السلطان . ” واضيف ، خصوصاً في هذا الزمان .***وما علاقة خاشوقجي وابن سلمان وترامب وغزة وازمة حكومة نتنياهو؟
وضعت ادارة ترامب بالتنسيق مع نتنياهو كل بيضاتها في سلة ابن سلمان . فالشاب طموح وهو على استعداد ان يقدم كل شيئ للوصول الى طموحه .
اذا كان نتنياهو يريد صلحاً مجانياً بل ومدفوع الثمن من البترودولارات و وتصفية القضية الفلسطينية والاعتراف بالقدس عاصمة لكيانه فقيل له سمعا وطاعة . دعى بن سلمان محمود عباس وطلب منه الموافقة على صفقة نتنياهو- كوشنر وقيل له سندفع لكم عشر مليارات دولارات لتنفيذها . اجابه عباس بأنك تعرف أنني تنازلت عن بلدتي صفد بل وعن كل فلسطين واني خدمت واخدم الاحتلال بكل كفاءة واخلاص وانسق معه امنياً بل واقبل ان لا اتحرك من شارع الى شارع في رام الله الا بموافقة مجندة في جيش الاحتلال . لكن هذا الطلب سابقٌ لاوانه فقد يكون تنفيذه الشعرة التي ستقطع ظهر البعير وتخرجني من السلطة وانا ما ازال في عز شبابي في الثمانين من عمري . فقيل له اخرج فإنك من المغضوب عليهم والضالين .
قيل للشاب الطموح لِما لا تزر الكيان الصهيوني فقام بزياة تل ابيب سراً حسب ما نقلته الصحافة الصهيونية والله اعلم .
قيل له ان عدو الكيان الصهيوني هم حماس وحزب الله وايران فقال لهم اعداؤكم هم اعدائي . قالوا له انهم ارهابيون . قال لهم انهم كذلك.قالوا له لما لا تقول جهاراً نهاراً بأن لليهود حق في دولة في ارضهم في فلسطين . فقال سمعاً وطاعة وصرح في خطاب له اثناء زيارته الاخيرة للولايات المتحدة أمام جمع يهودي : “لليهود الحق في العيش في دولة على ارضهم”. فمال الحاضرون طرباً يميناً وشمالاً .
ثم يأتي شخص من الموالين للنظام السعودي وفي سيرته الذاتية انه كان نقطة اتصال بين المخابرات السعودية ايام تركي الفيصل وايام الحرب الامريكية على الاتحاد السوفياتي في افغانستان فكان حلقة وصل مع المقاومة الافغانية واسامة ابن لادن وحركته . ولاخر ايامه كان يقول أنه مع النظام قلباً وقالباً وكل ما يتمناه ان يتكرم ابن سلمان بشيئ من الديمقراطية حفاظاً عليه .
ثم جاءت جريمة الخاشوقجي فجاء ما لم يكن في الحسبان . وضعت اسرائيل والولايات المتحدة كل بيضاتها في سلة ابن سلمان . هناك صفقات وصفقات منها ما هو في السر ومنها ما هو في العلن . رأى الكيان الصهيوني ان هذه الايام هي فرصةٌ للتطبيع ولتصفية القضية الفلسطينية و لانشاء احلاف تقودها الولايات المتحدة اسماً والكيان الصهيوني فعلاً باموال البترودولارات العربية ليقاتل المسلمون العرب اخوانهم المسلمين الايرانيين حتى اخر عربي واخر بترودولار .
ثم تجيء قضية مقتل رجل واحد ليضيع كل شيء بما فيها من منافع شخصية لكوشنر وعائلة ترامب ؟ ما هذه التفاهة وهذا النفاق ؟ يقول الصهاينة الامريكان نحن قتلنا المئات والالوف ومازلنا نفعل ذلك فما المشكلة في قتل رجل واحد وتقطيع اجزاءه وحتى اذابته بالاسيد ؟ انه ليس الاول ولن يكون الاخير فما هذا النفاق ؟
حاول الصهاينة التحايل على المقاومة الفلسطينية في غزة بالتنسيق مع حلفائهم الصهاينة العرب عن طريق العصا والجزرة . ولما تبين للمقاومة ان الجزرة مسمومة قام الصهاينة بعمليتهم الاستخباراتية فأفشلتها يقظة المقاومة . فاضطر الصهاينة بالعدوان الكثيف للسماح لمن تبقى من جنودهم للانسحاب فردت المقاومة باطلاق صواريخها التي كانت افضل اداءاً من سابقاتها .
بعد أن فشل نتنياهو في اعتداء 2014 والذي دام اكثر من خمسين يوماً لم يوافق على التصعيد والذي طلبه وزير عدوانه لبرمان والمسمى دبرمان . جاء هذا المخلوق من الاتحاد السوفياتي السابق حيث كان يعمل بلطجي (bouncer) في ملهى ليلي هناك. واصبح وزيراً في بلد مسروق وطالب بعقلية البلطجي الدخول الى غزة . قال نتنياهو إن ذلك سيكلف اكثر من مقتل 500 جندي وبدون نتيجة وسيُخرِب طبخة التطبيع وتصفية القضية الفلسطينية والاحلاف والتي لا يمكن أن تتم في اجواء اعتداء صارخ على غزة .
الصهاينة اليهود والعرب يريدون والله فعال لما يريد .
جاءت جريمة الخاشوقجي وجرائم العدوان على غزة ورد المقاومة بما نتج عنه من الاعجاب لفئة قليلة محاصرة من الصهاينة العرب واليهود في سجن كبير ينقصها الغذاء والماء وكل شيء الا ايمانها بالله وعدالة قضيتها .
يعيش العالم اليوم فترةً انتقالية مضطربة ما بين عصرين تنكمش فيها السطوة الامريكية واحاديتها ويعيش النظام الرسمي العربي سكرات الموت ويتمسك بخيوط العنكبوت بامبراطورية في حالة أنحدار وعلى دولة هي اوهى من خيوط العنكبوت .
***كشف حساب: أين أوصلنا نظام القبائل والعوائل بعد مئة عام . ابدع الشاعر العربي من تونس مازن الشريف في وصف مآساة الأمة في هذه القصيدة:
يا أبي حزن ببوح الحُنجرةْ وجع بهذا الصّدر يُغمد خنجرهْهي حيرةٌ مثل الهزيمةِ مُرّةٌ ما للعروبة كالحُطام مُبَعثرهْأنّى نظرتُ رأيتُ موتا صارخا لكأنّما وطنُ العروبة مَقبرةْفي القدس ما في القدسِ أو في غزّةٍ قد عاث صهيونٌ وأرسل عَسكرهْبغدادُ أو في الشّامِ جُرحٌ واحدٌ من فخّخَ الوطنَ الجميلَ وفجّرهْوالدينُ دينُ اللهِ إلا أنّه لم يرضَ شيخُ الإفكِ حتى زوّرهْفي كل شبر من ثرانا لوعةٌ في كل ركن من مدانا مجزرةْفي مَطمَعٍ للغرب صرنا لُقمة في نظرة للغرب صرنا مَسخرةْقل يا أبي هل ضاع حقًّا حلُمنا ما عاد فينا خالدٌ أو عنترةْماذا يقول الحرف في خطّ المدى وطنٌ تدلّى من حبالِ المِشنقةإن مرّ عصفور يُغني مغرما كسروا جناحيه أماتوا الزّقزقةْقد فكّكونا كالطوائفِ وانبرى كلٌّ يشدّ الكلَّ حتى يخنُقهْآه بنيّ اليوم كم من طعنة في الصدر تأتي من أخ ما أحمقهْ
ارسال التعليق