شبهات تجاوز بالسعودية.. ما قصة الفساد في مشاريع 2030؟
التغيير
مكافحة الفساد، الملف الأكثر ارتفاعاً للصوت في منطقة الخليج العربي اليوم، حيث تنشط السلطات بأكثر من بلد خليجي في تعقُّب بعض المسؤولين عن قضايا فساد، خاصة مع الأزمات الاقتصادية التي أصابت العالم بُعيد تفشي فيروس كورونا المستجد وانخفاض أسعار النفط الذي تعتمد العواصم الخليجية على عوائده في ميزانياتها.
وإن كان ملف مكافحة الفساد يحمل في طياته كثيراً من الخفايا، حيث يطال شخصيات لها وزنها في بعض دول الخليج، فإنه يتركز بشكل أكبر على المسؤولين الصغار في الدولة.
ودخلت مملكة آل سعود بعد الكويت في ملاحقة الفاسدين، وإن كانت تبدو على نطاق أضيق، حيث طالت مسؤولين في حرس الحدود يظهر أنهم تورطوا في ملفات فساد مرتبطة بمشاريع جديدة للمملكة تطل على البحر الأحمر غربي البلاد.
شبهات فساد وتجاوُز
ومع دخول فجر يوم 21 أغسطس 2020، أعلنت مملكة آل سعود إعفاء عدد من المسؤولين في مشروعات سياحية، منها مشروعات العلا والبحر الأحمر العملاقة؛ للاشتباه في تورطهم بتهم فساد، ضمن أوامر ملكية.
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية "واس"، أن التحقيقات جارية مع المسؤولين فيما يتعلق بالتعديات على أراضٍ خاصة بتلك المشروعات.
وصدر الأمر الملكي بناء على ما ورد من الهيئة الملكية لمحافظة العلا وشركة البحر الأحمر وشركة تطوير السودة، بشأن التعديات غير النظامية على أراضي مشروع البحر الأحمر والتي تجاوزت (5000) تعدٍّ وتجاوزت العشرات في محافظة العلا، فضلاً عن التجاوزات في العشوائيات والمخيمات غير المرخصة من قِبل الهيئة الملكية لمحافظة العلا أو شركة البحر الأحمر أو شركة تطوير السودة.
تعديات المسؤولين تعدُّ تجاوزاً للنظام، وتشكل ضرراً بيئياً، فضلاً عن تأثيرها الكبير على إنجاز المشاريع وخططها، ونظراً إلى أنه تبين أنه تم الترخيص لهذه التعديات بتجاوزات من قِبل بعض المسؤولين، يعد ذلك تعدياً على اختصاص الهيئة أو الشركات المذكورة، وفق الوكالة.
وأدت الأوامر الملكية إلى إعفاء المدير العام لحرس الحدود عواد بن عيد بن عوده البلوي، من مهامه بإحالته إلى التقاعد، مع إعفاء محافظَي أملج، والوجه، ورئيس مركز السودة، بالإضافة إلى إعفاء قائدَي قطاع حرس الحدود في أملج والوجه.
المرسوم الملكي أعفى أيضاً المسؤول عن التعديات ونائبه بوزارة الداخلية، والمسؤولين عن التعديات في إمارات المدينة المنورة، وتبوك، وعسير.
وطالت التسريحات أمين منطقة تبوك، ورؤساء بلديات أملج، والوجه، والسودة، والمسؤول عن التعديات في أمانتي منطقة المدينة المنورة ومنطقة تبوك.
الحملة الموسعة تقودها هيئة الرقابة ومكافحة الفساد "نزاهة"، التي ستحقق مع جميع المسؤولين بشأن التعديات وتتخذ الإجراءات القانونية بحقهم.
وتأسست "نزاهة" في 18 مارس 2011، بهدف حماية المال العام، ومحاربة الفساد، وتقول السلطات: إن "مهمة الهيئة هي القضاء على الفساد، وتطهير المجتمع من آثاره الخطيرة، وتبعاته الوخيمة على الدولة في مؤسساتها، وأفرادها، ومستقبل أجيالها".
وفي ديسمبر عام 2019، أصدر الملك سلمان بن عبد العزيز، مرسوماً ملكياً بضم هيئة الرقابة والتحقيق والمباحث الإدارية إلى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، فيما بات يُعرف باسم هيئة الرقابة الإدارية ومكافحة الفساد.
وتعد المملكة في المرتبة الـ58 عالمياً في مؤشر مدركات الفساد، وفق منظمة الشفافية الدولية لعام 2018، إلا أن بعض الحملات التي قامت بها ضد أمراء من العائلة المالكة ورجال أعمال كبار عام 2017، أُثير حولها عديد من الشكوك حول ارتباطها بملفات سياسية أكثر مما هي ملفات فساد مالي أو تجاوز صلاحيات.
هذه الحملات أثارت مخاوف المستثمرين الأجانب؛ وهو ما دفع الديوان الملكي إلى التصريح عام 2019، بأن الرياض بصدد إنهاء الحملة ضد الفاسدين، وأنها ستبدأ حملة جديدة ضد الفساد بين الموظفين الحكوميين.
الموضوع أُثير على مستوى المنظمات الدولية أيضاً، حيث عبرت "هيومن رايتس ووتش" عن قلقها من اعتقال السلطات مسؤولين حكوميين بادعاءات متعلقة بالفساد، داعية إلى ضمان عدم تعرُّضهم "لإجراءات قانونية ظالمة".
ما هي مشروعات البحر الأحمر؟
وخلال السنوات الخمس الماضية، أطلقت المملكة رؤية 2030 الاقتصادية، التي تعمل على تخفيف اعتماد مملكة آل سعود على عائدات النفط، وبحثها عن مصادر اقتصادية أخرى مثل السياحة والاستثمار، وخلال هذه الفترة بدأت الرياض بتنفيذ مشروعات اقتصادية عملاقة تحاول جلب المستثمرين إليها.
في 31 يوليو 2017، أعلنت المملكة عن مشروع البحر الأحمر، كمشروع سياحي عملاق، بمساحة إجمالية تقدَّر بنحو 34 ألف كيلومتر مربع، ويتضمن أكثر من 90 جزيرة طبيعية بين منطقتي أملج والوجه، ولا يحتاج الزوار تأشيرة دخول الى مملكة آل سعود ، حيث إن الأنظمة المطبقة في المشروع تختلف عن أنظمة المملكة.
وأُدرج مشروع البحر الأحمر كشركة مساهمة مغلقة تحت اسم "شركة البحر الأحمر للتطوير"، عام 2018، وهي شركة مستقلة تُعنى بتطوير المشروع، مملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة.
فيما بدأ العمل على المشروع بالمرحلة الأولى في فبراير 2019، والتي تختص بتجهيز البنية التحتية والأساسية لإنشاء المشروع، مثل بناء سكن العمال وشق الطرق المؤقتة واللازمة لمواصلة العمل.
ويهدف مشروع البحر الأحمر إلى بناء مطار دولي ومراسٍ خاصة باليخوت، و3 آلاف غرفة فندقية مع مرافقها السكنية والترفيهية، بالإضافة إلى تطوير 22 جزيرة من أصل 90 جزيرة، واستحداث أكثر من 70 ألف فرصة عمل، وجذب نحو مليون سائح سنوياً.
وكان من المرجح أن يبدأ المشروع استقبال أولى رحلات ضيوفه عام 2022 ضمن مرحلته الأولى، إلا أنَّ تفشي وباء كورونا، وموضوع الفساد قد يؤخران ذلك.
أما مشروع العلا، فهو مشروع سياحي تقيمه المملكة على أنقاض حضارة قديمة شمال غربي البلاد، يضم منتجعات وفنادق ومطاعم.
ويقع المشروع في وادي عشار على مسافة 15 كيلومتراً من أول موقع تعلنه منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) ضمن مواقع التراث العالمي في منطقة الحِجر التي تُعرف أيضاً باسم "مدائن صالح".
وكان من المقرر أن يُفتتح المشروع رسمياً في أكتوبر 2020، وأن يعمل على مدار العام، لكن تفشي وباء كورونا قد يحول دون ذلك.
ارسال التعليق