قوات العدوان على اليمن.. انقسام يعزز الفشل
سلط مقال رئيس تحرير موقع ميدل إيست آي، ديفيد هيرست، الضوء على الانقسامات التي تضرب قوات العدوان على اليمن بقيادة السعودية، مؤكدا أنه بعد أكثر من عامين على الحرب الكارثية، لم ينجح ولي عهد المملكة، محمد بن سلمان، إلا في توحيد اليمنيين ضده.
وأوضح الكاتب: نتذكر الاسم الذي أطلقته السعودية على عمليتها ضد اليمن في 25 مارس 2015 عملية “عاصفة حاسمة”، وبحلول 21 أبريل، أعلن رسميا أن العاصفة قد انتهت بنجاح لكن الغارات الجوية استمرت بطبيعة الحال، وأصبحت الضربات الجوية على المستشفيات والمدارس جزءا من عملية سميت بـ “إعادة الأمل”.
وبعد عامين ونصف، لا يزال البؤس الجماعي الذي يعاني منه جميع اليمنيين مستمرا، لكن تحالف القوات البرية التي جمعته السعودية تضربه الانقسامات بين القوات البرية الأجنبية التي تقاتل ضد أنصار الله في اليمن، مما يهدد مستقبل التحالف الذي تقوده السعودية.
السودان
تعاني القوات السودانية، التي تشكل الجزء الأكبر من عشرة آلاف مقاتل أجنبي في التحالف الذي تقوده السعودية، من ارتفاع في معدلات الإصابات، وقال مصدر مقرب من الرئاسة في الخرطوم لـ”ميدل إيست آي”، إن أكثر من 500 جندي سوداني لقوا حتفهم في اليمن.
ويعزز أقوال المصدر ما أعلنه قائد قوة الدعم السريع التابعة للجيش السوداني، الفريق محمد حمدان حميداتي، قبل شهرين في صحيفة “الأخبار” السودانية عن مقتل 412 جنديا من بينهم 14 ضابطا، وأكد المصدر وجود ضغوط كبيرة داخل البلاد للانسحاب من هذه المعركة الجارية.
ومن الواضح أن الرئيس السوداني عمر البشير، بدأ يعيد التفكير في المعركة، كما أنه غير مسرور بأنه بات يعرف باسم “رئيس المرتزقة”، لكنه يتذكر دائما شريان الحياة الذي حصل عليه عندما أودعت الرياض مليار دولار في البنك المركزي السوداني قبل عامين، تليها قطر بمبلغ 1.22 مليار دولار.
يوم الخميس الماضي، انضم عمر البشير إلى موكب القادة العرب الذين ولّوا وجوههم نحو فلاديمير بوتين، حيث أخبر الرئيس الروسي أنه بحاجة إلى حماية من الولايات المتحدة، وكان ضد المواجهة مع إيران، ودعم سياسة الحفاظ على الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة.
ويأتي ذلك عقب حادثة وقعت في السودان مؤخرا، وصفت بأنها عملية تجسس ومحاولة انقلاب، فتم فصل طه عثمان أحمد الحسين من منصب مدير مكتب الرئيس السوداني، بعد اكتشاف أنه يحمل جواز سفر سعودي وتأشيرة إقامة في دولة الإمارات وتم القبض عليه متلبسا بإجراء اتصالات سرية مع الدولتين.
التجمع اليمني للإصلاح
ينتشر التمرد أيضا داخل صفوف اليمنيين، الذين هتفوا قبل عامين ونصف العام، للتدخل السعودي ضد أنصار الله، وكانت العلاقة السعودية مع حزب التجمع اليمني للإصلاح، أكبر مجموعة مقاتلة من اليمنيين ضمن القوة البرية للتحالف في اليمن، في أحسن الأحوال متضاربة.
ولي عهد أبو ظبي محمد بن زيد، الشريك الأقرب لولي العهد السعودي محمد بن سلمان في اليمن، شديد العداء علنا لحزب التجمع اليمني للإصلاح المرتبط بجماعة الإخوان المسلمين، واستخدم الإماراتيون القوات السودانية بفرض حصار على تعز، معقل حزب التجمع اليمني للإصلاح.
في المقابل، يستضيف السعوديون القيادة الوطنية لحزب التجمع اليمني للإصلاح في الرياض، حيث يستضيفوا أيضا الرئيس المعترف به دوليا عبد ربه منصور هادي، ويبدو أن الخط الفاصل بين الإقامة في الفندق والسجن رفيعة جدا هذه الأيام في الرياض، والأمر ينطبق على الضيوف اليمنيين واللبنانيين.
وصف مصدر مقرب من هادي، الظروف التي كان فيها محتجزا بالرياض بأنها “مريحة ومهذبة ولكن غير حرة”، وأضاف أن هادي كان مقيما فعليا في “قفص ذهبي”، لكنه غير قادر على زيارة اليمن أو الإدلاء بتصريحات، لكن قيادات حزب التجمع اليمني حرة التصرف في اليمن وتظهر علامات على اتخاذ قراراتها الخاصة، ويشعرون بالثمن السياسي الباهظ الذي يدفعونه للاستمرار في دعم حملة تحولت في أعين اليمنيين من التحرير إلى الاحتلال.
كما أنهم يدفعون الثمن المادي، حيث تعرض للقتل أو الاستهداف عدد من المشايخ والعلماء المنتمين لحزب التجمع اليمني للإصلاح، وكذلك السلفيين الذين اعترضوا على القيادة الإماراتية؛ وفي 7 ديسمبر 2016، تم اغتيال القيادي في حزب الإصلاح، خالد علي الأرماني، وفي 23 نوفمبر 2017، تم اغتيال الشيخ عبدالله بن أمير بن علي بن عبدات الكثري في حضرموت، وفي 17 يناير 2017، اغتيل محمد بن لشجام، نائب مدير الأحوال المدنية، إلى جانب قائمة الناجين من محاولات الاغتيال.
“لقد طفح الكيل”.. هكذا يعبر قادة الحزب ويدرسون بدء مفاوضات مباشرة مع حركة أنصار الله، وفقا لما ذكره مصدر في حزب التجمع اليمني للإصلاح، مضيفا: “الإماراتيون لا يخفون عداءهم للحزب، ويتم اغتيال مشايخ وعلماء الإصلاح من قبل الميليشيات الموالية للإمارات، كما تفرض الإمارات حصارا على تعز، مما يحجب الدعم عن مقاتلينا في المدينة”.
وتابع المصدر: “ونتيجة لذلك، يشعر الكثير من أعضاء وقادة الإصلاح بأننا ندفع ثمنا باهظا مقابل دعم هذا التحالف لكننا لا نحصل على المكافآت، بل يتم التآمر ضدنا من أحد أعضاء التحالف (الإمارات)، مستطردا: “قادة الإصلاح بدأوا اتخاذ القرارات الخاصة بهم، وتعزيز وجودهم في مأرب والجوف، مستقلين عن قرارات التحالف”.
وحاول السعوديون منع التمرد داخل صفوف حزب التجمع اليمني للإصلاح من خلال إيلاء المزيد من الاهتمام لقيادة الحزب في الرياض، والتقى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مؤخرا، برئيس الحزب محمد اليدومي، ما تسبب في عاصفة من التعليقات الساخرة على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة أن ولي عهد المملكة يعتبر الإخوان المسلمين في أماكن أخرى في المنطقة “إرهابيين”.
سلطنة عمان
تعتبر سلطنة عمان جنوب اليمن، الفناء الخلفي لها، ويساورها القلق بشكل خاص إزاء استيلاء الإماراتيين على سلسلة من الموانئ والجزر الاستراتيجية قبالة اليمن، ووصف مصدر دبلوماسي قطري هذا الاستيلاء بأنه “الإمبراطورية البحرية” الإماراتية، ولكن العمانيون يشعرون بالضيق إزاء الأمر.
ويتواصل العمانيون حاليا بهدوء مع زعماء القبائل في جنوب اليمن، وبعضهم من القوات الانفصالية، لتنظيم استجابة منسقة ضد الميليشيات التي تدفعها وتسيطر عليها أبو ظبي.
ويتضح بصفة عامة، أن أول مشروع عسكري يطلقه الأمير السعودي البالغ من العمر 32 عاما كوزير للدفاع عبارة عن فوضى تكتيكية واستراتيجية، ولم ينجح إلا في توحيد اليمنيين ضده، ما يعد إنجازا نادرا في عالم مستقطب بشدة.
بقلم : شيماء محمد
ارسال التعليق