مطالبات بإعادة النظر في تجارة بريطانيا ودول الخليج
في سعيها لجذب الاستثمار الأجنبي وتعزيز اقتصادها، تقترب الحكومة البريطانية من إتمام إتفاقيات التجارة الحرّة مع بعض دول الخليج بما في ذلك " السعودية" ، ذلك في سياق ما وعد به وعد رئيس حكومة حزب العمّال كير ستارمر، خلال حملته الانتخابية، بإعادة ضبط العلاقات الدولية وجذب المزيد من الأموال من الخارج لتحفيز الاقتصاد البريطاني.
يرجع نفع هذه الاتفاقيات بالدرجة الأولى إلى المملكة المتحدة، التي واجهت صعوبات في التفاوض على اتفاقيات تجارية منذ خروجها من الاتحاد الأوروبي في عام 2020. ففي حين وقعت البلاد اتفاقيات مع دول مثل أستراليا ونيوزيلندا، إلا أن المحادثات مع الولايات المتحدة والهند توقفت، والويم التفتت الحكومة لدول الخليج بعيد انسحابها من الاتحاد الأوروبي.
وفي سياق عمل الحكومة البريطانية على تعزيز استثماراتها مع " السعودية" ، يزور رئيس حكومتها الأخيرة، وهي الزيارة التي انتقدتها منظمة حقوقية على اعتبار أن الانتهاكات العمالية الواسعة النطاق ضد العمال المهاجرين تشكل سياسة حكومية في دول الخليج، حيث تترسخ العمالة المهاجرة في الاقتصادات المحلية.
وفي سياق انتقادها هذا التقار التجاري بين المملكة و" ممالك الخليج" ، قالت منظمة " هيومن رايتس ووتش" أن بريطانيا من خلال اتفاقية التجارة تخاطر مع دول مجلس التعاون الخليجي بالمساهمة في الانتهاكات ضد العمال المهاجرين، من خلال تسهيل المزيد من إساءة استخدام الأجور، واستغلال أصحاب العمل، والمواقف التي ترقى إلى مستوى العمل القسري.
معتبرة أنه ينبغي على المملكة المتحدة أن تصر على أن اتفاقية التجارة الحرة مع دول الخليج تشمل تحسينات ملموسة في مجال العمل وغيرها من الحقوق، وخاصة للعمال المهاجرين.
تتحدث المنظمة عن ماضي بريطانيا الاستعماري وارتباطه بأشكال الانتهاكات العمالية الحاصلة في دول الخليج، حيث مارست نفوذاً كبيراً على عدد من دول الخليج. وكان نظام الكفالة ، السائد في مختلف أنحاء الخليج، من ابتكارات بريطانيا إلى حد كبير خلال فترة الحماية. ويتعين على الحكومة البريطانية الجديدة أن تعمل على معالجة إرث الإمبريالية البريطانية. وما لم تلزم اتفاقية التجارة جميع الأطراف بمعالجة الانتهاكات المتأصلة في نظام الكفالة ، وإدخال تحسينات تستند إلى معايير ملموسة، فقد تخاطر حكومة المملكة المتحدة بالتواطؤ في انتهاكات العمالة.
وقد أصدرت هيومن رايتس ووتش مؤخرا تقريرا يوضح بالتفصيل كيف أن العمال المهاجرون في " السعودية" والخاضعين لنظام الكفالة، يواجهون انتهاكات واسعة النطاق، بما في ذلك في " المشاريع العملاقة" البارزة التي يمولها أو يرتبط بها صندوق الثروة السيادية السعودي، صندوق الاستثمارات العامة.
ووجدت في تقريرها أن السلطات " السعودية" فشلت في حماية العمال المهاجرين بما في ذلك فشلها في تطبيق القوانين السعودية التي تهدف إلى حماية العمال المهاجرين. كما أن الامتثال للقوانين السعودية وحده غير كافٍ، حيث أن العديد من هذه القوانين تفشل - عن عمد - في تلبية التزامات البلاد بموجب قوانين حقوق الإنسان.
ومن المرجح أن يسعى رئيس الوزراء البريطاني ستارمر خلال زيارته إلى " السعودية" للحصول على استثمارات من صندوق الثروة السيادية السعودي، وهو صندوق استثماري حكومي سعودي تبلغ قيمته نحو تريليون دولار ويخضع لسيطرة شخص واحد: محمد بن سلمان. وقد وثقت منظمة هيومن رايتس ووتش ارتباطات الصندوق بانتهاكات حقوق الإنسان.
ختمت المنظمة تقريرها الذي ينتقد خطوة بريطانيا المتقدمة نحو تعاون تجاري مع " السعودية، بالإشارة إلى أنه يتعين " على الشركات البريطانية أن تتحرى الدقة قبل التعامل مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي، وأن تمتنع عن ممارسة الأعمال التجارية عندما تعتبر الآثار السلبية الخطيرة على حقوق الإنسان أمراً لا مفر منه. ويتعين على الحكومة البريطانية أيضاً التحقيق في الروابط بين استثمارات الصندوق وانتهاكات الحقوق، والنظر في فرض عقوبات على الصندوق حتى يتم معالجة الانتهاكات" .
ارسال التعليق