وحشية ابن سلمان زعزعت العلاقات مع المغرب
أفاد تقرير لمؤسسة الأبحاث الأمريكية «بروكينجز» بأن العلاقات السعودية المغربية تمر بمستوى برود غير مسبوق؛ وذلك بسبب «السياسة العدوانية» التي ينتهجها ولي العهد محمد بن سلمان في المنطقة العربية.
وبحسب تقرير المؤسسة الأمريكية، الذي نشرته أمس فإن المخاوف من السياسات العدوانية لابن سلمان في عموم المنطقة أظهرت رغبة الرباط في استقلالية قرارها والحفاظ على علاقات قوية مع أكبر عدد ممكن من الدول الفاعلة في المنطقة كما تسعى إلى كسب التأييد لموقفها في نزاع الصحراء الغربية، ووضع نفسها فوق الانقسامات الخليجية.
وكانت وكالة رويترز قد ذكرت الشهر الماضي أن «استدعاء المغرب لسفيرها في الرياض يعكس التوتر المتزايد بين الحليفين، والارتباك المصاحب للاستدعاء عزز فكرة أن علاقات الرياض والرباط قد وصلت إلى أدنى مستوياتها، لا سيما أنه جاء على خلفية بث قناة العربية الإخبارية السعودية فيلماً وثائقياً شكك في سيادة المغرب على الصحراء الغربية».
وقال التقرير إن الفترة التي تلت العام 2011 قد شهدت فترة ذهبية للتحالف بين البلدين، وذلك بهدف مواجهة الثورات العربية التي أصبحت مصدر تهديد للعوائل الحاكمة في المنطقة، الأمر الذي جعل مجلس التعاون الخليجي يدعو المغرب والأردن للانضمام إلى كتلته الإقليمية بهدف الوقوف أمام انتشار الاحتجاجات في جميع أنحاء العالم العربي.
وأكد أنه على إثر تجاوب عمَّان والرباط، تلقى البلدان مزيداً من الاستثمارات وفق اتفاقيات تجارية مع دول مجلس التعاون الخليجي. وأصبحت السعودية ودولة الإمارات اثنين من أهم مصادر الاستثمار الأجنبي في المغرب. وارتفع أيضاً حجم التعاون العسكري والدفاعي إثر استثمار السعودية مبلغاً قيمته 22 مليار دولار في الجيش المغربي.
وقال تقرير «بروكينجز» إنه مع فرض الرياض وحلفائها حصاراً على قطر عام 2017، حاولت الرباط، أن تظل طرفاً محايداً في الأزمة الخليجية، رغم أنها عرضت أن تكون وسيطاً، لكن السياسة الخارجية العدوانية التي تتبعها المملكة العربية السعودية في ظل نظام ولي العهد محمد بن سلمان عرقلت جهود الدول العربية التي تسعى لتفكيك الأزمة ومنها جهود المغرب.
وبحسب التقرير، فإن الخلاف المغربي - السعودي يعكس قلق الرباط المتنامي حول سياسات الرياض العدوانية التي أدت إلى عواقب إنسانية كارثية منها حرب اليمن والجريمة الوحشية ضد الصحفي جمال خاشقجي وقتله داخل قنصلية بلاده في إسطنبول في أكتوبر الماضي، فضلاً عن زيادة الضغوط الدولية ضد السلطات السعودية.
ومن هذا المنطلق، يقول التقرير، إن المغرب يريد أن يتمتع بمزيد من الثقة وتأكيد استقلاليته والحفاظ على علاقات جيدة مع أطراف النزاع الخليجي، فضلاً عن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وتعكس هذه الاستراتيجية تركيز الرباط المستمر على ضمان استمرارية الدعم الدولي لسيطرتها على الصحراء الغربية.
ورغم عدم انحياز الرباط إلى أي من أطراف الصراع في المنطقة، بحسب تقرير «بروكينجز» فإن الرياض بالإضافة إلى أبوظبي والمنامة قد صوتوا في يونيو 2018، ضد مساعي المغرب لاستضافة كأس العالم 2026، لتحتفظ الرباط بحق الرد على هذه الدول برفضها استقبال محمد بن سلمان أثناء جولته العربية قبل نحو شهرين، في وقت كانت الرياض بأمسّ الحاجة لحلفاء يخففون الضغوط الدولية عليها.
وفي خضم هذه الأحداث والتوترات، يتطرق التقرير إلى إعادة الرباط تقييم مشاركتها في التحالف السعودي الإماراتي وحرب اليمن والإعلان لاحقاً عن إنهاء مشاركتها، الأمر الذي أحبط السعودية، كون الرباط من أول الدول التي دعمت هذا التحالف عام 2015.
وأكد «بروكينجز أن السياسة الخارجية المغربية تقوم على أساس جلب الدعم لمطالبها في السيطرة على الصحراء المغربية، وهو ما نسفته سياسة السعودية الخارجية في الفترة الأخيرة.
ويخلص التقرير إلى أن هذه التوترات بين المملكتين قد لا تؤثر على تاريخ طويل من العلاقات القوية بين المغرب والسعودية، وحتى مع التوترات الحالية، لا يبدو أن ثمة انقطاع محتمل في العلاقات، فالتوترات الحالية استثنائية.
ارسال التعليق