الأمير هنا... ليبقى
منذ عهد عبد العزيز آل سعود، تَركّزت القوّة في يد رجل واحد. وعلى رغم أن محمد بن سلمان، لم يصبح مَلكاً بعد، إلّا أنه يدير البلاد نيابةً عن والده الملك سلمان، الذي حلَّ الأوّل محلّه في منصب رئاسة مجلس الوزراء.
علماً أنه قفز فوق جيل من أعمامه وأبناء عمومته ليصبح وريثاً للعرش في واحدة من آخر الممالك المطلقة المتبقّية في العالم. وهو، أي ابن سلمان، أشرف على التغييرات التي هزّت المملكة، وأدّت إلى الحدّ من القيود الدينية التي شكّلت المجتمع الإسلامي المحافظ على مدى عقود.
عندما تولّى جو بايدن منصب رئيس الولايات المتحدة في عام 2021، تجنّب التعامل مع ابن سلمان، إذ كان تعهّد، خلال حملته الانتخابية، بـ«نبذ» المملكة على المستوى الدولي، على خلفية اغتيال جمال خاشقجي، الذي خلص تقييم استخباري أميركي إلى ضلوع ابن سلمان فيه.
وإنْ كان الأمير نفى أيّ تورّط له في الحادثة، إلّا أنه قَبِل بمسؤولية رمزية باعتباره الحاكم الفعلي للمملكة. على أيّ حال، لم يذهب بايدن بعيداً في تجنّب السعوديين؛ فبحلول منتصف العام الجاري، ومع الارتفاع المطّرد في أسعار النفط، اندفع الرئيس الأميركي إلى إصلاح العلاقات مع السعودية، المنتج المتأرجح الذي يمكنه زيادة صادرات الخام أو خفضها. وفي منتصف تموز، التقى بايدن بابن سلمان، معلناً نهاية موسم البرد.
يشعر المتشكّكون بالقلق إزاء أمير جامح وقليل الخبرة، لا سيما وأن أسلوبه الاستبدادي سيضمن غياب أيّ شخص للتحقُّق من سلطته أو التشكيك في خططه.
فاحتكاره للسلطة وميوله القمعية أثارا عداوة بعض الحلفاء المحتملين، ومن ضمنهم أفراد في العائلة الحاكمة، وكذلك المثقفين والناشطين السعوديين الذين دعوا إلى العديد من التغييرات التي أدخلها بالفعل.
على أن إصلاحه السريع للحياة في المملكة أثار قلق بعض السعوديين الذين انزعجوا من التغييرات الاجتماعية، أو أولئك الذين يكافحون لمواكبة ارتفاع تكاليف المعيشة.
ومع هذا، فإن المؤيّدين المتحمّسين للأمير وخططه، يعتبرون أنه أعاد تنشيط بلادهم، وأطلق العنان لإمكانياتها للنمو والتغيير، ومنحهم حريّات اجتماعية أساسية حُرموا منها لفترة طويلة.
يرى مناصروه أن طاقته الشابة ميزةٌ في مجتمع فتي، نصف مواطنيه تحت سنّ الثلاثين. وفي كلتا الحالتَين، فإن الأمير هنا ليبقى؛ وإذا ما حدث ما هو غير متوقّع، سيصعد ابن سلمان إلى العرش بعد وفاة والده، وسيمنحه صغر سِنّه عقوداً مديدة لمتابعة مشاريعه وترسيخ إرثه.
ارسال التعليق