ما دور 'اسرائيل' في قصة التقارب التركي العربي؟
بقلم: السيد ابو ايمان…يقال ان الدول الاربع المقاطعة لدولة قطر (السعودية الامارات البحرين ومصر) وخاصة السعودية منها، تعلم أن تركيا لاعب إقليمي أساس لا يمكن إغفال دوره في عدد من الملفات الحيوية بالمنطقة، ومع ذلك تتريث حاليا في إعادة العلاقات إلى سابق عهدهامع انقرة.
علاقات تركيا بالسعودية توترت بسبب دعم أنقرة لقطر خلال مقاطعة الدول الخليجية ومصر لقطر ثم تصاعد التوتر إلى مرحلة الأزمة بعد اغتيال الكاتب والصحفي جمال خاشقجي، الذي كان معارضا لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، داخل قنصلية بلاده في إسطنبول.
وعقب تلك التطورات تأزمت العلاقات أكثر، ووصلت إلى حد المقاطعة التجارية للمنتجات التركية في السعودية، التي انعكست آثارها بالسلب على نسبة الصادرات التركية إلى أراضي المملكة، منذ أكتوبر العام الماضي.
تركيا التي كانت حاضرة "منذ أكثر من ثلاث سنوات" في الساعات الأولى للقرار (السعودي الاماراتي البحريني المصري) بمقاطعة قطر، الذي ادى الى نفور دبلوماسي ثم اقتصادي لهذه الدول وابتعادها عن قطر وثم عن تركيا، أعادت مؤخرا سلسلة الاحداث بصور معكوسة هذه المرة وتحديدا في يناير الماضي، بموقف يبتعد كل البعد عن السابق، عندما رحبّت وبعثت برسائل إيجابية بشأن المصالحة الخليجية التاريخية في العلا.
في تطور جديد، كشف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، طبيعة العلاقات بين بلاده والسعودية، ملمحا إلى إمكانية حدوث تطور في العلاقة التركية مع مصر، ذلك في ظل مساعي أنقرة في الاشهر الاخيرة، أن تكون خلافاتها مع الدول الخليجية والعربية من الماضي، نظرا للظروف الاقتصادية السيئة التي تمر بها، ونظرا للمعاناة التي خلفتها جائحة كورونا.
قال أردوغان، خلال مقابلة أجرتها معه قناة "تي آر تي" التركية، إن تركيا "ستعمل على الارتقاء بالعلاقات مع السعودية إلى مكانة أفضل"، مؤكدا أن هذه العلاقة متواصلة مع مصر على مستوى الوزراء، ويمكن أن تحدث تطورات مختلفة للغاية بهذا الخصوص".
الرئيس التركي ذهب الى ابعد من ذلك بتشديده القول إن بلاده ستتخذ خطوات تقارب مماثلة مع مصر و"إسرائيل"، بعد المحادثات مع الإمارات، بحسب ما نقلته وكالة "رويترز".
في هذه الاثناء، كشف موقع (Responsible Statecraft) الأمريكي في تقرير، عن خفايا مساعي لوبي سعودي اماراتي لزعزعة استقرار تركيا عبر التحريض على نظامها الحاكم بوصفه بـ"المستبد"، متجاهلا الاستبداد المركب لحكام السعودية والدول الخليجية قاطبة.
قال الموقع الاميركي، إن جماعة ضغط أمريكية تهاجم السياسة التركية تدعى "جماعة مشروع الديمقراطية التركية"، على صلة غامضة بالسعودية والإمارات، ملمحاً إلى أن طبيعة هذه العلاقة، قد تؤشر لتلقى الجماعة تمويلاً من الدولتين (السعودية والامارات)، غير ان حكومة الرئيس الاميركي "جو بايدن"، تعرقل كشف حقيقة الأمر.
الموقع المذكور القى الضوء على شبكة علاقات هذه الجماعة الغامضة بالسعودية وكذلك أعضاء الجماعة الذين ينتمون إلى اليمين المتشدد للحزب الجمهوري، وهي جماعة دُشِّنَت الصيف الماضي بهدفٍ ينصُّ على تعزيز الديمقراطية في تركيا، ولكن المفارقة أن الجماعة لا تتضمَّن أعضاءً أتراكاً في مجلسها القيادي.
ولرسم خارطة أكثر وضوحا وتوضيحا للعلاقات العربية التركية مع كيان الاحتلال الاسرائيلي، جاء في تقرير الموقع المشار اليه اعلاه، انه حتى قبل التطبيع الرسمي مع "إسرائيل"، حدث تقارب بين اللوبيات الاميركية الداعمة لتل أبيب في الولايات المتحدة، واللوبيات الداعمة للدول الخليجية، وخاصة الإمارات 'صديقة "إسرائيل" الجديدة'، وكان أحد أسباب بروز الإمارات كفاعل إقليمي في العقد الأخير اللوبي الإماراتي النشط في واشنطن وغيرها من العواصم الأوروبية.
ماذا يدور في المنطقة؟
تركيا خلال العقدين الماضيين، شهدت تذبذبات وتقلبات دراماتيكية، فهي تحاول جاهدة اعادة علاقاتها مع دول رفضتها بالامس، كما انها رفعت لواء الدفاع عن فلسطين، بينما نراها تقيم علاقات عسكرية وامنية واقتصادية استراتيجية مع الكيان الاسرائيلي، واليوم وهي تغازل الامارت عبر تناولها قضية الجزر الايرانية الثلاث، رغم التوتر المتصاعد الذي ساد منذ عام 2016 مع الإمارات في أعقاب الانقلاب الفاشل في تركيا، وكذا مع السعودية حيث تصاعد التوتر بينهما بشكل أساس منذ عام 2018، على إثر حادثة مقتل خاشقجي في إسطنبول، وبذلك تعتقد أنقرة ضمن سياساتها في اللعب على المتناقضات انها ستفتح خزائن الامارات والسعودية على مصاريعها امام اقتصادها المنهار والمنهك بسبب مغامرات تركيا الخارجية في سوريا والعراق وعموم منطقة الشرق الاوسط.
بالنسبة للعلاقات التركية السعودية، لا يخفى ان الجانب التركي حاول استثمار واقعة 'خاشقجي' التي اعترفت المملكة زاعمة انه "خطأ وقع فيه أشخاص نالوا عقابهم"، وسعى بشكل يقترب من الابتزاز للجانب السعودي، وفي المحصلة النهائية لم يحقق شيئا مما أراد، حسب قول المستشار السابق في الخارجية السعودية سامي اليامي.
من جهته يرى الباحث التركي، مهند حافظ أوغلو أن التغير في السياسة الخارجية للدول الخليجية حيال تركيا "يرتبط بقدوم إدارة بايدن إلى البيت الأبيض قبل نحو عام"، موضحا ان "هذا القدوم انعكس بالسلب، ودفع الدول الخليجية إلى البحث عن تحالفات جديدة وارتباطات تضمن لها بعض القوة والدور في العديد من الملفات، وإن كانت البدايات من البوابة الاقتصادية".
المستشار السابق في الخارجية السعودية سالم اليامي، اعتبر أن التغيرات في المواقف ترتبط بالأمور الكثيرة التي تغيرت إقليميا، بما في ذلك "التقارب المصري التركي الحذر"، وحالات تقارب تركية خليجية فرضتها حالة المصالحات التي تسود المنطقة منذ قدوم الإدارة الأميركية الجديدة، مضيفا ان "تركيا تحاول أن تكون خلافاتها مع الدول الخليجية والعربية من الماضي، نظرا للظروف الاقتصادية السيئة التي تمر بها، ونظرا للمعاناة التي خلفتها جائحة كورونا".
من جملة ما صرح به إردوغان بعد اطلاق سراح اسرائيليين احتجزتهما حكومته الاسبوع الماضي قوله: إن استمرار الحوار مع "إسرائيل" هو في مصلحة تركيا، سبق ذلك اعلانه أن تركيا تعتزم أن تتقرّب "تدريجا" من "اسرائيل" ومع مصر بعد فتح تركيا صفحة جديدة من العلاقات مع الإمارات، مؤكدا قولخ: "سنكون مستعدين لتسمية سفراء وفق جدول زمني محدد عند اتخاذنا هذا القرار… سنتقدم تدريجيا"..
السؤال هو.. هل ان التقارب (التركي السعودي الخليجي المصري) هو املاءات اسرائيلية بحتة لها ابعاد استراتيجية تتعدى تبادل المنافع والجوانب الاستثمارية الاقتصادية بين أنقرة وعواصم هذه الدول "التي اخذها الكيان الاسرائيلي 'جميعها'من تلابيبها وكتم انفاسها" لاخضاعها لارادته وتوجهاته التوسعية في المنطقة؟ وما تاثير هذه التوافقات على بلدان قريبة من تركيا كالعراق وسوريا خصوصا ان تركيا لازالت مصرة على احتلال الشريط السوري الحدودي مع الدولتين "سوريا والعراق"بذرائع ومزاعم واهية مفبركة، وبالتالي ما موقع هذه التقاربات من خارطة ما تسمى بـ"صفقة القرن" الصهيوماسونية التي اضطلعت الامارات بتبنيها وتمريرها في دول عربية خصوصا في العراق وسوريا؟
ارسال التعليق