هدد جدة أثارت مقاومة شعبية نادرة بالسعودية
اشتكى سكان الأحياء التي دمرت مؤخرًا من أجل تطوير بمليارات الدولارات في مدينة جدة بالسعودية، من عدم تلقيهم تحذيرًا أو تعويضًا مناسبًا عندما هُدمت منازلهم وأحيائهم.
وكتبرير لعملية “هدد جدة” وصفت السلطات السعودية المناطق التي تغطي شريحة كبيرة من الأحياء القديمة في جدة بأنها أحياء فقيرة. ووصفتها بأنها أوكار للجريمة والرذيلة.
وقد نفى المقيمون هناك ذلك، قائلين إنها أحياء قديمة توفر مساكن بأسعار معقولة. للأقل ثراء بين السعوديين والمغتربين.
وبحسب تقرير لهيئة البث البريطانية “بي بي سي” أدى غضب تلك الشريحة إلى موجة نادرة من الاحتجاجات في السعودية. على منصات التواصل الاجتماعي، مثل Twitter و TikTok، مستنكرين ما يرون أنه ظلم وعدم إنصاف من خطة تغيير المنطقة.
وأظهر أحد مقاطع الفيديو أشخاصًا يلوحون بأيديهم بإشارة الوداع. للعديد من المعالم العزيزة في منطقة جدة المركزية التي كان من المقرر تدميرها.
بعض أولئك الذين نشأوا في ثاني مدن السعودية. رثوا المنطقة التي كانت ذات يوم مركزًا للمدينة لكنها أصبحت متدهورة في العقود الأخيرة.
ووصف ناشط سعودي معروف على الإنترنت باسم “وجيه ليون” المشروع لبي بي سي بأنه محو لتاريخ المدينة. لكن السلطات لا ترى الأمر على هذا النحو.
فمشروع التطوير الذي تصل ميزانيته إلى نحو 20 مليار دولار، لا يقدّم كمجرد مشروع تحديث جدة. ولكن أيضاً كترميم لتراثها الثقافي وقيمتها المعمارية.
فالمدينة عرفت كميناء للتجارة، بين الشرق والغرب، خلال السنين. كما أنها تعد نقطة استقبال لأعداد لا تحصى من المسلمين، خلال موسم الحج السنوي.
وتضم مخططات المنطقة، إنشاء دار للأوبرا، ومتحفاً بحرياً. وملعب كرة قدم، وميناءاً ضخماً، وشاطئ عام.
وحسب مخطط الحكومة، ستبقى بعض المعالم في مكانها، مثل برج تحلية المياه. والذي سيتحول إلى متحف صناعي، كما ستبنى 17 ألف وحدة سكنية.
مباني مخصصة للاثرياء:
لكن السكان الذين اعتادوا الإقامة في المنطقة، يؤكدون أنهم لن يستطيعوا العودة إليها لأن العقارات المخطط لها. ستصبح عالية الكلفة، ومخصصة للأثرياء.
رجل أعمال، من سكان إحدى هذه المناطق، تحدث إلى بي بي سي، طالبا الإشارة إليه بحرفي “ك م”. قال إنه لم يصدق عينيه عندما عاد إلى المنطقة قبل أسبوعين، بعدما أمضى شهرين بعيداً عنها.
وأضاف “لا يمكن تصديق ما جرى، كان هناك مبانٍ وأحياء تقطن فيها أسر، سويت بالأرض”.
وأشار إلى أن العديد من السكان أصبحوا من دون مأوى، واضطروا للانتقال إلى أحياء أبعد حتى يكون الإيجار أقل كلفة. كما أن بعض الأشخاص عادوا إلى الإقامة في منازل أسرهم في مدن أخرى.
أما بالنسبة لموقفه الشخصي، يقول “ك م”، إنه استثمر أموالاً كثيرة في تطوير بعض الوحدات السكنية، والإدارية، في المنطقة. ورغم ذلك، ورغم حصوله على كل التصاريح اللازمة، إلا أن الحكومة أصرت على إزالة مبنيين كان يمتلكهما. ولا يوجد أي دليل يشير إلى أنه سيحصل على تعويض مناسب.
شيطنة السكان:
نفس القصة يرددها الكثيرون، على منصات التواصل الاجتماعي، ويؤكدون عدم حصولهم على مهلة كافية لنقل حاجياتهم وترتيب أمورهم. ويؤكدون أن الوعود الحكومية، بتقديم تعويضات، أو مساكن بديلة، محدودة جداً حتى الآن.
ويعبر هؤلاء عن اعتقادهم أن المنطقة استهدفت بشكل خاص، لأنها تعد معقلاً لخليط من الأعراق، والجنسيات، إذ كانت جدة تفخر دوما بأنها مدينة متعددة الثقافات، ومنفتحة.
وكان السكان غاضبين من محاولات الحكومة شيطنتهم بوصفهم بأنهم تجار مخدرات ومجرمين وبائعات هوى وجعل المنطقة بأكملها أحياء فقيرة.
ويقر “ك م” أن اثنين أو ثلاثة من الأحياء يمكن اعتبارها أحياء فقيرة، لكنه يقول إن الأحياء الباقية عبارة عن أحياء عاملة تحتوي على جميع وسائل الراحة وتوفر منازل لائقة لأولئك الذين لا تتوفر أسعارهم في مناطق راقية أخرى في جدة.
وتضيف “بي بي سي”:”لقد تلاشى الصخب حول المشروع إلى حد ما في الأسبوعين الماضيين – ربما لأن تدمير جزء كبير من المنطقة أصبح أمرًا واقعًيا. إن رفع صوتك في السعودية ضد أي تغيير من هذا القبيل هو مغامرة محفوفة بالمخاطر على أي حال.
لكن الاستياء والشعور بالظلم لا يزال قائما بين أولئك الذين يشعرون أنهم حُرموا من منازلهم بإجراءات موجزة، سعيا وراء رؤية جديدة للمملكة السعودية – كمنافس لدبي للمستثمرين والسياح – لا مكان لهم فيها.
ارسال التعليق