هل يستجيب آل سعود لدعوات طهران للحوار؟
التغيير
يغيب مؤقتاً حديث القوة والحشود العسكرية عن واجهة المشهد في منطقة الخليج، خصوصاً بين الرياض وطهران، بسبب استمرار تفشي فيروس كورونا والذي اجتاح المنطقة.
وخلال العامين الماضيين تصاعدت التوترات بين الطرفين بشكل كبير، خصوصاً عقب الهجمات التي استهدفت منشآت نفطية بمملكة آل سعود أساسية، والتي أعلنت جماعة أنصار الله في اليمن مسؤوليتها عنها، وسط اتهامات آل سعود لإيران بالوقوف وراء تلك الهجمات.
ورغم فشل وساطات دولية لجمع الرياض وطهران حول طاولة الحوار، تعود التصريحات الإيرانية مجدداً التي تؤكد استعدادها للحوار مع مملكة آل سعود، ليطرح تساؤلات حول ما يدفع إيران إلى استمرار إرسال هذه الخطابات الإيجابية لمملكة آل سعود في هذا التوقيت تحديداً؟
دعوات للحوار مجدداً
من جديد عادت إيران في الـ20 من يوليو 2020، لتعلن استعدادها للحوار مع جميع دول المنطقة، وفي مقدمتها مملكة آل سعود، معتبرة أنه لا سبيل لحل الخلافات إلا بالحوار.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، إن بلاده حاولت مرات عديدة الحوار والتعاون مع مملكة آل سعود، "وأعلنا سياستنا المبدئية والثابتة، والكرة الآن في الملعب السعودي"، مضيفاً: "وعليه فإن الأمر يتعلق بحكومة ومسؤولي هذا البلد ليقرروا موقفهم ورؤيتهم تجاه مقترحات طهران للتعاون والحوار الإقليمي".
وجاءت هذه التصريحات بعد يوم من زيارة وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، قام بها إلى العراق (19 يوليو) على رأس وفد سياسي، وأجرى مباحثات مع كبار المسؤولين العراقيين.
ونقلت وكالة "شفق نيوز" العراقية عن تحالف "الفتح" العراقي، بزعامة الأمين العام لمنظمة "بدر"، هادي العامري، قوله إن الهدف الحقيقي من زيارة ظريف "هو توصيل رسالة إلى دول الخليج، وتحديداً مملكة آل سعود، بأن طهران مستعدة لإيجاد التفاهمات، وفق وساطة عراقية، وبأن زيارة ظريف لا تخلو من هذا الأمر".
وكان من المفترض أن يقوم رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، عقب ذلك بزيارة إلى مملكة آل سعود في ذات اليوم، قبل أن تؤجَّل، عقب دخول ملك نظام آل سعود سلمان بن عبد العزيز المستشفى "لإجراء فحوصات".
لا آمال بالحوار
يعتقد الأكاديمي المتخصص في تاريخ إيران المعاصر والشرق الأوسط محجوب الزويري، أن الظرف السياسي الثنائي والظروف الإقليمية، لا تساعد على حدوث تواصل بين مملكة آل سعود وإيران.
ويوضح، في حديثه لوسائل إعلامية أنه "في الماضي كان ثمة آمال بحدوث انفراجة في الأزمة بين البلدين، من خلال قيام الرياض بالضغط على واشنطن من أجل تخفيف الضغوط على طهران"، إلا أنه وفقاً للزويري، "لا تبدو حالياً العلاقات جيدة بين مملكة آل سعود وأمريكا، حتى تقوم الأخيرة بشيء إيجابي تجاه إيران".
ويقول إن مملكة آل سعود "مشغولة بأزماتها الداخلية، سواء كان ذلك بأزمتها الاقتصادية أو تبعات كورونا أو حرب اليمن، والآن احتمال تشجيع الرئيس المصري عبد الفتاح للسيسي بالقيام بعملية في ليبيا، ولديها مجموعة من العقد لا يمكنها الالتفات لهذا الأمر".
ويرى أنه لا يمكن أن يحدث حوار في الوقت الحالي بين طهران والرياض، بسبب "الحروب الكلامية الكبيرة، وبعد كل هذا الاستعداء، وبعدما بنى محمد بن سلمان كل فترته على فكرة أساسية معادة إيران في المنطقة.
دعوات مستمرة
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي ترسل طهران رسائلها خلال العام الجاري، ففي 18 يناير 2020، قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، إن بلاده مُستعدة للدخول في حوار مع مملكة آل سعود وسائر دول الخليج.
وبعدها بأيام خرج محمود واعظي، مدير مكتب الرئيس الإيراني، في 23 يناير من ذات الشهر، بدعوته مملكة آل سعود إلى العمل مع إيران لحل الخلافات.
وفي 20 أبريل 2020، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، في مؤتمر صحفي: إن "إيران مستعدة دائماً للتواصل مع جيرانها وتحت أي ظرف، ومستعدون لحل الخلافات دون شروط مسبقة".
وفي 22 يونيو 2020، قال مستشار المرشد الأعلى الإيراني للشؤون العسكرية، يحيى صفوي، إن علاقة بلاده مع الإمارات تحسنت، وإن طهران مستعدة للحوار مع مملكة آل سعود دون شروط إذا وافقت على ذلك.
ظريف وزيارة الكاظمي
وحول التصريحات الإيرانية التي جاءت بعد يوم من زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى العراق، قبيل زيارة لرئيس الوزراء العراقي، يقول المحلل السياسي العراقي نظير الكندوري: إن الكاظمي "سيحمل وجهة النظر الإيرانية للسعوديين، لكنه من غير المتوقع أن يؤدي دور الوسيط بين البلدين".
واتفق الكندوري مع ما طرحه الزويري؛ من عدم إمكانية حدوث تقارب سعودي إيراني في الفترة الحالية، "رغم الرغبة الإيرانية القوية للتوصل إلى حل مع السعوديين لإنهاء المشاكل العالقة بينهما".
وأضاف: "نرجح أن مملكة آل سعود لن تلتفت إلى أية مطالبات إيرانية تصل إليها عبر الكاظمي إن حدثت".
خلافات واسعة.. ومحاولة باكستانية
ودفع التوتر بين الرياض وطهران، باكستان لقيادة وساطة من الوزن الثقيل بين الطرفين خلال عام 2019، من باب تهدئة واضحة لإنهاء التوتر أو التخفيف منه على أقل تقدير، لكنها لم تتمكن من الوصول إلى خطوات لبناء الثقة.
والعلاقات مقطوعة بين البلدين منذ مهاجمة سفارة آل سعود في طهران بداية 2016، إثر تنفيذ الرياض حكم الإعدام بحق رجل الدين نمر النمر، إضافة إلى الحرب في اليمن والتي يقود آل سعود فيها تحالفاً عسكرياً دعماً لحكومة هادي ضد أنصار الله المدعومين من طهران.
وإلى جانب الملف اليمني، تتزاحم الملفات بين طهران والرياض، ووصل التوتر في منطقة الخليج المتصاعد منذ شهور إلى ذروته عند هجمات أرامكو والهجوم على ناقلة نفط إيرانية في البحر الأحمر، في إطار حرب الناقلات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط منذ استهداف ناقلتي النفط في بحر عمان في الـ13 من يونيو 2019.
كما أن خلافات طهران والرياض تكبر من سوريا ولبنان إلى اليمن، وباتت تفرق بينهما حروب صغيرة لكنها مخيفة، من حرب المنشآت النفطية إلى حرب المضائق والناقلات.
ارسال التعليق