«مليارات ترامب» السعودية تتوجه إلى الخزينة الإسرائيلية
منذ عقد صفقات التسليح الأمريكية السعودية الضخمة بمليارات الدولارات خلال زيارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للمملكة السعودية، انطلقت التساؤلات حول رد فعل إسرائيل، ومدى تأثير تلك الصفقات عليها، وسر صمتها الرسمي، خاصة أن النظام الأمريكي طالما دأب على دعم الكيان الصهيوني سياسيًا، وتعهد بالحفاظ على تفوقه النوعي في المجال التسليحي.
مَنْ يتابع العلاقات الأمريكية الإسرائيلية خاصة في عهد ترامب، يعرف أن الرئيس الأمريكي لن يتخذ أي خطوة من شأنها أن تؤثر سلبًا على الكيان الصهيوني في أي من المجالات سواء الاقتصادية أو العسكرية أو السياسية، فترامب يسعى دائمًا للحفاظ على تفوق الاحتلال، ويهتم كثيرًا بأوضاعه ومصالحه في المنطقة، ويعمل حثيثًا على تحقيق مصالحه طالما لا تتعارض مع المصالح الأمريكية، كل هذه المعطيات تدفع نحو التأكد من أن الصفقات التسليحية التي تمكن ترامب من خلالها من سحب مليارات الدولارات من خزينة آل سعود، لن تصب إلا في مصلحة الكيان المحتل، سواء كان ذلك بعلم السعودية أو دون علمها.
بعد مرور أقل من أسبوعين على توقيع الطرفين الأمريكي والسعودي الصفقات التسليحية بالمليارات، ظهر دور الكيان الصهيوني الذي ظل خفيا في هذه الصفقات، وأثار العديد من التساؤلات لدى السياسيين الذين لم يستبعدوا معرفة حكام المملكة السعودية بهذا الدور، حيث كشفت صحيفة “ذا ماركر” الإسرائيلية، عن أن شركات السلاح الإسرائيلية ستحصل على حصة كبيرة من أرباح صفقات السلاح الضخمة التي وقعها الرئيس الأمريكي مع الجانب السعودي، أثناء زيارته الرياض الأسبوع الماضي.
وحسب ما جاء في تقرير نشرته أمس الصحيفة الاقتصادية الإسرائيلية، فإن كثيرًا من الشركات المنتجة للسلاح في إسرائيل تعمل متعهدة لدى المصانع الأمريكية التي ستمد السعودية بالسلاح والأنظمة القتالية التي وردت في الصفقات التي تبلغ قيمتها 110 مليارات دولار في المرحلة الأولى، والتي من المقرر أن تزداد قيمتها إلى 350 مليار دولار بعد 10 سنوات، وأكد التقرير أن الصفقات الأمريكية السعودية ستحدث طفرة في أعمال الشركات الإسرائيلية وستوسع مشاريعها بسبب حجم الطلبات الهائل الذي يجب توفيره في الوقت المحدد.
وجاء في التقرير أن المصانع العسكرية الأمريكية التي ستتولى توفير السلاح والأنظمة القتالية للسعودية، ومنها “لوكهيد مارتين”، و”نورثوغروب غرمان”، و”ريثيون” تقوم أحيانًا بتسويق منتجات شركة الصناعات العسكرية الإسرائيلية “رفائيل”، وأضاف التقرير أنه بما أن شركة “رفائيل” تتبع القطاع العام والحكومة الإسرائيلية، فإن السياسيين والعسكريين في إسرائيل يبدون اهتمامًا كبيرًا بالمكاسب الاقتصادية الهائلة التي ستعود على الاقتصاد الإسرائيلي نتيجة الصفقات الأمريكية السعودية.
ونقلت صحيفة “ذا ماركار” عن مسؤول بارز سابق في وزارة الحرب الإسرائيلية، رفض الكشف عن اسمه، قوله إن صفقات السلاح الضخمة بين الرياض وواشنطن تحسن من قدرة شركات السلاح الإسرائيلية على التنافس داخل الولايات المتحدة، باعتبار أن هذه الصفقات تمنح فرصًا كبيرة مما يزيد من حاجة الشركات الأمريكية إلى مساعدة الشركات الإسرائيلية التي ستعمل من الباطن لتوفير الكثير من طلبات هذه الصفقات.
وفي ذات الإطار، أشار المستشار الاقتصادي السابق لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي مهرين فروزنفر، إلى مكسب آخر ستحققه إسرائيل يتمثل في أنه على الرغم من أن صفقات السلاح بين السعودية وأمريكا لن تؤثر على التفوق النوعي الإسرائيلي، فإنها ستمنح إسرائيل في المقابل، الذريعة لمطالبة الإدارة الأمريكية بتعويضها بالحصول على سلاح نوعي لم يسبق للولايات المتحدة أن منحته لتل أبيب.
هذه المكاسب الاقتصادية من الأموال الخليجية تبرر الصمت الإسرائيلي الرسمي على الصفقات الضخمة التي تم توقيعها بين السعودية وأمريكا، فضلا عن أن هذا الصمت مُبرر أيضًا من الناحية السياسية بأن للسعودية اليوم مصالح مشتركة مع إسرائيل في الصراع ضد ايران، حيث يوجد تنسيق سياسي وتعاون استخباري أمني بين الطرفين، غايته منع ايران من الوصول إلى هيمنة إقليمية وتطوير خطة صواريخ وسلاح نووي يهدد الدولتين ويوسيع نفوذها في المنطقة، الأمر الذي يجعل الاحتلال لا يمانع في مد الرياض ببعض الأسلحة المتطورة لتحفظ بها أمن الكيان الصهيوني، وهو ما يعني في النهاية أن الصفقات التسليحية التي عقدتها أمريكا مع السعودية جاءت بمباركة صهيونية.
بقلم : هدير محمود
ارسال التعليق