بعد التطبيع.. هل تمهد الإمارات لإيجاد مكان للسعودية في إدارة الأقصى؟
التغيير
بعد إتمام اتفاق التطبيع بين الإمارات والبحرين مع دولة الاحتلال الإسرائيلي ودخوله حيز التنفيذ، من حيث إجراءات سفر مواطني تلك الدول، بدأت تظهر سيناريوهات جديدة تمس المسجد الأقصى المبارك، والوجود الأردني والفلسطيني فيه.
وسارع العديد من الإماراتيين إلى زيارة المسجد الأقصى على شكل وفود، وسط التصدي لهم من قبل العديد من المقدسيين وحراس المسجد الذين يتبعون للأردن، وهو ما دفع عدداً من الإسرائيليين إلى استغلال تلك الأحداث للدعوة لإنهاء السيادة الأردنية والفلسطينية على الأقصى.
وبثت مجموعة من المستوطنين المتطرفين، على صفحات ما تسمى منظمات "الهيكل المزعوم" على شبكات التواصل الاجتماعي، منشورات مسجلة بالأقصى تطالب بطرد دائرة الأوقاف الإسلامية وموظفيها من المسجد الأقصى.
وإلى جانب ذلك، يطرح الإسرائيليون أفكاراً جديدة حول الوضع الجديد في المسجد الأقصى بظل التوقعات بتدفق الإماراتيين إلى زيارته، ومن أبرزها إيجاد مرجعيات عربية وإسلامية لإدارته، مع الإشارة إلى المملكة ، وهو ما يهدد الوصاية الأردنية على المقدسات.
والوصاية الأردنية على الأماكن المقدسة في القدس بدأت عام 1924، تزامناً مع نهاية الخلافة العثمانية، وفي عام 1988 قرر ملك الأردن الراحل الحسين بن طلال، فك الارتباط بين الأردن والضفة الغربية، باستثناء الأماكن المقدسة في القدس والتي بقيت تحت الوصاية الأردنية، بطلب من الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، الذي أعلن قيام دولة فلسطين في العام ذاته.
وفي تاريخ 31 مارس 2013، وقَّع الملك الحالي عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس اتفاقية تاريخية، أعاد فيها "أبو مازن" تأكيد أن العاهل الأردني هو صاحب الوصاية على الأماكن المقدسة بالقدس الشريف، وله الحق في بذل جميع الجهود القانونية للحفاظ عليها، خصوصاً المسجد الأقصى، المعروف في هذه الاتفاقية بأنه الحرم القدسي الشريف بالكامل.
تحرك فلسطيني
وأمام التحركات الجديدة في الأقصى، سارع رئيس الهـيئة الإسلامية العليا في القدس، الشـيخ عكرمة صبري، إلى التأكيد أن الزيارات التطبيعية للمسجد الأقصى لا تقل خطورة عـن اقتـحام المستوطنين للمسجد والمدينة المقدسة.
صبري أكد، في بيان له نشره الخميس (22 أكتوبر الجاري)، أن الزيارات الأخيرة لبعض المطبعين لمدينة القدس المحتلة هي نتيجة واضحة لجريمة التطبيع وأحد إفرازاتها ومخرجاتها العاجلة.
وحول الحديث عن إيجاد تغيير في الواقع داخل الأقصى مع زيارات الوفد، شدد صبري على أن استجلاب الوفود التطبيعية لم يغير من واقع مدينة القدس، ولن يمنح الاحتلال أي شرعية باحتلاله مدينة القدس والمسجد الأقصى.
وقال صبري: إن "الزيارات التطبيعية مرفوضة جملة وتفصيلاً وعلى كافة الأنظمة أن ترجع إلى صوابها وتعود للرواية الإسلامية عن المسجد الأقصى لا الرواية اليهودية".
المال السياسي
مدير مركز القدس الدولي حسن خاطر أكد أن الزيارات التطبيعية للأقصى في الوقت الحالي تعد قضية حساسة، وستكون نقطة في التحديات التي يواجهها المسجد الأقصى المبارك، لكونه يأتي من أبواب غير متوقعة، وسيكون له تأثيرات وأصداء وتفاعلات في الفترة القادمة خطيرة.
ويوجد سيناريوهات متوقعة مع تلك الزيارات، وفق حديث خاطر لـ"التغيير"، حيث إن "هناك تخوفاً من فتنة متداولة يتم إعدادها في المسجد الأقصى والقدس بشكل عام؛ لأن تلك الزيارات تأتي بدون ضوابط وتحت الحماية الإسرائيلية، وتدخل من الباب الذي يقتحم به المستوطنون المسجد الأقصى".
وتأتي تلك الزيارات، حسب خاطر، "كثمرة للاتفاقيات السياسية الأخيرة لدول التطبيع، لذا الأمور بها خطورة جداً، وبدأ المقدسيون يواجهونها، ولكن تلك المواجهة لن تستمر بهذا الشكل".
"ومع تلك الوفود التطبيعية التي تصل الأقصى أصبح هناك مال مسيس بدأ يدخل للقدس، حيث سيكون هناك أصوات ستطالب بدخول المطبعين إلى الأقصى؛ وذلك بفضل المال المسيس من الإمارات و البحرين، الذي ساهم بتدمير اليمن، وسوريا، وليبيا"، والحديث لخاطر.
ويستدرك بالقول: "هناك أكثر من 40 مؤسسة مقدسية تلقت أموالاً من بعض الدول المطبعة، ووزعت مساعدات على تجار في مدينة القدس، وهي أموال بدأت فجأة تظهر، وتضع علامات استفهام، وهدفها خلق مبرر لإيجاد واقع جديد في الأقصى والقدس".
وسيحدث المال المسيس، كما يحذر خاطر، شرخاً في الموقف الوطني المقدسي، وهو من الأهداف المقصودة، حيث بدأت تظهر بعض التصريحات التي تنادي بالسماح للمطبعين بزيارة الأقصى دون أي عوائق.
ويتوقع الاحتلال، وفق حديث خاطر لـ"التغيير"، أن يصل ربع مليون إماراتي إلى المسجد الأقصى، و"لكن هذه الأرقام إن وصلت بدون ضوابط فيمكن أن تحدث فوضى كبيرة داخل الأقصى، لذا سيعمل الاحتلال على استغلال ذلك للسيطرة عليه بشكل كامل لإنهاء دور الأوقاف الإسلامية التابعة للأردن".
وصاية المملكة
ومن الطروحات المقدمة حول مرجعيات المسجد الأقصى، يوضح خاطر، أن "هناك حديثاً عن إيجاد دور للمملكة في الإشراف عليه، وهو ما يعد تلاعباً هدفه إعادة ترتيب الأوراق بما يخدم الاحتلال الذي يريد خدمة مشروعه الصهيوني بالمنطقة، وهو إقامة الهيكل على المسجد الأقصى، وهو سيناريو مخيف".
ويواصل خاطر تحذيره: "يمكن أن تصل الأحداث في الأقصى إلى مستوى مفزع، بمعنى أن يتحقق للاحتلال ما لم يحققه على مدار سنوات، لذا يجب أن يكون هناك تصور واضح يضع النقاط على الحروف".
وأمام تلك السيناريوهات، يشدد مدير مركز القدس الدولي، على ضرورة أن تكون هناك مواقف أكثر حسماً وتأخذ طابعاً دينياً وليس سياسياً من قبل علماء المسلمين؛ "لقطع الطريق على من يصطاد في الماء العكر".
خاطر دعا إلى الاستنفار لقطع الطريق على سيناريو الفتنة الذي يمهد لاقتتال مقدسي مقدسي داخل ساحات المسجد الأقصى المبارك؛ بسبب التغيير الذي يجري، وفي ظل الوفود التي تصل الأقصى.
وسيعمل الأردن، وفق خاطر، على الدفاع عن سيادته وحقه في المسجد الأقصى، لذا من الممكن أن تظهر بعض الخصومات بين الدول العربية، وذلك رفضاً للمساس بالمقدسات.
وتأكيداً لحديث خاطر بدأ ذباب آل سعود الحديث عن ضرورة إيجاد طريقة لإيجاد إدارة جديدة للمسجد الأقصى في ظل منع المقدسيين للوفود التطبيعية من زيارته.
أبزر تلك الدعوات جاءت في تغريدة للناشط، عبد الرحمن اللاحم، من خلال دعوته إلى الإمارات والبحرين للتباحث مع الاحتلال الإسرائيلي لتوفير الحماية للوفود من المقدسيين.
الإعلامية اللبنانية ماريا معلوف نشرت عبر حسابها في موقع "تويتر" مقطع فيديو يظهر طرد المقدسيين للوفود الإماراتية التطبيعية مع مطالبتها أن يتم بوضع وصاية من آل سعود على المسجد الأقصى.
ارسال التعليق