مراقبون: انهيار مزلزل للاقتصاد السعودي والمواطن الخاسر
* جمال حسن
كشفت بيانات رسمية حكومية نشرت يوم الجمعة (30/ايار) عن انخفاض كبير في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة في الربع الأول من هذا العام للمرة الأولى منذ الأزمة المالية العالمية، في ظل استمرار ارتفاع التضخم على أساس سنوي في الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى مارس/ آذار مسجلا أول هبوط منذ عام 2009، مضيفة أن الحكومة اقرت مشروع رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة بنحو 5% بداية عام 2018 .
واضافت وكالة "رويترز"، كما أن صافي الأصول الخارجية لدى مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي السعودي) سجلت انخفاضاً حاداً منذ بداية العام الجاري وتراجعت عما كانت عليه في آب 2014 والذي بلغ 737 مليار دولار، الى 529 مليارا نهاية 2016، والى 493 مليار دولار في أبريل/نيسان الماضي (36 مليار دولار خلال ثلاثة أشهر)، رغم أن حملة التقشف التي اعلنها محمد بن سلمان لم تساهم في تحقيق بعض التقدم في خفض نسبة عجز موازنة المملكة خلال الربع الأول من العام الحالي لتصل الى 26 مليار ريال، جاءت على حساب جيب المواطن؛ في وقت شدد فيه مراقبون اقتصاديون متابعون للوضع الاقتصادي في السعودية أنه سيشكل لطمة لثقة الأسواق العالمية بالرياض.
وقال بعض المحللين أن هذا الانخفاض يرجع سببه الى الإنفاق على التدخل العسكري السعودي في اليمن، فيما أرجع آخرون سبب ذلك الى هروب رأس المال من السعودية خوفاً من سياسات سلمان ونجله الطائشة، لكن الجميع يؤكدون أن استمرار وجود العجز الكبير في الميزانية السعودية ليس سببه فقط انخفاض ايرادات النفط كما تدعي الرياض بل هو نتيجة المدفوعات المتفرقة مثل خسائر الحرب على اليمن الآخذة في تزايد وكذلك مئات مليارات الدولارات التي يدفعها نجل سلمان لشراء السلاح من أمريكا وحلفائها والمملكة بغنى عنها، وهو ما أشارت اليه خديجة حق رئيسة البحوث الإقليمية في بنك الإمارات الوطني أكبر بنوك دبي.
كما أن قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشر المتدفق على المملكة هي الاخرى آخذة نحو التقهقر ايضاً بنسبة 8.5 % خلال 2016، حيث بلغت 7.453 مليار دولار، مقارنة بـ 8.141 مليارات دولار في 2015، بانخفاض قيمته 688 مليون دولار- حسب التقرير السنوي التفصيلي لمنظمة الأونكتاد الخاص بالاستثمار العالمي 2017: "الاستثمار والاقتصاد الرقمي"، قبل أسبوع معللاً ذلك بتخوف المستثمرين الأجانب من سياسة ولي العهد الجديد المتخبطة وإطالة أمد الحرب على اليمن ونفقاتها الباهظة على الاقتصاد السعودي وصواريخ الحوثيين التي وصلت الرياض.
وقد اشار وزير الخارجية الأردني الأسبق مروان المعشر نائب الرئيس للدراسات في مؤسسة كارنيغي الأمريكية، الى أن العدوان على اليمن يكلف السعودية حوالي ستة مليارات دولار شهريًا، (بدأ في 25 آذار 2015)، إضافةً للأزمة مع قطر والمرشحة للاستمرار لوقت طويل. وهو ما أكدته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية ايضاً مشددة على أن السعودية قد خسرت الحرب في اليمن منذ الشهر الثالث من إندلاعها وكل ما يحصل هو مساعٍ غير مجدية لإخراج نجل سلمان من الورطة بما تبقى من ماء الوجه .
موقع “سالون” الأمريكي نشر مقالا للزميل الكبير في مركز دراسات الشرق الأوسط وأفريقيا في مجلس العلاقات الخارجية الامريكية "ستيفن ايكوك"، اكد فيه ان السعودية فشلت في حربها باليمن، رغم انفاقها مئات المليارات من الدولارات فيها بعد أن كانت قد خصصت حوالي 200 مليار دولار “غير معلنة” كنفقات لهذه الحرب ولم يظهروا حجم جهودهم. مؤكدا أن تدخلهم في اليمن صعد من التطورات التي كانوا يخشونها كثيرا، ومنها أرتفاع الضغط الداخلي جراء سياسة التقشف والسياسة القمعية التي تنتهجها الرياض ضد النشطاء والمعارضة ما يزيد من الأزمة والتوتر داخلياً وخلط الأوراق .
أما من سخرية الفكاهة أن يعلل وزير الدولة، عضو مجلس الوزراء لشؤون مجلس الشورى، محمد بن فيصل أبو ساق خلال مداخلة له بتاريخ الاربعاء 10/مايو الماضي أمام مجلس الشورى السعودي، بعض أسباب العجز الاقتصادي الحكومي الى قوائم طويلة وعريضة تتضمّن "مئات" الشركات والمؤسّسات (حكومية وخاصة) وأفراد متهمين «بتهريب النفط» !!، وهو ما نقلته صحيفة الوفد .
المؤسسة العامة للتقاعد السعودية اعترفت في تقرير لها بنفاذ الاحتياطات التقاعدية للنظامين المدني والعسكري، معللة ذلك الى ارتفاع كبير في رواتب الموظفين الحكوميين فيما الحقيقة عكست هذا المدعى حيث لا يزال العمل سارياً في قرار سلمان بخفض رواتب الموظفين وعلاواتهم مع خفض الدعوم الحكومية للطاقة وأغلب السلع الأساسية والمواد الغذائية والأدوية، وارتفاع شديد في الضرائب المفروضة والغرامات ونسبة البطالة والتضخم.
أكثر من 50 ألف موظف سعودي طردوا من وظائفهم الى جانب 150 ألف أجنبي؛ و258 ألف باحث عن العمل يحصلون على إعانة بطالة في السعودية؛ والقطاع الخاص السعودي لديه نحو 4ر10 مليون موظف (7ر1 مليون سعودي و7و8 مليون أجنبي) بدأ بتسريح الموظفين والعمال شاكيا ارتفاع التكاليف بسبب ضرائب الإصلاح الاقتصادي التقشفية بما في ذلك رفع أسعار الطاقة محليا وتأخير سداد ديون مستحقة على الحكومة للشركات؛ ومعدل البطالة تجاوز 36% وليس ما تعلنه وزارة العمل 2ر12%، اذا ما تم تقسيم عدد العاطلين على العاملين.
الأرقام المخيفة والدالة على تدهور الوضع الأقتصادي للمواطن السعودي لا يمكن بعد إخفائها من جانب السلطة الحاكمة ما أجبر محمد بن سلمان ولي العهد، رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، في حديث لصحيفة واشنطن بوست، الأعتراف بأن البطالة والإسكان لا يزالان يُمثلان مشكلة وتهديد لأقتصاد المملكة، ونرجو حدوث تحسن فيهما بحلول الفترة الممتدة بين 2019 و2021!!، ما يعني أنه هو ايضاً ليس واثقاً من نجاح خطته " رؤية السعودية 2030" التي تشدق بها وطبل لها كثيراً، متوقعاً أن تنخفض نسبة البطالة في البلاد الى 7% بحلول عام 2030.
ارسال التعليق