أنصار الله يفرضون معادلة ميدانية جديدة ويكرسون فشل آل سعود
التغيير
فرضت جماعة أنصار الله في اليمن معادلة ميدانية جديدة وذلك بعد استئناف توجيه ضربات لمنشآت مملكة آل سعود وهو ما يكرس بالمجمل فشل نظام آل سعود.
وجاء إعلان أنصار الله عن حصيلة العمليات العسكرية التي نفّذتها للتقدّم في مناطق سيطرة قوات الحكومة، في أطراف صنعاء وحتى مأرب، ليعزز المعلومات المتواترة منذ أيام عن تقدّم محوري حققه مسلحو الجماعة.
ومن شأن هذا التقدم أن يلقي بظلاله على معادلة موازين القوى وفرص تقدّم القوات الحكومية شمالاً، وصولاً إلى تهديد المناطق الخاضعة لسيطرتها، مع إمكانية أن تتحوّل إلى هجوم معاكس، إذا ما حصلت على دعم مناسب من التحالف المفترض لدعمها.
وخلال اليومين الماضيين أفادت مصادر ميدانية في قوات الجيش اليمني الموالية للشرعية، أن المواجهات الميدانية تواصلت على مختلف الجبهات، بما فيها أجزاء من منطقة نِهم، التابعة إدارياً لمحافظة صنعاء، بالإضافة إلى جبهة صرواح، في مأرب، وحتى أجزاء من الجوف، مشيرة إلى تعزيزات كبيرة متواصلة من الطرفين، من شأنها أن ترفع من وتيرة المعارك في الأيام والأسابيع القليلة المقبلة.
وعلى الرغم من مرور أيام على فقدان قوات هادي السيطرة على مواقع استراتيجية في منطقة نِهم، بما فيها الفرضة، ودفع القوات الحكومية بتعزيزات لاستعادتها، إلا أن المصادر أكدت أن أنصار الله ما يزالون يحتفظون بالسيطرة على غالبية المناطق في نِهم، واستقدموا المزيد من التعزيزات لتأمين المناطق التي سيطروا فيها، في مقابل تقدّم محدود لقوات هادي في منطقة صرواح، عند أطراف مأرب الغربية المحاذية لصنعاء.
وفي الوقت الذي بات واضحاً فيه أن معادلة جديدة في المعركة الميدانية بين قوات هادي وأنصار الله، فرضتها تطورات الأسبوعين الماضيين، تبرز العديد من السيناريوهات للمرحلة المقبلة، على ضوء التحوّلات التي لا يقتصر تأثيرها على الجانب الميداني، بل كذلك على المستوى السياسي، بالنسبة للشرعية، التي يضيق الخناق حول مناطق سيطرتها شمالاً، بعدما تعرضت سلطتها لتجريف في المحافظات الجنوبية، في النصف الأخير من العام الماضي.
وفي مقدمة السيناريوهات المتداولة يمنياً، في أعقاب تطورات صنعاء – مأرب، استمرار المواجهات الدائرة بوتيرة متصاعدة، من أطراف صنعاء وحتى مأرب والجوف، إذ تسعى القوات الحكومية لوقف تقدّم أنصار الله واستعادة ما يمكن استعادته من المواقع التي فقدتها، باعتبارها وجودية لحكومة هادي، في مركز ثقلها العسكري شمالاً، ولكون تقدّم أنصار الله اعتمد على التخطيط العسكري واستغلال ثغرات ميدانية، ترى قوات هادي أن بالإمكان استدراكها، أكثر من كونه تقدّماً باستخدام القوة العسكرية وحدها، وهو ما يفسر التحوّل السريع، خلال أيام معدودة.
وعلى الرغم من دعوات التهدئة التي يطلقها الدبلوماسيون الدوليون، بما في ذلك المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، إلا أن التحوّلات الميدانية وحدها تتحكم في حسابات قادة ومسؤولي القوات الحكومية في مأرب والأطراف السياسية المؤيدة لها.
وحتى بالنسبة لتحالف آل سعود بدرجة أساسية، فإن تقدّم أنصار الله وانتقال حطوط التماس في المعارك إلى القرب من مناطق مركزية كمأرب النفطية وحتى الجوف الحدودية، يمثل أمراً قد لا يكون الرد عليه سوى مسألة وقت.
في الأثناء، يبرز السيناريو الآخر، والذي لا يختلف كثيراً عن استمرار التصعيد، ولكن مع إمكانية استمرار تقدّم أنصار الله لانتزاع السيطرة في الجوف ومأرب، وهما أبرز محافظتين تنتشر فيهما قوات هادي وسط وشمال البلاد.
ومن شأن استمرار التقدّم، أن يمثل بالنسبة للجماعة نصراً كبيراً على مختلف المستويات، ليس أقلها إضعاف حكومة هادي إلى أضعف حد ممكن، وتغيير موازين القوى لصالح أنصار الله إلى حد كبير، وصولاً إلى أن التقدّم يمكن أن يلقي بظلاله على مختلف جبهات المواجهات على غرار تعز والحديدة، إذ ستصبح أضعف أمام الجماعة.
وتسود المخاوف في اليمن من ضوء أخضر من تحالف آل سعود أو تغاضٍ على تقدم أنصار الله، بهدف الضغط على أطراف داخل حكومة هادي، في إطار تسوية من نوعٍ ما مع أنصار الله، أو على صعيد الوضع في المحافظات الجنوبية، خصوصاً ما إذا كانت هناك رغبة من أطراف ما، بتمكين أنصار الله من استكمال السيطرة شمالاً، كخدمة لمشروع إعادة تقسيم البلاد، بناءً على حدود ما قبل إعادة توحيد اليمن في عام 1990.
والمؤكد أن التقدّم الذي حققه أنصار الله، يمثل تطوراً محورياً سيلقي بظلاله على مختلف الخيارات والتطورات العسكرية والسياسية المحتملة في الفترة المقبلة.
كما أن الأخطر في التقدّم، بالنظر إلى جملة من العوامل الميدانية، لا يجعل الوضع مؤهلاً لتهدئة طويلة الأمد، إذ إن أنصار الله عملياً في موقف ميداني يهدد بمزيد من التقدم نحو مأرب والجوف، وهو ما يجعل الوضع مفتوحاً على كافة الاحتمالات، أضعف ما تكون في شقها السياسي.
وقبل يومين أعلن أنصار الله عن شن هجمات صاروخية وبطائرات مسيرة استهدفت أهدافا في مملكة آل سعود منها منشآت تابعة لشركة أرامكو.
ويعتبر هذا الإعلان عن المسؤولية عن مثل هذه الهجمات الأول، منذ عرض أنصار الله وقف الهجمات قبل أربعة أشهر.
وفي حين لم يصدر أي تعليق من نظام آل سعود أو أرامكو حول الهجمات، قالت وول ستريت جورنال إن مملكة آل سعود تصدت للهجمات بصواريخ مضادة.
ونقلت قناة المسيرة التلفزيونية، التابعة للحوثيين، عن يحيى سريع المتحدث العسكري باسم أنصار الله قوله: “نفذت القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير عمليات نوعية في العمق السعودي استهدفت شركة أرامكو في جيزان، ومطارات أبها وجيزان وقاعدة خميس مشيط، وأهدافا حساسة في العمق السعودي بعدد كبير من الصواريخ والطائرات المسيرة”.
ويحارب أنصار الله التحالف العسكري بقيادة آل سعود منذ نحو خمسة أعوام، وهذه الهجمات، هي الأولى من نوعها على مملكة آل سعود منذ أواخر سبتمبر/ أيلول الماضي.
وعرض أنصار الله وقف الضربات على الأهداف في مملكة آل سعود بعدما أعلنوا المسؤولية عن هجوم غير مسبوق يوم 14 سبتمبر/ أيلول على منشأتين للنفط أدى في بداية الأمر إلى تقليص إنتاج مملكة آل سعود بواقع النصف.
ارسال التعليق