وثيقة ترامب الإستراتيجيّة مُطمئنة لتل أبيب بجميع المجالات ولم يعُد السلام مع الفلسطينيين شرطًا لتحسين التعاون الإسرائيليّ-الخليجيّ
رأت دراسة جديدة صادرة عن مركز بيغن-السادات في تل أبيب أنّه على الرغم من أنّ إستراتيجية الأمن القوميّ الأمريكيّة، التي تمّ إصدارها مؤخرًا لا تهدف إلى تقديم مجموعة ملموسة ومفصلة من السياسات الأمريكية للشرق الأوسط، إلّا أنّها تعكس المنطق العام وأهداف إدارة ترامب للمنطقة، وتُشير إلى تقارب وجهات النظر الأمريكيّة والإسرائيليّة حول الشرق الأوسط، وعليه فإنّ مضمونها وآثارها تستدعي اهتمامًا كبيرًا في تل أبيب.
ولفتت إلى أنّه في تغيير واضح من وجهة نظر إدارة أوباما، فإنّ الوثيقة الجديدة لا تنظر إلى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني باعتباره سببًا رئيسيًا لمشاكل المنطقة.
ومع ذلك، تؤكّد مجددًا التزام إدارة ترامب بتسهيل التوصل إلى اتفاق سلام شامل، وهو ما يعتقد أنّه يمكن أنْ يخدم المصلحة الأوسع لتعزيز التوازن الإقليمي المواتي للسلطة من خلال زيادة التعاون الإسرائيلي العربي في مواجهة التهديدات المشتركة.
وتتمحور الإجراءات ذات الأولوية المبينة في نس في السياق الإقليمي حول الإبقاء على الوجود العسكري الأمريكي، وتدعيم الشراكات لتعزيز الأمن والاستقرار، والحفاظ على استقلال العراق، والسعي إلى تسوية للحرب الأهلية السورية، وحرمان إيران من تطلعاتها النووية والإقليمية، وتعزيز اتفاق سلام شامل بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وأوضحت الدراسة أنّ واشنطن لا تنفصل عن الشرق الأوسط، وهذه أخبار مطمئنة لإسرائيل، مُشيرةً إلى أنّ القيادة الأمريكيّة تعمل على “احتواء وتأثير التأثير الخبيث الإيرانيّ والطموحات النووية، وهذه مصلحة إسرائيليّة أساسية”، وبالتالي، فإنّ استمرار التدّخل العسكريّ الأمريكيّ في العراق وسوريّة سيضمن التأثير المباشر الأمريكيّ، وغير المباشر على دور إيران ووكلائها في تلك الساحات.
ويُشكّل هذا النظام أيضًا، تابعت الدراسة، تغييرًا واضحًا في طريقة فهم الإدارة الأمريكية لمكانة إسرائيل في المنطقة، فقد ذهبت الافتراضات التي كانت تحتفظ بها إدارات سابقة أنّ دعم إسرائيل يأتي بتكاليف باهظة من العالم العربيّ، وأنّ حلّ الصراع الفلسطينيّ هو مفتاح تحسين الموقف الأمريكيّ في المنطقة، وهذا يفتح الطريق أمام إسرائيل لكي تلعب دورًا أكبر في النهوض بالمصالح الأمريكيّة بالمنطقة.
وبرأي الدراسة، فقد تمّ تقليص أهمية اتفاق السلام الإسرائيليّ-الفلسطينيّ في النهج العام للإدارة تجاه المنطقة، وترى واشنطن أنّ الاتفاق يمكن أنْ يؤدى إلى تعزيز العلاقات بين إسرائيل والخليج، الأمر الذي من شأنه دفع أهدافها في المنطقة قدمًا.
وأردفت: لم يعُد السلام الإسرائيليّ الفلسطينيّ هو وضع شرط حيوي لتحسين التعاون الإسرائيليّ-الخليجيّ، ويبدو أنّ نهج الإدارة تجاه عملية السلام يعتمد بشكلٍ أقّلٍ على القواعد المعياريّة وأكثر على حسابات السياسة.
ومع ذلك، أشارت، يجب على إسرائيل ألّا تغيب عن بالها حقيقة أنّ إدارة ترامب لا تزال ملتزمة بالنهوض بعملية السلام الإسرائيليّة الفلسطينية، وستنصح تل أبيب بعدم رفض الجهود الأمريكيّة لتجديد المفاوضات.
ولفتت الدراسة إلى أنّ دول الخليج تؤدّي دورًا محوريًا في نهج الإدارة تجاه المنطقة، ومن المتوقع أنْ تفي ثلاثة أدوار مترابطة: المساعدة في احتواء إيران ووكلائها، والعمل على رفض الأيديولوجيات الإسلامية المتطرفة، والمساهمة في الاقتصاد الأمريكيّ.
وبالتالي، أردفت، فإنّ الجوانب السياسيّة والعسكريّة للمثلث الأمريكيّ-الخليجيّ-الإسرائيليّ ستحتاج إلى أنْ تظل مسألة ذات أولوية عليا للمناقشة بين تل أبيب وواشنطن.
ونظرًا لأولوية الحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط بشأن الإصلاحات المتقدمة، قالت الدراسة، يبدو أنّ إدارة ترامب ستُحافظ على التعاون العسكريّ والاقتصاديّ مع جيران إسرائيل وشركاء السلام مصر والأردن، لأنّ استمرار الاستقرار في هذه الدول هو مصلحة حيوية لإسرائيل.
وشدّدّت الدراسة على أنّه من وجهة نظر إسرائيل، هناك فجوة كبيرة في الوثيقة، وهي عدم وجود أيّ إشارة إلى حزب الله، على الرغم من أنّ حزب الله قد صاحبه النضال ضدّ النفوذ الإيراني، فقد تطوّر إلى لاعبٍ إقليميٍّ هام في حدّ ذاته، وتحتاج واشنطن إلى سياسةٍ واضحةٍ تجّاه لبنان تتناول بشكلٍ صريحٍ السلطة الداخلية لحزب الله والتدخل الأجنبيّ.
في كلّ شيءٍ، أضافت، إسرائيل يُمكن أنْ تطمئن من أساسيات الإستراتيجيّة التي تتماشى بشكلٍ كبيرٍ مع وجهة النظر الإسرائيليّة بشأن المسائل الإقليمية، وتضع الأسس لسياسة أكثر قوّة تجاه إيران، وتُشجّع التعاون الإسرائيليّ-الخليجيّ، وتعطي الأولوية للاستقرار.
واختتمت بأنّ المفاوضات الإسرائيليّة الفلسطينيّة، إذا بدأت تحت رعاية واشنطن، من المرجح أنْ تكون موجهّةً نحو حلّ القضايا بطريقة تدعم وجهة نظر ترامب الإقليميّة من كونها عملية محملّة بالقيم ومحصورة في حدود المطالبات التاريخيّة والأخلاقيّة المتنافسة.
بقلم : زهير أندراوس
ارسال التعليق