وانحنى (مبس) لابن نايف.. وماذا بعد؟
يقال ان الرئيس الاميركي الاسبق باراك اوباما اجتمع في مكتبه في البيت الأبيص في 13 أيار/مايو 2015 مع كل من الأمير محمد بن نايف ومحمد بن سلمان عندما كان عمر الاخير (30 عاما) وكان وقتها وليا وليا للعهد يعني (وليا مُربعا)، فيما كان الاول "ابن نايف" (56 عاما) بعنوان (ولي العهد) قبل الاطاحة به من قل الثاني.
تنبأت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية الـ(CIA) في حينها انهما (المحمدَين) ولصغر سنيهما نوعا ما، انهما سيهمنان على المشهد السياسي للملكة لعشرات السنين القادمة خلفا للملك سلمان (79 عاما في ذلك الوقت)، الامر الذي دفع الادراة الاميركية على البناء على ما أسمته (روترز) بـ(العلاقة المحورية بين المحمدين) حيث وضعت تلك العلاقة تحت المجهر على نحو متزايد، خصوصا وان السعودية لها اولوية مصيرية بالنسبة للولايات المتحدة باعتبارها في حكم أكبر مصدر للنفط في العالم رغم مواجهتها اضطرابات إقليمية وتراجعا حادا في أسعار النفط.
كان بعض السعوديين المطلعين على شخصيتي الاميرين (ابني العمام) انهما لن من المحال ان يلتقيا على امر جامع بينهما، ذلك على عكس رؤى من حضر اجتماعهما مع اوباما، حيث ظهر المحمدان أن تعاملاتهما العلنية يسودها الوئام والاحترام، فالاول الامير محمد بن نايف الأكبر سنا كان يظهر كشخصية لها باع طويل في الحياة السياسية في السعودية ويحظى باحترام واسع أما الأمير الأصغر فخبرته قليلة نسبيا لكنه الابن الأثير و(المدلل) للملك.
يقول السعوديون المطلعون على بواطن الامور من الذين اعتادوا على معايشة بعض التحزب بين أمراء الأسرة الحاكمة (واعدادهم بالمئات)، إن العلاقة بين الرجلين ببساطة حساسة بدرجة لا تسمح بمناقشتها في العلن. في نفس الوقت أقر البعض بأنه سمع عن خلافات مستترة لكنه رفض أن يكون أكثر تحديدا (وأيضا حسب رويترز).
يحظى الامير ابن نايف باحترام كبير في المجتمع الهيكلي للسعودية النفطية وبين مالكي "بترودولارها" اصحاب الرساميل والشركات وأثرياء المجتمع من كبار ذوي الثروة والمال الذين كان ابن نايف يراعيهم باتزان واحترام ويؤمن لهم حياتهم المالية، الامر الذي دفع ابن سلمان للبدء بمؤامرة ازاحته من طريقه وبقية الاحزاب المؤلفة عائليا بين امراء السلطة الحاكمة ولكن وكما يقول المثل الانجليزي (ستيب باي استيب) خطوة اثر خطوة وبهدوء تام.
بدء الضربات القاصمة برأس الجبيري:
ابتدأت الاحتكاكات بالظهور للعلن بين الامحمدين مع بدء عزل الملك سلمان "سعد الجبري" أحد ابرز معاوني ولي العهد (ابن نايف) من منصبه كوزير للدولة في خطوة لم يصدر تفسير رسمي لها خصوصا وان المملكة لم تصدر رسميا أي تعليق لها لشرح سبب العز، ما أدى إلى تكهنات بين السعوديين ودبلوماسيين في عموم منطقة المحميات الخليجية بأنها تعكس توترا أوسع نطاقا بين النخبة الحاكمة.
ان عزل الجبري لم يكن "الضربة النهائية" للملك بايعاز من ابنه (المدلل) بل كانت تمثل عملية البدء الفعلي لاستحواذ ابن سلمان على خلافة ابيه بازاحة منافسية وتصفية مساعديهم، خصوصا اذا ما عرفنا ان دبلوماسيين أميركيين كانوا قد وصفوا "سعد الجبري" (في برقية من السفارة في الرياض عام 2006 نشرت فيما بعد ضمن برقيات ويكيليكس) إنه مستشار للأمير محمد بن نايف في عدد من القضايا وواحد من أبرز مساعديه.
قبيل الاطاحة بابن نايف تمكن ابن سلمان من ازحة الركيزة الثانية التي يستند عليها ابن عمه محمد بن نايف من خلال ازاحة خالد الحميدان "المساعد البارز الآخر لإبن نايف، الذي تم تعيينه رئيسا للمخابرات، ما دعا الامر ابروز تكهنات عن وجود خلافات في القيادة ما دعا لايجاد اشاعات عن تغييرات محتملة جديدة في ولاية العهد، حيث تيقن هؤلاء من التكهنات والشائعات بالتطبيق العملي في ازاحة ابن نايف عن ولاية العهد، عندما عين الملك سلمان ابنه في نيسان/ابريل 2015 وليا للعهد بعد ان كان (وليا مربعا) في عهد ابن نايف.
(مبس).. وعين على "الجمل بما حمل":
العزل لم يكن إلا غاية مرحلية توسل بها محمد بن سلمان الذي يسعى للاستحواذ على الجمل بما حمل، فلم يكتف بعزل ابن نايف بل اجبره بعد ذلك على الإقامة الجبرية في قصره بمدينة جدة، ومنعه من السفر "حسب تقرير صادر عن صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية"، الاقامة التي تعتبر بمثابة (سجن دائم غير معلن) بدأه ابن سلمان بتقطيع اجنحة ابن نايف ثم ازاحته عن المنصب ثم قام باعتقاله ثم اتهامه بالفساد ثم الاقامة الجبرية (السجن) ما يشير الى توسله بخطة محكمة للتخلص من خصومه الذين يشعر بانهم يشكلون (بطريقة او باخرى) موانع وحواجز بوجه احتكاره للسلطة المطلقة في المملكة، فكان وجود ابن نايف يشكل العقبة الاساس بوجهه.. ازاحه لينطلق بعده بسرعة الصوت في تصفية كافة الامراء والسعي لافلاسهم وتحجيمهم وابنزازهم ثم بخس اموالهم.
شعر الأغلبية العظمى من امراء الأسرة الحاكمة خصوصا أصحاب النفوذ منهم في 2017 بعد احتجاز الامراء في فندق "ريتز كارلتون" (خمس نجوم) في العاصمة الرياض بأوامر من ابن سلمان، ومعهم العشرات من رموز العائلة الحاكمة، بالإضافة إلى وزراء ورجال أعمال، حيث وجه لهم ابن سلمان في وقت لاحق اتهامات بالفساد والكسب غير المشروع لعدد كبير منهم، وتم التوصل إلى تسويات مالية مع بعضهم.
قال مسؤول غربي حينذاك لوكالة الصحافة الفرنسية إنه "مع عملية التطهير هذه لم يعد هناك منافس لمنع ابن سلمان من الوصول إلى العرش".
الامراء يبيعون الاصول والعقارات:
أخر ما وصل الاعلام العالمي من فضائح (مبس) والعائلة المالكة في السعودية ما نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الاميركية بقولها إن العديد من أمراء السعودية باعوا ما قيمته 600 مليون دولار من العقارات واليخوت والأعمال الفنية في الولايات المتحدة وأوروبا منذ أن شدد محمد بن سلمان القيود على الأسرة الحاكمة شديدة الثراء.
ووفقا للصحيفة، تمثل المعاملات تغييرا جذريا في ثروة أمراء آل سعود الكبار الذين قاموا بتحويل المكاسب غير المتوقعة من طفرات النفط في السبعينيات والثمانينيات إلى بعض الأسواق الأكثر حصرية في العالم.
حيث تم إنفاق المبالغ الهائلة من الأموال إلى حد كبير على الأصول التي يصعب بيعها أو استنزافها. من خلال الإنفاق الذي وصل إلى 30 مليون دولار شهريًا لبعض أفراد العائلة المالكة الذين لديهم عدد كبير من الموظفين وأنماط الحياة المترفة. مما يجعلهم عرضة للتغييرات الأخيرة في سياسة الحكومة.
إلا أنه وفقا للصحيفة، فإن بعض أفراد العائلة المالكة يبيعون الآن الأصول في الخارج لتوليد السيولة. وذلك بعد أن جفف محمد بن سلمان ، العديد من مصادر الأموال التي استخدموها للحفاظ على عادات الإنفاق غير العادية. بحسب أشخاص مقربين من الأمراء الذين يجرون المبيعات.
ارسال التعليق