من الإعلام
مستشرق صهيوني يعدد الاسباب وراء اختيار ترامب الرياض لزيارته الاولى
الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
لماذا اختار الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب أنْ يبدأ زيارته في الشرق الأوسط نهاية الشهر إلى المملكة العربيّة السعودية، التي تُعتبر زعيمة العالم السني والخصم اللدود لإيران الشيعية؟ هكذا يسأل المُستشرق الإسرائيليّ، يوني بن مناحيم، من (المعهد الأورشليمي للدراسات والأبحاث السياسيّة) في دراسةٍ جديدةٍ نشرها على موقع المعهد، الذي يرأسه المدير العّام السابق لوزارة الخارجيّة الإسرائيليّة، د. دوري غولد. ولا غضاضة في هذه العُجالة من السؤال: لماذا اختار ترامب أنْ تكون أوّل زيارةٍ له إلى خارج الولايات المُتحدّة لكلٍّ من السعوديّة وإسرائيل، وهما الدولتان اللتان تسعيان بخطى حثيثةٍ لإقناع صنّاع القرار في واشنطن بتشديد الضغط على إيران وتجديد العقوبات حتى إلغاء الاتفاق النوويّ المُوقّع معها، باعتبارها الدولة الراعية للإرهاب في الشرق الأوسط، كما يُشدد أركان تل أبيب والرياض.
المُستشرق الإسرائيليّ يؤكّد على أنّ الرئيس الأمريكي يصل للشرق الأوسط من أجل بناء “الشراكة الإستراتيجيّة” من جديد مع المحور السنيّ المعتدل، نفس المحور الذي قرر الرئيس السابق باراك أوباما إهماله وتفضيل إيران عليه، والتي وقع معها اتفاق النووي رغم معارضة المعسكر العربيّ السنيّ، وكذلك حكومة إسرائيل. كما لفت إلى أنّ الرئيس ترامب وصف زيارته المنتظرة للسعودية بأنها زيارة تاريخية، وكذلك وزير الخارجية السعودي عادل الجبير استخدم نفس الكلمة حين تطرق لأمر الزيارة.
وشدّدّ بن مناحيم على أنّ العلاقات بين السعودية وإدارة أوباما قبيل انتهاء فترة ولايته لم تكن على ما يرام، ويبدو الآن أنّ العلاقات ذاهبة نحو الازدهار من جديد، حيث أنّ الإدارة الأمريكيّة الجديدة مكسب للقيادة السعودية، لأنها تركز معها في المخاطر التي تحيط بالشرق الأوسط، التي على رأسها إيران ومشكلة إرهاب “داعش”.
فعليًا، أوضح المُستشرق الإسرائيليّ، أن وزير الدفاع محمد بن سلمان، الذي زار واشنطن، ونجح بخلق كيمياء ممتازة مع الرئيس ترامب، وتوصل معه لتفاهمات إستراتيجية أولية قبيل الزيارة للسعودية، هو الذي أسس لزيارة الرئيس ترامب إلى السعودية.
علاوةً على ذلك، ذكر أنّه بعد اختيار الرئيس السابق أوباما زيارة مصر كمحطته الأولى في الشرق الأوسط قبل ثماني سنوات، يبدو أنّ مستشاري الرئيس ترامب توصلوا لنتيجة أنّ السعودية هي الحليف العربي الأهّم بالنسبة لواشنطن في الشرق الأوسط، ليس فقط بسبب لأنها تسيطر على احتياطي النفط الأكبر في العالم، بل أيضًا بسبب موقفها الإقليميّ والدينيّ، على حدّ تعبيره.
بالإضافة إلى ذلك، رأى المُستشرق الإسرائيليّ أنّ ترامب اختار السعودية أيضًا كونها تضم الأماكن المقدسة للإسلام، وذلك لدحض المزاعم التي تظهر أنّه يكره المسلمين، وليُظهر أنّ الولايات المتحدة عازمة على تعزيز الحوار بين الثقافات والأديان.
وأوضح قائلاً: السعوديون، في الواقع، يجهزون الرأي العّام في العالمين العربيّ والإسلاميّ قبيل زيارة الرئيس ترامب، الذي يُنظر إليه في دول كثيرة على أنّه متطرف وعدو للإسلام، هم يعتقدون بأنّ هذه الصورة وضعت على يد خصومه في الحملة الانتخابية، ووظيفتهم في الرياض تغيير هذه النظرة لدى المسلمين لذا كان من التصريحات المهمة لابن سلمان هو القول بان ترامب يحب المسلمين عندما علق على منع مواطني دول اسلامية من دخول امريكا.
ولفت إلى أنّ وزير الخارجية السعودي الجبير قال الأسبوع الماضي إنّ زيارة الرئيس ترامب هي رسالة واضحة وقوية، تبرز أنّه ليس لواشنطن أيّ نوايا سيئة تجّاه العالمين العربيّ والإسلاميّ، كما أعلن في التاسع من الشهر الجاري أنّ بلاده تنوي دعوة 17 زعيمًا من دولٍ عربيّةٍ وإسلاميّةٍ للاجتماع بالرئيس ترامب خلال زيارته للسعودية، مُشدّدًا على أنّ دعواته وصلت بالفعل لملك المغرب والرئيس العراقي، وباقي الدعوات سترسل خلال الأيام المقبلة.
وبحسبه، فإنّ التقديرات في العالم العربيّ أنّه خلال زيارة ترامب سيتم الاتفاق على صفقات سلاح كبيرة تقدر بعشرات الملايين من الدولارات، من بينها منظومات أسلحة حديثة للجيش السعوديّ، وسيحتل التهديد الإيراني المركز الأساسيّ خلال اللقاء، حيث المصلحة مشتركة بين واشنطن والرياض.
وتابع قائلاً إنّه من المفترض أنْ يُناقش ترامب مع مستضيفيه بالسعودية الوضع في سوريّة، لبنان، واليمن في ظلّ التدخل الإيراني المكثف في تلك الدول، مُوضحًا أنّ الرئيس ترامب يرى في إيران الداعم الأول للإرهاب، ليس فقط بالشرق الأوسط، بل في العالم أجمع، وهناك ضرورة فورية لكبح جماحها. ولفت إلى أنّ قضايا أخرى من المُتوقع أنْ يتم رفعها خلال زيارة الرئيس للسعودية هي الحرب ضد “داعش” وتجديد المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية تحت “مظلة عربية”.
وأردف قائلاً إنّ تصريحات المستضيفين السعوديين بهذا الخصوص كانت إيجابية، الجبير قال إنّ فرص التوصل لاتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين “جيدة”، حيث أنّ الرئيس ترامب يتبع أسلوبًا “جيدًا”. هل ينوي الرئيس ترامب إقناع السعودية باتفاق لعقد مؤتمر إقليمي يحرك المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين؟ علينا أنْ ننتظر ونرى.
وخلُص المُستشرق إلى القول إنّ زيارة الرئيس ترامب للسعودية هدفها وضع حجر الأساس لمحور الدول العربيّة المعتدلة لردع إيران ولحرب ضد “الإرهاب الإسلامي”، وسيُحاول أيضًا استغلال الوضع لخلق إطار معتدل من الدول العربية التي ستدعم المفاوضات الإسرائيليّة-الفلسطينيّة، وستساعد بتعزيز “الصفقة” الأكبر التي يطمح لتحقيقها، على حدّ تعبيره.
ومن الأهميّة بمكانٍ الإشارة إلى أنّ علاقات تل أبيب مع الدول المُصنفّة أمريكيًا وإسرائيليًا بالدول السُنيّة المُعتدلة، وعلى رأسها السعوديّة، لم تعُد مخفيةً، بل بات اللعب الآن على المكشوف، ويكفي أنْ نذكر في هذه العُجالة خطّة وزير الاستخبارات والمواصلات الإسرائيليّ، يسرائيل كاتس، القاضية بربط دول الخليج العربيّة عن طريق الأردن بالسكّة الحديديّة الإسرائيليّة، وهي الخطّة التي تحظى بدعمٍ كاملٍ من رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، وبطبيعة الحال من إدارة ترامب.
ارسال التعليق