العفو الدولية تطالب بالإفراج الفوري عن سلمان العودة
دعت منظمة العفو الدولية (أمنستي)، أمس، العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى إطلاق سراح الشيخ سلمان العودة “الآن”، وذلك بعد يوم من إعلان تأجيل محاكمته عدة أشهر.
وقالت المنظمة، في رسالة وجهتها للملك سلمان على حسابها بموقع “تويتر”: إنّ “العالم بأسره يراقب ليرى ماذا سيحدث في قضية الشيخ سلمان العودة”. وأضافت “أمنستي” إنه “لا ينبغي أن يكون هناك مكان لعقوبة الإعدام في مملكة تدعي أن لديها رؤية إصلاحية اسمها 2030، أطلقوا سراح الشيخ سلمان الآن”.
وقالت “أمنستي” حينها إنها “تشعر بقلق بالغ من احتمالية الحكم على الشيخ العودة بالإعدام، وتنفيذ حكم الإعدام بحقه، فمنذ اعتقاله ما يقرب من عامين مر الشيخ العودة بظروف مروعة، بينها الاحتجاز المطول قبل المحاكمة، والحبس الانفرادي لشهور، والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي”.
لم يكن يعلم الداعية سلمان العودة أن تغريدة كتبها على خلفية الأزمة الخليجية ستفضي به إلى السجن، بل إلى المطالبة ب “قتله تعزيراً”، في ظل محاكمات وصفت ب “الهزلية” تعقد بين الحين والآخر. وكانت السلطات السعودية قد أجلت أمس الأول، جلسة محاكمة العودة السرية والموقوف منذ 2017. وقال حساب معتقلي الرأي الرسمي عبر تويتر والمعني بحقوق السجناء السياسيين بالسعودية، إن السلطات السعودية أجلت جلسة محاكمة العودة التي كانت مقررة صباح أمس الأول إلى وقت لاحق بعد عدة شهور. وأوضح الحساب أن هذا الإجراء تم دون إبداء أسباب، وسط استمرار التحفظ على الشيخ -الموقوف منذ عام 2017- في العزل الانفرادي. ولم يصدر تعليق من السلطات السعودية بشأن عقد الجلسة أو تأجيلها. وأشار ناشطون إلى أن ابن سلمان الذي يشرف شخصياً على ملفات المشايخ كان ينوي إعدام سلمان العودة، لكنه اضطر لتأجيل محاكمته بسبب حملة التضامن الواسعة معه خاصة وأن قضية اغتيال خاشقجي ما زالت آثارها تلحق ضرراً بالغاً بولي العهد ونظامه. وأكّد حساب “العهد الجديد” الشهير بتويتر أن ابن سلمان يشرف شخصياً على ملف المشايخ المعتقلين، وأنه كان قد التقى في مطلع شهر يوليو، بلجنة تدعى “مدونة الأحكام القضائية”. وكان الحديث حول الأحكام والتهم التي وجّهت إلى المشايخ الثلاثة، حيث تم مراجعتها تهمة تهمة، بغية تجهيز الملفات القضائية بشكل نهائي، لإصدار الأحكام.
ويثبت ذلك تمهيد كتائب الذباب السعودي التابعة للديوان الملكي لحكم الإعدام الذي كان يتوقع أن يصدر ، عبر وسم “#سنفضح_سلمان_العودة” الذي أطلقه الذباب وروج له وكذلك تغريدهم بطلب الإعدام للداعية السعودي عبر الوسوم التي انتشرت باسمه.
منذ أغسطس عام 2018 تعقد السلطات السعودية جلسات محاكمة للعودة، ولمعتقلين آخرين بتهم مختلفة، في الوقت الذي لم يصدر العالم سوى بيانات خجولة متجاهلة خطر ما قد يتعرض له.
ويثير تأجيل محاكمات العودة الكثير من التساؤلات بشأن التعامل الدولي مع ملف حقوق الإنسان في السعودية، بعد فتور الضجة التي أثيرت بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في سفارة بلاده في إسطنبول في أكتوبر من العام الماضي. ومن اللافت أن جلسات المرافعة في محاكمة الدعاة تجري بشكل سري وسط صمت دولي، كما أن الإدانات بخصوص الاعتقالات والمحاكمات لم تلقَ حملات واسعة من المنظمات الدولية لتسليط الضوء عليها.
ونقلت قناة “دويتشه فيله” عن الأكاديمية والمعارضة مضاوي الرشيد، قولها: “إن النظام السعودي كان قد جس نبض المجتمع الدولي، واستنتج بعد قتل خاشقجي أن الرأي العام العالمي غير مهتم”، وأن الحكومات الغربية “غير مستعدة لفرض عقوبات على السعودية” بسبب طبيعة العلاقة الاقتصادية معها. وأضافت: “سبب ظهور مثل هذه التكهنات بإصدار الحكم قريباً والتخمينات يعود إلى أن أحكام الإعدام أصبحت بالفعل جاهزة في المملكة”. وتابعت: “ربما يستغل النظام السعودي الوضع الإقليمي المتشنج لمثل هذه الخطوة، خصوصاً أن العودة وعوض القرني والشيخ علي العمري قد وجهت إليهم تهمة الإرهاب، كما وجهت إليهم تهم تتعلق بالتعاون مع الخارج، وهي تهم خطيرة تصب في فحوى عقوبة الإعدام”.
والكاتب والباحث في الجماعات الإسلامية عدنان سالم يرى أن التسريبات التي نشرها الموقع الألماني، كان هدفها “تهيئة الجو العام السّعودي والإسلامي والدّولي لتقبّل الجريمة؛ بحيث يتمّ امتصاص الفورة النفسيّة الشّعبيّة في ظل تجاذب الجدال حول صدق الخبر وكذبه، وإمكان تنفيذ الإعدام من عدمه”. ويضيف، “إنه لا بد من تحديد الموقف الأمريكي من عمليّة تنفيذ الإعدام، فالموقف الأمريكي هو بوصلة النّظام السّعودي ولا شيء سواه، وهذا الموقف تحدّده الإدارة الأمريكيّة، وهو ما لم يذكَر حتى الآن”. ويؤكّد سالم أنه من الممكن تنفيذ حكم الإعدام في أي وقت، “في ظل التجاهل الدولي الكبير إزاء جريمة خاشقجي، وعدم تنفيذ عقوبات على النظام السعودي لمطالبته بمحاكمة المتهمين”. ويشير إلى ما وصفها ب “التصريحات الخجولة للدول الكبرى إزاء جريمة خاشقجي”، مضيفاً: “مصالح الغرب، وخصوصاً أمريكا، مع السعودية لن تكون عائقاً أمام تنفيذ جريمة جديدة قد تحدث بحق العودة أو بقية المعتقلين لدى ابن سلمان”. ويضيف الكاتب: “التأجيل ربما لوجود حسابات لدى النظام السعودي، إضافة إلى أن مماطلة المحاكمات ربما لتجاوز الغضب ضد النظام السعودي مع تزايد الاتهامات ضده بانتهاكات حقوق الإنسان في اليمن والجرائم المرتكبة ضد المدنيين”. ولم تلقَ محاكمات العودة الكثير من ردود الفعل العالمية، باستثناء مطالبات محدودة بالإفراج عنه، والتي كان آخرها الجمعة 26 يوليو الجاري، حينما طالبت منظمة العفو الدولية السلطات السعودية بإطلاق سراح العودة “فوراً دون قيد أو شرط”.
ارسال التعليق