مقتل خاشقجي حول رؤية 2030 إلى سراب
تناولت مجلة ميدل إيست آي البريطانية إمكانية تأثير جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في إعادة تشكيل النظام بالشرق الأوسط.
ونشرت المجلة مقالاً للكاتب ماركو كارنيلوس السفير الإيطالي السابق لدى العراق أكد فيه أن لهذه الجريمة الوحشية المتمثلة بقتل خاشقجي في سفارة بلاده بإسطنبول تداعيات تتجاوز مجرد تشويه صورة النظام السعودي، بل إنها تهدد علاقاته بالحكومات المجاورة والغربية، فضلاً عن أنها ستؤثر على حسابات إسرائيل والولايات المتحدة في الشرق الأوسط بشكل كبير.
وأضاف الكاتب الأيطالي أن الوضع الحالي في الشرق الأوسط يشبه حقبة الصراعات التي شهدتها أوروبا قبل توقيع معاهدة صلح وستفاليا، حيث تبرز على الساحة السياسية تحالفات عدة تتسم بتغير مواقفها المفاجئة، وذلك وفقا لمصالح الأطراف المشاركة فيها.
وقال إن منطقة الشرق الأوسط في الوقت الحالي تنقسم إلى جبهتين يمكن تسميتهما بجبهة "الناتو العربي" في مواجهة "محور المقاومة"، ويرتكز "الناتو العربي" على القيادة الأمريكية ومشاركة كل من السعودية ومصر والإمارات مع اضطلاع إسرائيل بدور محوري من خلف الكواليس.
وأكد الكاتب الإيطالي أن هذا التحالف يسعى إلى إقرار مبادرات تراعي مصالح الحكام العرب والإسرائيليين مثل صفقة القرن بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفرض عقوبات جديدة على إيران بهدف دفعها لتغيير النظام، فضلا عن إعادة تشكيل ما يعرف بالإسلام السياسي.
وحذر الكاتب الايطالي من أن مساعي "الناتو العربي" باتت مهددة في ظل ردود الأفعال الدولية تجاه جريمة خاشقجي التي من شأنها أن تزعزع العلاقة بين واشنطن والرياض.
وأشار إلى أن قضية خاشقجي تسببت في تحول محمد بن سلمان إلى نقطة ضعف "ناتو العرب" بعد أن كان دعامته الرئيسية، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى إعادة تشكيل موازين القوى على المستوى الإقليمي، ناهيك عن تحويل "رؤية 2030" إلى سراب.
وأشار الدبلوماسي الإيطالي إلى أن لدى "محور المقاومة" أجندة مختلفة عن أجندة خصمه في المنطقة، حيث تشرف إيران على قيادة هذا الحلف، وقال إن "محور المقاومة" يعتبر أن قيادة الولايات المتحدة لحلف "ناتو العرب" تندرج في إطار مساعيها لفرض الهيمنة الإسرائيلية الأمريكية على المنطقة، مضيفا أن "محور المقاومة" يعتمد منهجاً يرتكز بالأساس على رفض القيم الغربية والنظام الليبرالي الذي يعتبره نموذجاً للإمبريالية الثقافية والاقتصادية والسياسية.
وفيما يتعلق بصفقة القرن التي تطمح الولايات المتحدة من خلالها إلى التوسط لإيجاد حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، يقول الكاتب إن "محور المقاومة" يرى أنها ستكون بمثابة إهانة للفلسطينيين، كما أن هذا المحور على قناعة بأنه يعتبر من المستحيل قمع الإسلام السياسي.
وأضاف الكاتب الأيطالي أن إيران وشركاءها يرون أن بعض الأنظمة الملكية العربية محكوم عليها بالفشل نظراً لكونها غير شرعية وعديمة الرحمة، وأنها ستدمر نفسها بنفسها، وأن من المفارقات أن "محور المقاومة" نفسه مهدد بالزوال بسبب العقوبات الأمريكية المتجددة على طهران.
وأوضح الكاتب أن الأجندة السياسية لكل من حلف "ناتو العرب" و"محور المقاومة" أقرب إلى الوهم، ويرى أن المجموعة الأولى تفتقر لقوة التحمل والانسجام فيما بينها، بالإضافة إلى افتقارها للصبر والحكمة لتنفيذ برنامجها في المنطقة.
في المقابل، يرى الكاتب أن "محور المقاومة" يتسم بجميع المقومات التي يفتقر لها حلف "ناتو العرب"، فضلا عن القدر اللازم من القوة لإعاقة أجندته، ولكن ليس بالشكل الكافي الذي يخول له فرض أجندته الخاصة في المنطقة.
وأبان الكاتب أن تركيا أجادت لعب أوراقها بذكاء في خضم هذا الصراع، ولا سيما فيما يتعلق بقضية مقتل خاشقجي، حيث يسعى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للضغط على السعودية وإلى بيان زيف روايتها الساذجة، وذلك لتعزيز قيادته الخاصة للعالم الإسلامي كبديل للرياض.
ويخلص الكاتب إلى أن الصراع بين "ناتو العرب" و"محور المقاومة" كفيل بإحداث زلزال جيوسياسي في المنطقة، وهو ما يستوجب إحداث آلية أفضل وأوسع نطاقاً لتسوية النزاعات بين الطرفين.
ارسال التعليق