من الصعب إصلاح سمعة بن سلمان بعد محاكمة قتلة خاشقجي
نشرت صحيفة “التايمز” تعليقا على الأحكام التي أصدرتها السعودية بحق من قالت إنهم مسؤولون عن مقتل الصحافي جمال خاشقجي في اسطنبول العام الماضي، وقالت إن الأحكام لم تحظ بموافقة أحد خاصة أنها تركت المشتبه بهم الحقيقيين بدون عقاب وأفرجت عنهم.
ونشرت الصحيفة تقريرين أحدهما لمراسلتها في اسطنبول حانا لوسيندا- سميث، حيث نقلت عن خطيبة خاشقجي، خديجة جنكيز، قولها إن الأحكام التي جاءت بعد محاكمة غاضة غير مقبولة.
وكان المدعي العام السعودي قد أعلن عن تبرئة سعود القحطاني المتهم بترتيب الجريمة في قنصلية السعودية باسطنبول، والحكم المبدئي بإعدام خمسة من منفذي الجريمة، وسجن آخرين لمدد تصل إلى 24 عاما.
وقالت جنكيز: “هذه ليست عدالة ولا نقبلها وسنواصل البحث عن العدالة الحقيقية”. وتقول الصحيفة إن المملكة ستحاول إغلاق فصل الجريمة، لكنها تواجه شجبا بسبب سرية المحاكمة وعدم مواجهة من دبر الجريمة العدالة.
وقالت أغينيس كالامار المقررة الخاصة في الأمم المتحدة حول القتل خارج القانون: “من دبروا الجريمة ليسوا طلقاء فقط بل لم تمسهم المحاكمة”. ووصفت أمنستي المحاكمة بأنها عملية “تبييض” لم تؤد إلى العدالة أو الحقيقة.
أما بريطانيا حليفة السعودية فقد تجنبت انتقاد المحاكمة، حيث قالت وزارة الخارجية إن عائلة خاشقجي تستحق العدالة من هذه الجريمة الشنيعة وعلى السعودية محاسبة المسؤولين والتأكد من عدم تكرار جريمة كهذه.
وتقول الصحيفة إن كالامار نشرت قائمة لأسماء من قدموا إلى المحاكمة، حيث يعتقد أن ماهر عبد العزيز المطرب المسؤول عن فرقة القتل في القنصلية السعودية والطبيب الشرعي صلاح الطبيقي من بين الذين صدرت عليهم أحكام بالإعدام، وكذا فهد الشبيب البلوي ووليد عبدالله الشهري وتركي الشهري، وكانوا من بين 15 شخصا سافروا إلى تركيا، وتم التحقيق في 31 شخصا ولم يقدم إلا 9 من فرقة القتل إلى المحاكمة. وتمت تبرئة سعود القحطاني وأحمد عسيري، نائب مدير المخابرات وأفرج عن القنصل العام محمد العتيبي.
وعلق مايكل بنيون على نتائج المحاكمة متسائلا: هل ستتعافى السعودية من قضية خاشقجي؟ وأجاب أن محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للسعودية يأمل بأن يضع رجال الأعمال والشركات الكبرى خطا تحت الجريمة ويتم إصلاح صورته كرجل مصلح.
ولكن المهمة لن تكون سهلة كما يقول بنيون. ويضيف إن “رجال الأعمال الغربيين يبحثون بالتأكيد عن طريقة لحفظ ماء الوجه والعودة إلى سوق التصدير. وشعر الكثيرون بالواجب لمقاطعة مؤتمر الاستثمار الذي عقد في الرياض بعد الجريمة مباشرة، ولكن قلة من أصحاب المال الغربيين قطعوا صلاتهم مع المملكة وعادوا بهدوء إليها، وعقدوا اجتماعات مع المسؤولين فيها. ولكنهم سيشعرون بالقلق من التقرب من المؤسسة السعودية بعد المحاكمة التي انتقدتها بشدة أمنستي إنترناشونال وبقية منظمات حقوق الإنسان. ورغم عدم مشاركة الشركات الغربية في الاكتتاب العام لشركة أرامكو إلا أن الأمير قد يتوجه إلى الصين وبقية الدول التي اتسمت بالصمت حيال الجريمة”.
ويرى الكاتب أن إصلاح سمعة الأمير كمصلح ستكون صعبة. ومع أنه يحظى بشعبية داخل المملكة، إلا أنه قد يقوم بتقديم تنازلات أخرى على المستوى الاجتماعي ويواصل قمعه لوسائل التواصل الاجتماعي وإفراغها من النقاش السياسي.
وفي خارج المملكة تشوهت سمعة بن سلمان، ولكن الحكومات الغربية تعرف أن الحفاظ على علاقات مع المملكة هي أولوية. ومع أن الدول هذه لن ترحب به كما رحبت به قبل الجريمة، إلا أنها قد تتحرك نحو السياسة الواقعية ودعمه في المواجهة مع إيران.
وفي الداخل عزز محمد بن سلمان موقفه، ولكن عليه التعامل مع الأمراء الذين أهانهم والحرس القديم الذين همشهم وجيل من الشباب غاضب لعدم توفر الوظائف أو دور سياسي. ويجب عليه حل المشكلة التي تهدد سلطته وهي حرب اليمن والمواجهة مع قطر، وبدأ مع هذه دبلوماسية هادئة حيث سمح لفرق السعودية بالمشاركة في المباريات الدولية التي تعقد في الدوحة، ودعا الملك سلمان أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، للمشاركة في القمة الخليجية رغم أنه لم يحضرها.
أما في اليمن فربما سمحت السعودية للأمم المتحدة أن تلعب دورا لتسوية الحرب. وكان على محمد بن سلمان تعديل موقفه من إيران بعد الهجمات التي تعرضت لها المنشآت النفطية السعودية وفشل الولايات المتحدة في الرد عليها.
ويختم بنيون بالقول إن جريمة قتل خاشقجي كانت نكسة سياسية ورهيبة على سمعة ولي العهد. لكن المصالح في المنطقة هي التي تتكلم ويعرف قادة الغرب أن عليهم التعامل مع السعودية وولي عهدها لسنوات قادمة.
ارسال التعليق