تمرّد في كهرباء فرنسا ضد مشاركة بلادهم في مشروع نيوم السعودي
يسرد عدد من موظفي شركة الكهرباء الفرنسية EDF المُكلّفة بناء محطة كهرومائية لمدينة نيوم في "السعودية" مجموعة مخاوفهم وانتقاداتهم لمشاركة شركتهم في هذا المشروع. فإلى جانب توجّسهم من أصل فكرة العمل لصالح "السعودية" ربيبة الانتهاكات، فإنهم غير راضين عن دورهم في خدمة مشروع "نيوم" على وجه الخصوص.
مشروعٌ فرعونيّ:
يقول جان إيف سيغورا، ممثل الموظفين ومندوب Force Ouvrière (FO) في شركة EDF Hydro ، أنه من الواضح أن السعودية، مثل جميع البلدان، تسعى –حتى لو ظاهرا- أن تقوم بإزالة الكربون، وانطلاقاً من كَون محطات الطاقة الكهرومائية، وخاصة محطات توليد الطاقة التي يتم ضخها، يمكن أن تشارك في إزالة الكربون، لكن "نيوم يزعجنا لأنه مشروع فرعوني لن يفيد السعوديين السكان، بل سيكون للسياحة الفاخرة في وسط الصحراء، وهذا ليس مستداما على الإطلاق ".
ويضيف المهندس في شركة EDF Hydro عنصرا آخر يدفع لعدم حماس الموظفين، بأنه يرى في نيوم مشروعا "ضارا" في أصله، مستنكرا "نلعب فيه الغولف وننظم فيه الألعاب الشتوية وسط الصحراء، وكلها مضاءة بقمر صناعي ونسافر فيها بسيارة أجرة طائرة". مشيرا إلى أنها مفارقة أن "نطالب بالرصانة في فرنسا وفي الوقت نفسه نقوم الانخراط في مثل هذا المشروع المجنون في الخارج".
وحول النقطة الأخيرة، أكد ممثل النقابة جان إيف سيغورا أنه أطلق ;"تنبيهًا أخلاقيًا للإدارة" ;في مايو 2022، والذي لم يتم التعامل معه بجدية. وفي نوفمبر من نفس العام، أطلقت نقابة FO دراسة استقصائية بين 860 موظفًا في شركةEDF المسؤولة عن تصميم محطة الطاقة المعنية ;استجاب حوالي مائة عميل: ;73% منهم يريدون خروج EDF من المشروع، مقابل 17% فقط يرون أن EDF يجب أن تستمر"، ومن النتائج الأخرى التي أظهرها هذا الاستطلاع، أن 78% من المشاركين يعتقدون أن نيوم ;"يتعارض مع المسؤولية الاجتماعية لشركة كهرباء فرنسا ;"، و80% أن الخطر ;"قوي" ;على صورة الشركة فيما يتعلق بحماية البيئة. ;"لا نريد أن يتم جر EDF إلى المحاكم بسبب عدم امتثالها لواجب التنبّه، لكن بالنسبة لنا، هناك خطر"، قال جان إيف سيغورا متأسفًا.
ويعدد الموظفون، التي نقلت شهاداتهم إذاعة فرنسا، بعض من الأ/ور التي تجعل من المشروع مشروعا "فرعونياً" لا يخدم إلا رؤية صاحبه بعيدا عن هموم شعبه:
تحلية مياه البحر لمشروع لن يستخدمه السكان:
نظرا لموقع المشروع منطقة قاحلة، سيحتاج إلى كمية كبيرة من المياه خلال مراحل البناء والتشغيل، وقدورد في العرض المقدم لشركة نيوم من قبل شركة EDF أنه "سيتم أخذ المياه من خط أنابيب كبير لإمداد المياه المحلاة إلى مكان يقع في مكان أقرب للمشروع". وفي المنبع، "سيتم بناء محطة لتحلية المياه بالقرب من البحر الأحمر".
تؤخذ المياه من البحر، وتحلى لمنع تآكل المنشآت، ثم تنقل عبر الأنابيب إلى الصحراء لتزويد محطة الكهرباء هذه هي الخطة التي اختارتها شركة كهرباء فرنسا.
يعترف أحد النقابيين الذين يؤيدون بناء هذه المحطة أن "هذا يثير تساؤلات أخلاقية. نحن نقوم بجمع المياه لمشروع لن يفيد عموم السكان".
هدف "صافي انبعاثات صفر" غير واقعي.. نيوم سيُطلق 1.8 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا.
بحسب المزاعم فإنه من المفترض أنه بمجرد بناء المشروع، يجب أن تكون "صافية الانبعاثات صفر". لكن بناءه، الذي يتكون بالكامل من الخرسانة والفولاذ والزجاج، خاصة فيما يتعلق بـ"ذا لاين" سيكون مستهلكًا للطاقة للغاية.
قال البروفيسور فيليب أولدفيلد، مدير أبحاث البيئة الهندسة المعمارية في جامعة نيو ساوث ويلز (UNSW) في سيدني: "إن بناء مدينة جديدة تتسع لتسعة ملايين شخص سيكون له حتماً بصمة كربونية عالية للغاية ". ويوضح قائلاً "إن المواد المستخدمة مثل الفولاذ والخرسانة كثيفة الكربون للغاية. ووفقاً لتقديراتي، فإن بناء نيوم سيطلق 1.8 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون. وهذا يعادل أربعة أضعاف الانبعاثات السنوية في المملكة المتحدة".كما يشكك لوران لامبرت، الأستاذ في معهد الدوحة للدراسات العليا، والذي يركز عمله بشكل خاص على تحول الطاقة، في مدى ملاءمة هذا المشروع. يوضح الباحث: "في المملكة العربية السعودية، لدينا مشكلة كبيرة في النقل العام والبنية التحتية، وخاصة فيما يتعلق بإدارة مياه الصرف الصحي. هناك أيضًا مشكلة في الوصول إلى السكن. من المؤكد أن نيوم ستخلق السكن، لكنه سيكون سكنًا باهظ الثمن" .
انخراط فرنسا في مشاريع سعودية لما هو أبعد من المال: السياسة وإعادة إعمار غزة
في جوابه على سؤال لماذا تشرع EDF في مثل هذا المشروع المتنازع عليه؟ يقول برتراند بيسانسينو، السفير الفرنسي لدى السعودية بين عامي 2007 و2016، قبل أن يشغل منصب مستشار دبلوماسي خلال فترة ولاية إيمانويل ماكرون الأولى: "إن عدم القيام بذلك سيكون خطأ".
;ويتابع الدبلوماسي "نحن في فترة تباطؤ اقتصادي عالمي، والعديد من المشاريع الكبرى المتاحة موجودة اليوم في الخليج". ولكن أبعد من ذلك، أصبحت السعودية مرة أخرى شريكًا متكررًا، خاصة منذ أحداث 7 أكتوبر "كيف يمكننا التحرك نحو إنشاء دولة فلسطينية تسمح لنا بإعادة بناء ما تم تدميره؟ القوة الأولى التي ستكون قادرة على القيام بذلك هي المملكة العربية السعودية، وإذا أردنا ذلك علينا العمل معهاّ"!
ارسال التعليق