بعد قطر.. هل جاء الدور على الكويت في الأزمة الخليجية؟
"إما معنا او ضدنا"، هكذا يمكن فهم الادارة السعودية الاماراتية للازمة مع قطر لا سيما بالنسبة للدول الاقليمية وبالتحديد الخليجية منها، وهذا ما يمكن ان يفهم من الاسلوب المعتمد من قبل حكام آل سعود وآل نهيان الذين يريدون قمع كل صوت خليجي يتقارب مع الجار العربي قطر او تبقى علاقته طيبة بها تحت اي عنوان من العناوين وبأي ذريعة كان.
وتحت هذا الاطار يمكن وضع الهجوم والتطاول الذي تعرضت له دولة الكويت من قبل مسؤولين سعوديين وبالتحديد تركي آل الشيخ المقرب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، عندما تناول شخص وزير التجارة والصناعة ووزير الدولة لشؤون الشباب الكويتي خالد الروضان الذي زار قطر على رأس وفد رياضي، نوه فيها بالجهود القطرية في دعم الرياضة الكويتية لا سيما فيما يتعلق بالازمة التي مر بها الاتحاد الكويتي لكرة القدم في علاقته بالاتحاد الدولي لكرة القدم(الفيفا) قبل ان تحل ويعود الاتحاد المحلي لعمله بشكل طبيعي.
التهجم السعودي والنوايا المبيتة..
لكن هذا الهجوم السعودي على الكويت كيف يمكن صرفه على أرض الواقع؟ وكيف يمكن ان يفسر على الرغم من محاولات الكويت الدائمة لتقريب وجهات النظر بين قطر والدول الخليجية الاخرى الاطراف في الازمة اي السعودية والامارات ومن خلفهما البحرين ومصر؟ وهل المطلوب إنهاء دور الكويت الوسطي الذي يعمل على تفعيله في أي فرصة امير البلاد صباح الأحمد الجابر الصباح؟ ولماذا يريدون كسر شوكة الكويت على الرغم من الدور المتوازن الذي لعبته وتلعبه؟ وهل المطلوب من كل الدول الخليجية ان يكونوا كالبحرين في الصف التابع للسعودية والامارات؟
وبالسياق، برز التعاطي الكويتي الرسمي مع التعرض السعودي، حيث تم استدعاء السفير السعودي في الكويت عبد العزيز الفايز وإن تم بطريقة كويتية لبقة وأبلغ من قبل وزارة الخارجية الأسف والعتب للإساءة التي تعرض لها الوزير الروضان، بحسب ما أعلن نائب وزير الخارجية الكويتية خالد الجارالله، واضاف "نؤكد رفضنا واستهجاننا لتلك الإساءة لما تمثله من مساس بالعلاقات الأخوية الحميمة والمتميّزة بين البلدين الشقيقين...".
رفض كويتي رسمي وشعبي..
وبالاضافة الى الموقف الكويتي الرسمي الرافض والمستنكر، أكد الشارع الكويتي رفضه للتهجمات السعودية واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي في الردود الشعبية المنددة بالكلام الذي أطلق ومس سيادة وكرامة الكويت، وجرت مطالبات بضرورة الاعتذار وعدم السماح بالتطاول على بلد طالما كان جامعا لكل أبناء الخليج والعرب ولم يتخذ اي موقف منحاز لدولة خليجية ضد اخرى بل عمل على لمّ الشمل العربي عموما والخليجي خصوصا في كل المراحل.
والموقف الكويتي المتوازن منذ بداية الازمة الخليجية يؤكد صوابيته اليوم مع تمادي السعودية وحكامها في التطاول حيث يستطيعون على مختلف الجهات والدول في الاقليم، والموقف الكويتي طالما كان يرتكز على مفهوم واضح ان العمل السعودي الاماراتي لإنهاء قطر واخضاعها سيكون له ارتداداته على الدول الاخرى لا سيما الكويت نفسها وعُمان، والنوايا السعودية والاماراتية باتت واضحة وهي لا تترك اي فرصة إلا وتستغلها للانقضاض على غيرها وهذا ما يفسر رفض الرياض وأبو ظبي كل المحاولات الكويتية لانهاء الخلاف الخليجي والبحث عن حلول سياسية تقرب الاطراف المتنازعة من بعضها، وما يدلل على هذا الموقف السعودي وانه ليس بالموقف العابر انه صادر عن أطراف مقربة من كراسي صناعة القرار سعوديا وبالتحديد من محمد بن سلمان اي ان الامر لم يكن زلة لسان او تسرع ولا يمكن تبريره بأي شكل من الاشكال، بل بالعكس فإن الاسباب والغايات السعودية للتعدي على الكويت والاطماع بنفطها وبضمها واعتبارها جزء لا يتجزأ من السعودية، هو من الاسباب المؤكدة للنوايا السعودية السيئة تجاه الكويت.
التعاطي بفوقية مع الآخرين.. والنتائج السيئة
ويجب على ولي العهد السعودي ان يفهم ان التقارب وفتح العلاقات مع قطر لا يعني ان الكويت صارت مع الدوحة ضد السعودية، وان قاعدة "إما معنا او ضدنا" لا تفيده ولا تفيد السعودية بل تضرها لانها ستؤدي الى عزلها خليجيا واقليميا ولاحقا على المستوى الدولي، وسيبقى مع السعودية فقط الدول الضعيفة او المستفيدة منها كالامارات والبحرين، الاولى لان من يدفعها الى مواقف هو المرشد الاقليمي لابن سلمان اي وليد عهد ابو ظبي محمد بن زايد، والثانية لانها لا تملك اي شيء وتحتاج في كل شيء وعلى مختلف الصعد الامنية والسياسية والعسكرية والمالية للسعودية.
لذلك الافضل لنظام آل سعود اتباع شيئا من الرشد والتعقل وبناء العلاقات على اساس الاحترام بدل التعاطي بفوقية مع الآخرين، ويجب على ابن سلمان الادراك ان التعاطي بالشكل الذي تم مع رئيس الحكومة اللبنانية سعد الدين الحريري والامراء من ابناء عمومته ورجال الاعمال من المستفيدين والأزلام في الداخل لا يمكن تطبيقه مع الخارج سواء كانت شخصيات عامة او دولا كالكويت وعمان او حتى مع قطر نفسها، والدليل على كل ذلك عدم القدرة السعودية على حسم الازمة الخليجية، وقد أكدت الوقائع ان موقف قطر هو الراجح بكل المعايير حيث طالبت ولا تزال بالحوار والحلول السياسية والدبلوماسية لانهاء الازمة بما لا يؤدي الى المساس بحقوقها وسيادتها.
ارسال التعليق