لماذا هذا الدفاع المحموم عن آل سعود ومندسيهم؟
التغيير
لقد باتت الصورة واضحة اليوم أكثر من أي وقت مضى كوضوح الشمس في رابعة النهار فيما يخص دور آل سعود والإمارات وإسرائيل، وأمريكا، في تنظيم ودعم وتمويل التظاهرات التي يسميها البعض بـ(الوثبة التشرينية) التي بدأت سلمية وعفوية وحتى بلا قيادة، كما أدعوا، ولكن سرعان ما تم استخدام المتظاهرين الحقيقيين كمجرد شرارة لتفجير الشارع العراقي المحتقن دائماً بالغضب على الحكومة الفاسدة، وإذا بالمطالب المشروعة العادلة ما هي إلا ذريعة وأقوال حق يراد بها باطل، إذ كما تبين فيما بعد أن الغرض ليس تحقيق مطالب مشروعة وإصلاح حكومة فاسدة، بل لإسقاط النظام الديميقراطي، والعملية السياسية برمتها، وكل ما تحقق من مكتسبات منذ 2003، وإغراق العراق في فوضى هدامة عارمة تهيئ الأجواء لقيام إنقلاب عسكري، وربما لتسليم السلطة إلى البعث الفاشي تدريجياً كما حصل من قبل.
ولقد حذرنا حول هذه الانتفاضة ومخاطرها، بدور الحكومات الأجنبية وخاصة نظام آل سعود وغيرهم لما يخططون لتدمير العراق، بسبب عداء السعودية التاريخي للعراق في جميع مراحل تاريخه الحديث، وخاصة في مقالي الأخير الموسوم: (متى كانت السعودية نصيرة لثورات الشعوب؟)، والذي يبدو أنه قد آلم الكثيرين من الذين تورطوا في دعم هذه التظاهرات وإصرارهم على إنكار أي دعم أو توجيه خارجي، أو دور لأيتام البعث والدواعش المندسين فيها لاختطافها وحرفها عن أهدافها المشروعة لأغراض تدميرية تخدم أسيادهم من وراء الحدود. ولما وضحت لهم الصورة، أخذهم العناد، و العزة بالإثم، فما لهم إلا المزيد من الإصرار على موقفهم الخاطئ.
وحفاظاً على عقول القراء من التضليل رأينا من المفيد الرد على إحدى هذه المقالات وهي مقالة السيد مهدي قاسم في صوت العراق، بعنوان: (الأسلوب الغوبلزي في مقالة عبد الخالق حسين الأخيرة). ومن العنوان التسقيطي هذا يعرف القارئ الكريم عن المستوى الفكري والأخلاقي لهؤلاء. فأكثر الذين تبنوا (الأسلوب الغوبلزي)، هم البعثيون ومن يدافع عنهم في هذا الزمن الردئ، زمن الخديعة والتضليل، والسيد مهدي في اتهامه لي بالأسلوب الغوبلزي يطبق المثل مصري القائل: (ضربني وبكى، سبقني واشتكى). فالإناء ينضح بما فيه.
والغريب أني لاحظت من سياق مقاله هذا، الإصرار في دفاعه المحموم عن آل سعود ومرتزقتهم من البعثيين والدواعش، وتبرئتهم من أي دور تخريبي في هذه التظاهرات. وراح يتهمني وباسلوب استفزازي وابتزازي رخيص بـ((الوقوف النهائي إلى جانب سلطة الفساد و العمالة للنظام الإيراني في المنطقة الخضراء و بضد من إرادة مئات آلاف المتظاهرين من أجل الخبز والعمل و تحسين الخدمات، و الذين ليسوا في نظره سوى ” مندسين مخربين” الذين يريدون تدمير العراق بناء على توجيهات صادرة لهم من الولايات المتحدة الأمريكية و السعودية و الإمارات !!))
فمن هذا الاقتباس نعرف أن الكاتب ينفي نفياً قاطعاً وجود مندسين مخربين، وتوجيهات أجنبية. وهذا يعني أن حرق البيوت والمؤسسات الحكومية، و حرق إطارات، ومحاولات تدمير المؤسسات النفطية باعتراف تقرير نشرته قناة الحرة الأمريكية على صفحتها الأكترونية، وغيرها كثير، كلها من قبل المتظاهرين السلميين. فهل حقاً المتظاهرون السلميون هم الذين يقومون بهذه الأعمال الإجرامية؟ أليس هذا دفاعاً مسعوراً ومدفوع الثمن مسبقاً عن المخربين الحقيقيين الذين يتلقون الدعم المادي والمعنوي والإعلامي من دول المنطقة وأمريكا وبريطانيا؟ فيا ترى، من الذي يشوه صورة التظاهرات السلمية، أنا الذي أدافع عن المتظاهرين السلميين، ومطالبهم المشروعة، أم أنتم الذين تنفون وجود المندسين وتبرؤونهم من كل هذا التخريب؟ أي بعبارة أخرى أنه يقصد بأن المتظاهرين الحقيقيين السلميين هم الذين يقومون بهذا التخريب. فمن هو الذي يسيء إلى صورة المتظاهرين السلميين، أنا أم أنتم؟
لقد بلغ الحماس بالكاتب في دفاعه عن آل سعود وتبرئتهم من أي تدخل، إلى حد أنه راح يتهم إيران والمليشيات العراقية بأعمال الشغب وقتل الأبرياء و التخريب، يعني إيران قامت بحرق قنصلياتها في العراق لتشويه صورة التظاهرات السلمية!!! فهل هناك منطق مفلوج أكثر من هذا الكلام اللامعقول السخيف.
أيها السادة، أنا لا أدافع عن إيران، ولكن ومنذ بدء الانتفاضة، لم نسمع منكم أي نقد وإدانة لآل سعود وغيرهم من الدول التي تريد بالعراق شراً.
وليته اكتفى بهذا القدر من الاتهامات، بل راح مهدي قاسم يتهمني بأني أحرض ضد سكان محافظة ذي قار، ويتزلف إليهم ويدعي بأني اتهمهم بكل ما يجري من تخريب في محافظتهم. وهذا الكلام هو الآخر افتراء وتبرئة للمخربين الدواعش والقناصة الذين يقتلون الأبرياء. لا ننسى أن تقريراً من وكالة المخابرات الأمريكية (CIA)، أفادت قبل أشهر بأن في العراق نحو 20 إلى 30 ألف داعشي منظمين في خلايا نائمة ينتظرون الوقت المناسب لزعزعة الوضع في العراق. بالتأكيد هذه فرصتهم، ولا شك أن كل الأعمال التخريبية منهم، سواءً في بغداد أو المحافظات الأخرى.
وليعرف هؤلاء أني لست وحدي الذي يقوم بفضح دور آل سعود والإمارات وإسرائيل، وأمريكا في تخطيط ودعم هذه “الانتفاضة المعجزة”، بل هناك عشرات الكتاب الشرفاء الوطنيين الواعين، وهم مثلي ينتقدون الحكومات الفاسدة منذ 2003 وإلى الآن، ويحذرون من الفساد والتلكؤ في الخدمات، وتفشي البطالة، ولكنهم في نفس الوقت، انتبهوا إلى اللعبة القذرة التي يراد بها تدمير العراق باسم الشيعة، وباسم المطالب المشروعة.
نعم نحذر الجميع من فدائيي صدام وغيرهم المنظمين في التيار الصدري، والدواعش، أنهم على استعداد للتحالف حتى مع الشيطان لتدمير العراق من أجل خلق أجواء الفوضى الهدامة وجعل العراق غير قابل للحكم، تبرر لإلغاء الديمقراطية والعملية السياسية برمتها، تمهيداً لانقلاب عسكري يتسلل من خلاله حزب البحث للسلطة. وهذا ما نحذر منه، ولا تخيفنا ابتزازات المخدوعين، أو من باعوا أنفسهم للشيطان.
ارسال التعليق