هل نجح الأمير أحمد بالاحتفاظ بشرعيّة عائلته وأخلاقيّاتها حين اعترف بعَجزِها
بقلم: خالد الجيوسييَبدو أنّ “عاصفة الحزم” باتت “اللعنة” التي تُطارد العربيّة السعوديّة، وعائلتها الحاكِمة (آل سعود) تحديداً في كُل مكان، بل وربّما عهدها الحالي فقط، كما حاول الأمير أحمد بن عبد العزيز “الفصل” بين عائلته بأكملها، وبين المليك سلمان، ووليّ عهده الأمير محمد بن سلمان، وتحمّلهما أي (الملك وابنه) مسؤوليّة “الحزم والأمل”.
في مقطع فيديو مُتداول، أثار ضجّةً واسعة، وأثار التساؤلات حول مدى تراص أساسات البيت السعودي الداخلي، وإلى أي مدى كشف هذا المقطع حقيقة الخِلافات التي تدب بين العائلة الملكيّة، مُنذ تولّي الأمير الشاب بن سلمان زمام الأُمور في بلاده مملكة الحرمين.
الأمير أحمد، هو أحد أبناء المُؤسِّس للسعوديّة الملك عبدالعزيز، وهو حسب تقييمات الكثير الأكثر قُدرة، وحكمة، كما وشرعيّة لحُكم البلاد من بعد الملك الحالي سلمان، حسب آراء العديد من المُراقبين للشأن السعودي، فهو أحد أبناء الملك المُؤسِّس، وأصغرهم سنّاً كذلك (بعد الأمير مقرن)، وله أن يتربّع على عرش البِلاد، في حال العودة إلى عُرف العائلة الملكي، وهو تداول السُّلطة بين أبناء الملك عبد العزيز، وهو ما قام الأمير بن سلمان بتعديله، ليكون أوّل أحفاد “المُؤسِّس” في منصب ولاية العهد.
في تفاصيل المقطع، اجتمع عند مقر إقامة الأمير أحمد في لندن عَددٌ من المُتظاهرين الغاضِبين من حرب اليمن، والمُنادين هُتافاً بإسقاط حُكم العائلة، فناشدهم الأمير على غير عادة المسؤولين السعوديين عدم إدخال كُل عائلته بمسألة الحرب، فهم لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وهو مُرتبط بمسؤولين بعينهم، ليُجيب عن سُؤالٍ آخر لمُحتج عن هُويّة المسؤولين، ليُجيب الملك ووليّ عهده ومسؤولين آخرين، مُتمنِّياً بعد ذلك وقف الحرب “اليوم قبل بكرة”.
هو اعترافٌ صريحٌ وشُجاع قبل أن يكون بمثابة “نزع” شرعيّة الحرب على اليمن التي يقودها العهد الحالي باسم العائلة الحاكمة، وبلاد الحرمين، وبمثابة إعلان براءة الذئب من دم يوسف، وإخلاء المسؤوليّة وتحميلها كاملة لمن كان وراء انطلاقها حزماً ومن ثم أملاً، لقتل شعب اليمن بأكمله، وضم بلاده إلى الدول الفاشلة.
هذا التصريح المُفاجِئ، أصاب الإعلام السعودي بالدهشة، فإمّا مارس البعض الصمت المُطبق، وإمّا “اجتهد” بالإيعاز مُحاولاً تفسيره في غير سياقه، لكن الأكثر جذباً لنا هو ما قامت به وكالة الأنباء السعوديّة (واس)، والتي سارعت إلى نقل تصريحات عن الأمير أحمد نفسه، بقوله فيما معناه أنّ ما قاله غير دقيق، وأنّ مسؤوليّة الملك ووليّ عهده عن الدولة تعود لهما صحيح، ولكن لما فيه من أمن واستقرار للبِلاد.
لا نعلم حقيقةً إن كانت هذه التصريحات المُقتضَبة التي صدرت عن الأمير أحمد وبثّتها (واس) تعود بالفعل للأخير، وأنّه قرّر التَّراجُع إيثارًا للسَّلامة، لكن الثابت أنّ الأمير كان “دقيقاً” ولا يحتاج كلامه إلى إعادة تفسير، وكشف لنا “بالصَّوت والصُّورة” بما لا يدعو للشَّك عن خِلافاتٍ عَميقةٍ ومتجَذِّرةٍ في صُفوف العائلة الملكيّة الواحِدة، والتي من المفروض أنّها بايعت مليكها ووليّ عهدها على السَّمع والطَّاعة، و”تبصم” لهم بالعشرة على كُل قراراتهم الداخليّة، والخارجيّة، فهل حانت لحظة الحقيقة، وأعلن الأمير كلمة السِّر للتحرُّك والانطلاق للتغيير؟
ارسال التعليق