واشنطن وآل سعود: وراءكم حتى الدولار الأخير!
قبل عدة أشهر اقترع الكونغرس الأميركي بالإجماع على ما يسمى بـقانون "العدالة ضد رعاة الاعمال الارهابية" (جاستا). وقبل عدة أيام عاد وصوت بالأغلبية الساحقة على إسقاط فيتو الرئيس أوباما على القانون المذكور. وبذلك أصبحت السبل ممهدة للبدء برفع دعاوى أمام المحاكم الأميركية من المؤكد أنها ستفضي إلى إجبار السعودية على دفع تعويضات مالية لأسر ثلاثة آلاف شخص من ضحايا هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2011 ولغيرهم من المتضررين.
في البدء، وتحديداً في شهر أيار/مايو الماضي، لوح الأميركيون بنيتهم في ملاحقة السعودية على أساس اتهامها بالمشاركة في تلك الهجمات. اتهام من المنتظر أن يؤدي -إذا ما كشفت التحقيقات عن صحته، وهو أمر لا يصعب إثباته، ولو تعسفياً، على القضاة الأميركيين - إلى تغريم السعوية بمبالغ مالية قد لا تكفي لتغطيتها جميع أموال السعوديين المكدسة في مصارف الولايات المتحدة وغيرها من بلدان العالم الأخرى.
احتلال السعودية
ولم يجرؤ السعوديون يومها على أكثر من التهديد بسحب مبلغ 750 مليار دولار من أصولهم التي تقول بعض المصادر أنها تتجاوز الثماني تريليونات دولار، فيما لو أصرت واشنطن على توجيه التهمة المذكورة إلى الرياض.
ثم تراجعت السعودية عن ذلك التهديد عندما رد الأميركيون، في العلن، بأن سحب المبلغ الذي تهدد السعودية بسحبه من شأنه أن يؤدي إلى انهيار النظام النقدي العالمي، وإلى إلحاق خسائر فادحة جداً بالسعودية نفسها. بمعنى أن بقية تريليوناتها المودعة في مصارف الولايات المتحدة والغرب سيكون مصيرها التبخر الحتمي.
هذا في العلن. أما في السر، فإن التجارب تعلمنا أن الولايات المتحدة ربما تكون قد وصلت إلى حد التهديد باحتلال السعودية ووضع اليد على مصادر ثرواتها النفطية وغير النفطية، وأيضاً على مكة والمدينة اللتين تؤمنان بفضل مواسم الحج والعمرة مداخيل طائلة للأسرة الملكية.
ولا مجال لاستبعاد ذلك. ألم تقم الولايات المتحدة باحتلال أفغانستان بالتهمة نفسها الموجهة اليوم إلى السعودية، أي بتهمة الضلوع في هجمات 11 أيلول/ سبتمبر ؟
أليس أن قوى أمنية إسرائيلية تضع يدها فعلاً على مكة والمدينة بتفويض من آل سعود تحت ستار حفظ الأمن في الحرمين الشريفين ؟
تراجعت السعودية إذن عن التهديد بسحب الودائع، وربما تكون قد راهنت على وعد من الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بالعمل على إلغاء القانون "جاستا" أو تعليق دخوله في حيز التنفيذ.
وبالفعل، حدث قبل حوالي عشرة أيام أن استخدم الرئيس أوباما حق الفيتو ضد القانون المذكور. لكن الكونغرس، بغالبية أعضائه الجمهوريين والديموقراطيين (الذين يجمعهم مع أوباما حزب واحد)، صوتوا لصالح إسقاط فيتو الرئيس. ما يعني أن التحقيقات ستبدأ بـ "إثبات مشاركة السعودية" في الهجمات على نيويورك وواشنطن.
السعودية ستدفع
وقد ينبغي التذكير هنا أن ما لا يحصى من التحقيقات والشهادات والدراسات قد أثبتت بما لا يقبل الشك أن هجمات سمبتر/ أيلول هي من تدبير المخابرات الأميركية والإسرائيلية التي تستخدم تنظيم القاعدة وغيره من التنظيمات الإرهابية في تنفيذ عملياتها الوسخة.
كما أثبتت أن بعض السعوديين الذين يفترض، وفقاً للأكاذيب الأميركية، أنهم احترقوا وتبخروا داخل الطائرات التي صدمت البرجين التوأمين ومبنى البنتاغون، ما زالوا أحياء في كامل صحتهم ولم يسبق لهم أن وطئوا أراضي الولايات المتحدة.
القضية إذن هي قضية سياسية وربما يكون أهم ما فيها هو الـ "money"، أي كبير الآلهة التي تعبد في الولايات المتحدة وفي غيرها من البلدان التي يسود فيها نمط العيش السائد في الولايات المتحدة. وقد سبق في الإطار نفسه أن وجد العقيد القذافي نفسه مجبراً، في سياق سعيه إلى استرضاء الغرب، على دفع عشرة مليارات دولار لذوي ضحايا طائرة "لوكربي"، رغم معلومات مؤكدة أفادت أن المخابرات الإسرائيلية هي التي فجرت الطائرة المذكورة في الجو فوق القرية البريطانية.
وفي حكم المؤكد أن السعودية ستدفع التعويضات مهما بلغت قيمتها. لأنها لا تملك خياراً آخر، وطالما أن أولوية الأولويات عندها، على ما يقوله أحد المراقبين السعوديين : "من المهم أن يكون الأميركيون إلى جانبنا لمواجهة أزمات المنطقة خصوصاً في سوريا واليمن، والخصم الإقليمي الأبرز، إيران".
لكن المراقب السعودي فاته أن الولايات المتحدة لا يهمها غير أن تكون إلى جانب نفسها، وهي المعروفة بأنها تزج بأدواتها من السذج والمغفلين في أصعب المآزق، ثم تجني لنفسها ثمار نجاحهم فيما لو نجحوا، وتبيعهم عند أول منعطف وتساهم في سحقهم عندما يفشلون. كما هي الآن حال السعودية وغيرها من بلدان خليجية كالإمارات والبحرين اللتين ترفعان عقيرتيهما في تحذير واشنطن من مغبة إقدامها على ملاحقة السعودية. نعم، الإمارات والبحرين، بكل عظمتهما !
بقلم : عقيل الشيخ حسين
ارسال التعليق