زعيم المرتزقة الفرنسي يكشف أسرار خطة السعودية لاحتلال وتدمير قطر
كشف بول باريل -زعيم جماعات مرتزقة فرنسية- عن تفاصيل خطة غزو عسكري لدولة قطر كان أشرف على قيادتها بدعم مباشر من الإمارات والسعودية والبحرين عام 1996، بعد فشل محاولة الانقلاب على نظام الحكم في قطر في ذلك العام. وتمكن مقدم برنامج “ما خفي أعظم” تامر المسحال من إجراء لقاء حصري مع بول باريل، الذي يظهر للمرة الأولى للحديث عن هذا الملف الذي بقي طي الكتمان والسرية طوال عقود. قال باريل إن الخطة الانقلابية لو تم تنفيذها لحصلت “مجزرة” كبيرة في قطر مشيراً إلى أن فريقه الخاص كُلّف بمهمة تأمين الشيخ خليفة وأيضاً بإلقاء القبض على أمير البلاد حينها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، والقضاء على الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني وزير الخارجية آنذاك وعدد كبير من الأسرة الحاكمة. هذا فضلاً عن عددٍ من رموز السلطة والعائلة الحاكمة، وقال إن عملية احتلال قطر كان مخططاً لها أن تتم في أقل من ربع ساعة من أجل السيطرة على قطر وقيادة الجيش والإذاعة التلفزيون.
وقال إن العملية فشلت بسبب أن الشيخ خليفة بن حمد قرر إيقافها بعدما أبلغه أن حصيلة القتلى قد تصل إلى ألف شخص جرّاء الهجوم، فقرر الشيخ خليفة حينها الانسحاب من المشهد بسبب فداحة الخسائر وبسبب أحداث تخريبية أخرى حدثت داخل قطر أثارت غضبه، فالشيخ خليفة كان طيباً وعقلانياً وسألني هل سيكون هناك قتلى أجبته سيكون هناك ألف قتيل، لحظتها غضب الشيخ خليفة وقال لي هذا غير ممكن أوقف كل شيء إنها بلدي آمرك بوقف كل شي، وقال باريل إنه تلقى اتصالاً من الرئيس الفرنسي جاك شيراك حينها به شخصياً لإبلاغه بضرورة وقف أي “حماقة“. وأكد أن إيقاف العملية أغضب الدول الأربع الداعمة خاصة الإمارات وأن هذه الدول انقلبت عليهم وتنصلت من معرفتهم ونفت تقديم أي دعم للشيخ خليفة، وقال باريل إنهم انسحبوا من الإمارات بأسلحتهم الشخصية خوفاً على حياتهم وتركوا الأسلحة فيها. وقال باريل: إنه أجرى اتصالات مع رئيس الأركان السعودي وقائد البحرية السعودية وسلاح الجو، وإنهم في السعودية استفسروا عن الاحتياجات وآلية التواصل معهم بشكل مباشر خوفاً أن تكشف أمريكا العملية، وقال إنه تعامل مباشرة مع رئيس جهاز الاستخبارات السعودي الأمير تركي الفيصل والذي سبق التعامل معه عام 1979 بأحداث الحرم المكي، وأكد أن السعوديين ضغطوا عليه وعلى الشيخ خليفة، وأن الرياض كانت تخطط لجعل قطر المحافظة السعودية رقم 14. وتحدث بول باريل عن الأجواء خلال منتصف عام 1996 وقال إن الأجواء الدولية كانت حذرة وموقف واشنطن شكل مصدر قلق للدول الداعمة للانقلابيين، وقال السفير الأمريكي لدى قطر في ذلك الوقت إن استقلال قطر كان غير مقبول للدول الخليجية.
وعن خطة العمل العسكري لتنفيذ العملية قال باريل إن مصر وفّرت غطاءً سياسياً وعسكرياً للمحاولة الانقلابية، واستقبلت الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني الذي زارها بمرافقته، وأوضح أنهم حصلوا على 80 طناً من الأسلحة الثقيلة، الذخيرة من مصر وتم نقلها إلى الإمارات، وجزء منها تم نقله إلى البحرين. وقال إن الدول الداعمة للمحاولة الانقلابية وفَّرت طائرة بوينج 737 وجعلتها تحت تصرف الفريق ليتحرك من القاهرة إلى أبوظبي.
وكشف بول باريل عن أنه تم تدريب قوات مشاركة بينهم ضباط وعسكريون قطريون هاربون إلى الإمارات وعددهم يتراوح ما بين 400 إلى 500 ضابط وجندي، بينما تكفلت السعودية بإعداد ميليشيات قَبَلية قوامها 5 آلاف جندي. وقال إن العدد الذي تقرر أن ينفذ العملية يبلغ 3 آلاف جندي، بالإضافة إلى آلاف المرتزقة من تشاد. وقال إنه سافر إلى تشاد وأجرى مباحثات مع الرئيس التشادي إدريس دبي، واتفق معه على تجهيز 3 آلاف جندي من المرتزقة من قبيلة الزغاوة التشادية، للمشاركة في اجتياح الدوحة. وكشف أنه تم الاتفاق على دفع مبلغ 20 مليون دولار لتشاد منها 5 ملايين كدفعة أولى و15 مليوناً بعد العملية، وكشف أن عملية الإعداد للهجوم كلفت في مجملها حوالي مئة مليون دولار.
وقال باريل: إن الهجوم على قطر كان مخططاً أن يبدأ من طريق الشمال بإنزال جوّي لطائرات المرتزقة، في الطريق مع دخول القوارب البحرية عبر الميناء، والقوات السعودية عبر البر بسيارات الدفع الرباعي، وأوضح أن البحرين كانت محطة لبّول باريل وفريقه لإدارة الاتصال والتنصت على كل ما يجري في الدوحة. وكشف أنه تعرض لمحاولة اغتيال في روما دبرتها السعودية خوفاً من المعلومات الأمنية التي تكشف دورها في المحاولة الانقلابية الفاشلة ضد قطر.
وقال بول باريل إنه في العام 96 تم التجهيز لمؤامرة غزو قطر حاكتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وتم التجهيز للعمليات انطلاقاً من الإمارات للدخول إلى قطر، وكان لدينا فريق من المرتزقة، إضافة لضباط وجنود قطريين بهدف إعادة الشيخ خليفة بن حمد إلى سدة الحكم، ولكن العمليّة باءت بالفشل، وفشلها لم يثن الدول المتآمرة عن الاستمرار في التخطيط لمحاولة انقلاب أخرى، للسيطرة عسكرياً على قطر، مستعينين بالشركة الأمنية التي أسستها.
وأضاف باريل أنه وصل إلى أبو ظبي عام 1977 لتشكيل وحدة خاصة، قامت بتدريب المخابرات السعودية، ونفذت مهمة تحرير الحرم المكي، وأضاف قائلا: في أبو ظبي عرّفني الشيخ زايد بالشيخ خليفة، وكان الشيخ زايد يعلم لماذا أسّسَت هذه الوحدة.
ورداً على سؤال حول من قام بتمويل العملية العسكرية ضد قطر؟ قال بول باريل: الذي مولها السعودية والشيخ زايد، وتم رصد مئة مليون دولار للعملية، وتم اختيار نخبة عسكرية فرنسية مُدَربة على عمليات الاجتياح والهجوم، وتم التدرب على الهجوم على قطر، وهذه النخبة كلها من الفرنسيين الذين يحملون ألقابا عربية من أبرزهم من كان يلقب أبو شنب وهم عسكريون يتبعون للوحدات الخاصة، وأحدهم اعتنق الإسلام وأثر العيش في قطر. وأضاف قائلا: إن الإمارات استضافت الوحدة وكان لدينا أسلحة تكفي لتجهيز الرجال الأربعين المشكلين للوحدة الخاصة المدربة لاقتحام الدوحة.
وأوضح بول با ريل أنه تم اختيار فندق انتركونتننتال في الإمارات لتنفيذ العملية العسكرية ضد قطر، وبدأنا بالفعل التحضيرات.
وحول كيفية الدخول إلى أبو طبي قال: تظاهرنا بأننا فريق رياضي فرنسي نريد أن نلعب في أبوظبي، ولم يكن أحد يعلم بأننا نُحضّر لعملية عسكرية ضد قطر.
وأوضح ردا على سؤال حول مكان الاحتفاظ بالأسلحة؟ أوضح قائلا: كنا نحتفظ بها في الأدوار العُليا من فندق الانتركونتننتال في أبوظبي، وأخذنا قاعة المؤتمرات حيث جمعنا فيها 20 طناً من الأسلحة.
وعن مهمته قال: نجحت في تنفيذ عملية الاستطلاع السريّة داخل قطر، عبر التسلل بحراً والوصول إلى عمق الدوحة، في خطوة هي الأولى من العملية المخطط لها.
وفي هذا السياق قال: كان علينا بداية معرفة مايجري بالدوحة، وأنا شخصياً نفذت دور الاستطلاع عبر العبور بحراً، وكنت أقوم بعملية استطلاع مع فريق خاص مدرب لمثل هذه العمليات. وردا على سؤال حول الأهداف التي كانوا يتطلعون إليها في قطر؟ أوضح باريل قائلا: كان الهدف من الاستطلاع رصد نقاط هامة مثل وحدات الحماية حول قصر الأمير والميناء والمطار، وقد وجدنا الدوحة تعيش أوضاعا عادية، وكانت الدوريات الأمنية فيها تسير بشكل اعتيادي والأجواء هادئة. وفي الدوحة، كانت معي كاميرا عادية واخرى للفيديو للتصوير بسرية، وقد زود بول باريل فريق البرنامج بالشريط الأصلي للصور التي وثقها بكاميرته السرية للمواقع العسكرية والسيادية في الدوحة، وصور التقطها الرجل من سيارته استخدمها في عملية الاستطلاع داخل قطر، حيث يمكن رؤية الشيراتون وكورنيش الدوحة، وصور لموقع على طريق الشمال وهو الموقع المفترض لهبوط الطائرة التي كانت ستقل القوات المهاجمة، ويقول باريل “التقطنا الكثير من الصور، وكانت معنا الكثير من الخرائط ومخططات أرضية وبحرية حدد عليها مواقع سفارات مختلفة. وقد قمنا بتصوير تلك المواقع لأنه تم إبلاغنا بوجود شخصيات خطيرة بهذه المواقع يجب التخلص منها لإنجاح الانقلاب.
ويضيف باريل “حكومة أبو ظبي وفرت غطاءً سياسياً للفريق، حيث تم منحهم جوازات سفر إماراتية للتنقل بين بلدان الخليج العربي وتسهيل مهماتهم في نقل الأسلحة وجلب المقاتلين، ويؤكد باريل أن الشيخ محمد بن زايد أعطى الفريق جوازات سفر إماراتية لمدة خمس سنوات، وكان الشيخ محمد بن زايد يحضر اجتماعات الفريق أثناء التحضير للانقلاب رفقة والده الشيخ زايد والشيخ خليفة بن حمد، وكنا نتحدث في الاستراتيجيات، فابن زايد كان يقود الجيش والقوات الخاصة، وكان يسألني عما أحتاجه أو عن أية مشاكل تواجهنا، ومتى سنهاجم، واستعجلني في الإسراع بالتنفيذ.
ويتابع باريل أن إحدى المشاكل التي واجهها الفريق أثناء التحضير للعملية تمثلت في الحاجة إلى منظومة اتصالات سرية فعالة مع العملاء، لذا اشتريت أجهزة متطورة من سويسرا مشفرة وتعمل ببطاريات وعلى مسافات بعيدة تمكننا من التواصل مع القادة الميدانيين. ويشير باريل إلى أنه تم اختيار البحرين لإقامة غرفة عمليات لإدارة منظومة الاتصالات والرصد نظراً لقربها الجغرافي من قطر والدعم الكبير الذي وفرته المنامة لخطة الهجوم على الدوحة. وتزويد بعض أعضاء الفريق بجوازات سفر بحرينية أعطانا إياها الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة الملك الحالي، ولقد غيرت اسمي ومنحني لقباً بحرينياً، وبعد ثمانية أيام كانت لدينا جوازات سفر مع رخص قيادة وبطاقات إقامة، وفتحنا حسابات بنكية بالبحرين. ففي البحرين ركبنا معدات خاصة للتنصت على اتصالات قطر بحقائب كبيرة عبر الأقمار الصناعية كلفتها 300 ألف دولار. وبالنسبة لنا كانت البحرين قاعدة مهمة حيث كانت لدينا فلل سكنية وأسلحة ومعدات، كما أنها كانت النقطة الأقرب جغرافيا لقطر، فالبحرين ساعدتنا بشكل خاص في مهمات الاستطلاع، وقضت الخطة أن تنطلق منها قوات للانضمام إلينا في الدوحة، على أن تلتحق القوات بنا عند هبوط الطائرات، وكان الأشخاص في البحرين ينتظرون منا إشارة لانطلاق قوات الدعم، وكانت ستكون عملية قاسية، ولو أعطي الضوء الأخضر للعملية لوقعت مجزرة كبيرة لأن القوات المهاجمة كانت مستعدة لسحق كل شيء في الدوحة وفي قطر.
واستكمالا لعمليات التنصت من البحرين جند الرجل جواسيس له على الأرض داخل قطر، عملوا على تزويده بمعلومات ميدانية مهمة، حيث كان هناك فريق سري داخل الدوحة من الفرنسيين والأجانب لم يكونوا مسلحين، ولكنهم كانوا يمدونه بالمعلومات، ويؤكد باريل أنه كان لديه ما يلزمهم من معلومات وخرائط لقطر، ومجسمات لاماكن تمركز الكتلة السكانية في قطر، حيث يكشف باريل أنه كان يعرف أين يتناول أمير قطر وقتها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الشاي.
وقال باريل: إن الخطة الانقلابية لو تم تنفيذها لحصلت “مجزرة” كبيرة في قطر، مشيراً إلى أن فريقه الخاص كُلّف بمهمة تأمين الشيخ خليفة، وأيضاً بإلقاء القبض على أمير البلاد حينها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، والقضاء على الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني وزير الخارجية آنذاك وعدد كبير من الأسرة الحاكمة. هذا فضلا عن عددٍ من رموز السلطة والعائلة الحاكمة، وقال: إن عملية احتلال قطر كان مخططا لها أن تتم في أقل من ربع ساعة من أجل السيطرة على قطر وقيادة الجيش والإذاعة التلفزيون.
وفي نهاية الحلقة؛ كشف مقدم البرنامج تامر المسحال أن الوصول إلى بول باريل أتاح له فتح كثير من صناديق الأسرار التي تحفظ عليها الرجل لعقود، في إشارة إلى عزمه فتح ملفات أخرى مستقبلا ارتبط بها بول باريل.
ارسال التعليق