ما خيارات حكومة اليمن بعد سيطرة الانتقالي على سقطرى؟
التغيير
فتح اقتحام "المجلس الانتقالي الجنوبي"، المدعوم من الإمارات، مدينة حديبو، عاصمة أرخبيل سقطرى في المحيط الهندي قبالة سواحل اليمن الجنوبية، وسيطرته على مقار رسمية، الباب واسعا أمام خيارات حكومة هادي، التي وصفته بـ "الانقلاب".
اللافت أن هجوم الانتقالي، المدعوم إماراتيا، جاء أمام مرأى قوات آل سعود المتواجدة هناك، التي لم تتحرك رغم طلب قوات حكومة هادي الإسناد.
وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية بحكومة هادي، محمد الحضرمي، إنه "لا يمكن أن نقبل بأن يكون اتفاق الرياض ذريعة لاستمرار التمرد المسلح من قبل مليشيا ما يسمى المجلس الانتقالي، أو أن يكون أداة ضغط لشرعنة من يصر على انقلابه".
وتابع وفق ما نشرته حساب وزارته بموقع "تويتر" السبت: "اتفاق الرياض جاء لإنهاء التمرد، وتوحيد الجهود لمواجهة مشروع أنصار الله، وليس لشرعنة استمرار التمرد على الدولة" حسب زعمه.
وحسب الوزير الحضرمي، فإن التصعيد الأخير غير المبرر في سقطرى من قبل مليشيات ما يسمى المجلس الانتقالي سيضاف إلى قائمة انتهاكاته التي سيحاسب عليها، مؤكدا أن استمرار هذا التمرد المسلح دون رادع سينهي كل ما تبقى من أمل في تنفيذ اتفاق الرياض، الذي جاء في الأصل من أجل إنهائه.
"خيارات محدودة"
ويرى الكاتب والباحث السياسي اليمني، عدنان هاشم، أن "سقطرى" كانت كاشفة حول ما ستؤول إليه الأوضاع في جنوب اليمن مستقبلا، وردة الفعل من الإمارات وآل سعود حولها.
وقال في تصريحات إعلامية: إذا ما استمر الوضع الحالي باعتقادي، فإن "الأرخبيل اليمني" أصبح مستعمرة خاصة بالإمارات، وستلحقه محافظات ومناطق في معظم جنوب اليمن.
وأضاف أن السيطرة من قِبل حلفاء الإمارات على الأرخبيل تأكيد على أنها فقدت السيطرة على مناطق حُكمها، مشيرا إلى أن ذلك يؤسس سلطات أمر واقع شمالا وجنوبا، لا تكون حكومة هادي طرفا فيها.
وحول الخيارات أمام حكومة هادي، أكد الباحث السياسي اليمني أنها "محدودة"، موضحا أنها من ناحية غير قادرة على مواجهة حلفاء الإمارات جنوبا، ومن الصعب عليها الإعلان عن وقف العمليات العسكرية ضد أنصار الله وخروج التحالف.
ومضى قائلا: "ليست في موقف قادر على أخذ أحد الخيارات، متوقعا أنها ستلجأ للضغط الدولي لوقف الإمارات، ومحاولة الحصول على ضغط داخل مملكة آل سعود لدعم موقفها، مع أن ذلك يبدو بعيد المنال في الوقت الحالي".
"العودة أو الاستسلام"
من جهته، قال رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات، أنور الخضري، إن ما يجري في سقطرى هو انتزاع لأراض يمنية عبر مليشيات ممولة إماراتيا متمردة على الدولة.
وتابع حديثه: "هذه بادرة واضحة لعبث التحالف خارج ميدان مواجهة أنصار الله بصنعاء". وبحسب الخضري، فإن سقطرى بعيدة عن مسرح عمليات المواجهة مع أنصار الله في صنعاء.
وأشار إلى أن ذلك يأتي في إطار مشروع الإمارات القائم على احتلال الجزر والموانئ اليمنية، وانتزاعها من السيادة اليمنية.
وأكد السياسي اليمني أن هذا الفعل الذي قام به المجلس الانتقالي باعتدائه على المحافظ الرسمي وأجهزة الدولة الرسمية يعد جريمة تنسب لبقية جرائم الانتقالي، وستدفع لمقاومتها من أبناء سقطرى بكل قوة، لافتا إلى أن "الشرعية شرعية أصحاب الأرض".
وأوضح رئيس مركز الجزيرة أن حكومة هادي تتعامل مع التفاصيل، في حين تتآكل شرعيتها، ويتقلص نفوذها على الأرض، ويسحب منها البساط.
وقال: هي أمام خيارين؛ "إما العودة للوطن وإنهاء دور التحالف، أو الاستسلام".
"طعنة غادرة"
وأفادت مصادر محلية مطلعة بأنه في الشهرين الماضيين، وعقب التمرد الذي قاده أركان حرب اللواء الأول مشاه بحري، ناصر قيس، وتسليمه مخازن السلاح في الجزيرة للمليشيات التابعة للانتقالي، طلب محافظ سقطرى من قوات آل سعود دعم قواته بالسلاح.
وأضافت المصادر أن قائد قوات آل سعود رد على محافظ سقطرى، رمزي محروس، بأنه لا يستطيع إلا بتوجيهات من قيادته بمملكة آل سعود، مشيرا إلى أن تسليح قوات هادي محدود ومقتصر على السلاح الخفيف فقط.
وأكدت المصادر أن قائد قوات آل سعود قطع وعودا زائفة بإنهاء التمرد داخل مقر اللواء الأول مشاه بحري، وتدخلوا بوساطة وقع عليها الطرفان، لا سيما عقب صد قوات حكومية محاولة لمليشيات الانتقالي لاقتحام مدينة حديبو، مطلع أيار/ مايو الماضي.
وبحسب أحد المصادر، فإن سلطة هادي في سقطرى تعرضت لطعنة غادرة من قوات آل سعود، بعدما سلمت النقاط ومواقع استراتيجية تسلمتها من قوات الأمن، بموجب اتفاق رعته يوم الأربعاء، في المدخل الغربي من حديبو، للمليشيات التابعة للمجلس الانتقالي، موضحا أن ذلك مهد الطريق أمام دخول مدينة حديبو، مستخدمة مركبات مدرعة سلمتها قوات آل سعود سابقا للواء المتمرد.
وأفاد مصدر محلي مسؤول بأن إمكانيات قوات هادي محدودة أمام الترسانة التي استخدمها الانفصاليون لاقتحام مدينة حديبو، مؤكدا أنه عقب ذلك، وبالتزامن مع خذلان قوات آل سعود التي جاءت لدعمها، قررت قيادة قوات هادي الانسحاب من المواجهة، والاحتفاظ بقواه البشرية.
وفي وقت سابق السبت، كشف محافظ سقطرى، عن تعرض المحافظة لخذلان وصمت مريب ممن كانت تنتظر مؤازرتهم"، في إشارة إلى التحالف العسكري بقيادة آل سعود.
وشدد محروس على أن "سقطرى لن تقبل بمليشيا العبث وداعميها، ولن يسلم السقطريون أرضهم، وسيكون لكل مقام مقال"، مؤكدا أن "كل شبر من سقطرى يرفض الوصاية والعبث، وستبقى شامخة أبية حرة بكل أهلها الطيبين الشرفاء".
وسقطرى، كبرى جزر أرخبيل يحمل الاسم ذاته، مكونة من 6 جزر، وتحتل موقعا استراتيجيا في المحيط الهندي قبالة القرن الأفريقي، ظلت محل توتر وأزمات متصاعدة بين الإمارات وحكومة هادي، لتدخلها ضمن التحالف العسكري بقيادة آل سعود في العام 2015.
ارسال التعليق