لماذا تتخذ السودان مواقف عدائية ضد مصر؟
تمر العلاقة المصرية السودانية في الآونة الأخيرة بحالة من عدم الاستقرار، ففي حين تحاول القاهرة استخدام الدبلوماسية الهادئة في توجيه رسائلها للخرطوم، بدت الأخيرة في خطابها أكثر حدة، وهو ما تجلى في عدد من التحركات والقرارات التي تؤشر على توجه سوداني جديد في التعامل مع مصر، الأمر الذي يطرح تساؤلات مهمة بشأن التوجه السوداني في الفترة الأخيرة.
تحركات عدائية
قام رئيس السودان عمر البشير، مؤخرًا، بزيارة إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، أكد خلالها أن الأمن القومي الإثيوبي جزء لا يتجزأ من الأمن القومي السوداني، مشددًا على أن أي تهديد لأمن إثيوبيا هو تهديد مباشر لأمن السودان، ما فهم منه البعض أن المقصود من وراء ذلك مصر.
بالإضافة لما سبق، قامت القوات الجوية السودانية والسعودية، بإجراء تدريبات مشتركة، بالقرب من الحدود الجنوبية لمصر، وقال نائب رئيس أركان القوات الجوية السودانية، اللواء صلاح الدين عبد الخالق، إن التدريبات تهدف إلى رفع القدرات القتالية للقوات الجوية في البلدين، وإعدادها لمواجهة أي عمليات مشتركة مستقبلا.
ليس هذا فحسب، بل شن وزير الإعلام السوداني، أحمد بلال، تصريحات غريبة ضد مصر، أكد خلالها أن أهرامات السودان أقدم وأعرق من الأهرامات المصرية، وأن فرعون موسى لم يكن مصريًا كما يزعم البعض بل كان سودانيًا.
علاوة على ما أعلنت عنه شعبة مستوردي الخضر والفواكه السودانية، عن اعتزامها توقيع عقود جديدة لاستيراد بعض الخضراوات والفواكه من دول المغرب وسوريا ولبنان وإسبانيا وجنوب إفريقيا، عوضا عن الخضر والفواكه المصرية المحظور دخولها إلى البلاد منذ نحو عام.
بالإضافة لما سبق، أعلن متحدث باسم الشرطة السودانية، أن الخرطوم قررت فرض تأشيرة دخول على المصريين الذكور الذين تتراوح أعمارهم ما بين 16 و 50 عاما، وذلك بعد أن كان مسموحا لكل المصريين دخول السودان دون تأشيرة.
أبعاد التوجه الجديد
تغير الموقف السوداني، والدعم الأخير لإثيوبيا، وتعمد إخراج القاهرة من المشهد ونظام التأشيرة المفروض مؤخرًا، قد يعود إلى تحسن علاقات السودان مع دول الخليج، فبحسب الدكتور هاني سليمان، الباحث المتخصص في الشؤون الدولية والعربية فإن الزيارات الخليجية للخرطوم خاصة قطر والسعودية، في ظل علاقة يشوبها التوتر بين هذين الدولتين مع مصر، أحد أسباب استقواء السودان مؤخرًا، خصوصًا وأن الخرطوم لم تعد بحاجة ماسة إلى القاهرة بالنظر إلى أنها لم تحصل على مكاسب من النظام المصري.
في السياق ذاته، لا يمكن فصل زيارة البشير إلى السعودية، في يناير الماضي، عن سياق التصعيد السوداني ضد مصر، فبينما أعلن الرئيس السوداني عمر البشير عن انضمام قوات إضافية سوادنية للتحالف العربي في اليمن بقيادة السعودية، شن البشير، عبر قناة العربية، هجومًا عنيًفا على مصر، واتهمها بالتدخل في شؤون السودان، وتقديم الدعم للمعارضين والوقوف بجوار رئيس جنوب السودان سلفا كير، إضافة إلى إثارة ملف مثلث “حلايب وشلاتين” والتهديد باللجوء لمجلس الأمن الدولي حال عدم موافقة مصر على التفاوض بشأن هذا المثلث.
وأشار سليمان، إلى أن مشاركة الخرطوم بشكل واسع في القوات العربية في الحرب اليمنية أعطاها قوة إضافية وجرأه في تصعيدها ضد القاهرة، مؤكدًا أن الدعم السعودي للسودان لم يتوقف منذ انضمام الخرطوم إلى التحالف، وكان آخره التعاون العسكري المشترك، الذي أعلنت وزارة الدفاع السودانية عنه، مارس الماضي، إذ يجري السودان مناورات عسكرية مشتركة مع السعودية، في منطقة مروى على الحدود السودانية مع مصر.
ولم يكن ملف تيران وصنافير هو الآخر بعيدا عن التصعيد السوداني في رأي الدكتور هاني سليمان، مؤكدًا أن تنازل القاهرة للسعودية عن الجزيرتين جعل السودان تعتقد أن هذا هو الوقت المناسب للمطالبة بحلايب وشلاتين.
وفيما يخص التحرك السوداني نحو إثيوبيا، أكد سليمان، أنها تعتبر مكايدة سياسية، لا سيما وأن تضرر السودان من إنشاء سد النهضة سيكون أقل من تضرر مصر كثيرًا.
بقلم : محمود علي
ارسال التعليق