مليون و500 ألف مولود في المملكة ينتظرون الحصول على الجنسية السعودية
التغيير
بين الحين والآخر، تتجدد قضية تجنيس أبناء المواطنات المتزوجات من أجانب، في قضية تعكس مدى تجاهل نظام آل سعود لحقوق المواطنين والمقيمين في المملكة.
وتداول مغردون وسم #تجنيس_أبناء_السعوديات_خطر اعترض فيه كثير على منح الجنسية لأبناء المواطنات لأسباب مختلفة برز منها الهاجس الأمني.
بينما يرى أبناء المواطنات أنهم يستحقون نيل الجنسية لاعتبارات الولادة والنشأة واكتساب الثقافة المجتمعية في المملكة.
وطبقا لإحصائيات نشرتها وسائل إعلام محلية، فإن عدد أبناء المواطنات المقيمين في المملكة يقدر بمليون و500 ألف، فيما يبلغ عدد المواطنات المتزوجات بأجانب 700 ألف امرأة.
وبالرغم أن من القانون يعطي وزير الداخلية الصلاحية لتجنيس أبناء المواطنات، إلا أن كثير من هذه الفئة يجدون صعوبة في الحصول عليها حتى وإن كانوا مستوفين لشروط قانون الجنسية.
تجاهل حكومي
“اعتبر نفسي في ضياع”.. هكذا تقول الشابة حورين عالم وهي تشرح قصتها التي تمثل معاناة لمئات الآلاف من أبناء المواطنات الذين يعيشون في المملكة، دون أن يتمتعوا بحقوق مواطنين.
وقالت حورين عالم (25 عاما) إنها قدمت طلبا للحصول على جنسية المملكة منذ أن كان عمرها 18 عاما وفقا للقوانين، إلا أنها لم تحصل عليها حتى الآن.
وأوضحت الشابة المولودة لأب باكستاني وأم من المملكة: بحسب اللوائح، يجب أن نقدم الطلب وفقا لشروط معينة منها أن يبلغ الشخص 18 عاما، وهذا ما فعلته بعد أن سبق لشقيقي الأكبر أن أقدم على الخطوة ذاتها ولكن دون جدوى.
كما يقول طلال (اسم مستعار) إن هناك قانونا يعطي أبناء المواطنات الحق في اكتساب الجنسية، لكنه غير مفعل لأسباب يراها مجهولة.
ووفقا لقانون الجنسية في المملكة، فإنه يحق للأجنبي المتزوج من المرأة المواطنة اكتساب الجنسية.
“أما أولاده الذين بلغوا سن الرشد أثناء دورة معاملة والدهم فيجوز لوزير الداخلية منحهم الجنسية (…) إذا كانت إقامتهم النظامية في المملكة لا تقل عن خمس سنوات، وقدموا طلبا بذلك خلال سنة من تاريخ منح والدهم الجنسية”.
وأكد طلال، وهو مولود لأم مواطنة وأب أجنبي، امتلاكه لطلب رسمي للحصول على الجنسية في وزارة الداخلية، لكنه يقول إنه يشعر بالمماطلة في الموافقة على طلبه، كما هو الحال مع الآخرين من الحالات المماثلة.
وأضاف طلال: “لقد استوفيت كامل الشروط التي تطلبها الداخلية للحصول على الجنسية، لكني أشعر بالمماطلة في الموافقة على الطلب من قبل المسؤولين حيث نسمع تبريرا جديدا كلما ذهبنا للمراجعة”.
أما حورين، فتقول إن نظام آل سعود يعطيهم ردودا مختلفة في كل مرة يذهبون فيها لمراجعة طلباتهم، مؤكدة أنها تستحق نيل الجنسية لاعتبارات عدة.
وتابعت: “اعتبر نفسي مواطنة من المملكة في كل شيء إلا في الأوراق الرسمية. ولدت هنا وعشت وترعرعت في المملكة. اكتسبت عادات وتقاليد هذا الوطن الغالي ولا أعرف عن باكستان شيئا”.
في الاتجاه ذاته، أشار طلال، إلى أنه لم يعرف غير المملكة وطنا حتى بات يدافع عنه عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ لأنه لا يشعر بانتماء لوطن آخر، على حد تعبيره.
وقال إنه اكتسب عادات وتقاليد البلد ولا يعرف أي شيء عن موروث بلده الأم.
ولم يسبق لعالم زيارة موطنها باكستان، كما أنها لا تجيد التحدث باللغة الباكستانية إطلاقا.
وقالت، وهي تتحدث بلهجة محلية، إنها ترفض الاعتراف بباكستان كوطن، في المقابل ترفض المملكة الاعتراف فيها كمواطنة، وفقا لوصفها.
وتقول بمرارة: “اعتبر نفسي في ضياع”.
وأكدت حورين أنها تعامل في الدوائر الرسمية كأجنبية، على الرغم من منح أبناء المواطنات أولوية في التوظيف بعد المواطنين.
طلال هو الآخر كما حوران، لم يزور بلده، ويكتفي بتجديد جواز سفره في سفارة بلاده لدى الرياض.
ويرفض طلال الإفصاح عن هويته أو أي معلومات شخصية أخرى بسبب حساسية الأمر.
مناقشة رسمية
وفي أواخر مايو الماضي، قالت صحيفة “عكاظ” إن مجلس الشورى سيناقش مشروع تعديل نظام الإقامة لصالح أبناء المواطنات المتزوجات من أجانب.
في المقابل، قال أمين عام جمعية “إعلاميون” ناصر الغربي، إن قرار الحصول على الجنسية، سيادي للمملكة ولا يمكن التدخل فيه.
وأضاف الغربي: “هناك من يرى أن بعض أبناء المواطنات يستحقون فعلا الحصول على الجنسية، باعتبار أنهم مولودين في المملكة واكتسبوا ثقافة البلد، إلا أن هذا الأمر منوط بالجهات الرسمية وفقا للأنظمة والتشريعات التي تضبط وتؤطر مثل هذه الأمور”.
وفي أكتوبر الماضي، أقر الملك سلمان تعديلات جديدة لأبناء المواطنات الذين تزوجوا من أجانب بموافقة الجهات المختصة، تتضمن تحمل الدولة رسوم إقامتهم.
والسماح لهم بالعمل لدى الغير في القطاع الخاص دون نقل كفالتهم من والدتهم، بالإضافة إلى معاملتهم معاملة المواطنين من حيث الدراسة والعلاج، ويحتسبون ضمن نسب السعودة في القطاع الخاص.
إلى ذلك، يعلق طلال على ما يثيره البعض الذين يرفضون منح أبناء المواطنات الجنسية لدواعِ أمنية
قائلا: “الهاجس الأمني موجود في كل مكان والجريمة لا ترتبط بجنسية معينة، ثم أن هناك ما يشترط حسن السيرة والسلوك في استحقاق الجنسية”.
في هذا الجانب، اعتبرت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان منح الجنسية لأبناء المواطنات المتزوجات من غير المواطنين بـ “الأمر الذي يحتاج إلى اهتمام أكبر”.
وفي تصريح يعود للعام 2016، قال رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، الدكتور مفلح القحطاني:
“إن نظام الحكم في المملكة يؤكد على وحدة الأسرة ودعمها وتوثيق أواصرها، وأن وجود جنسيات مختلفة في داخل الأسرة الواحدة يعد من المؤثرات التي تؤدي إلى صعوبات مستقبلية”.
وأشار القحطاني إلى أن أبناء المواطنات اندمجوا مع المجتمع المحلي، ولا يعرفون الكثير عن أوطانهم الأصلية، موضحا أن المشاكل تتفاقم لدى هؤلاء حال وفاة والدهم الأجنبي.
ارسال التعليق