ابن سلمان يستغل حرب غزة
تناولت صحيفة "يديعوت أحرنوت"، في الحلقة الأخيرة من سلسلة "القادة من حولنا"، حالة محمد بن سلمان، الذي لم يحلّ "ملكا" لكنه يتصرف على هذا الأساس، فهو "يقود السعودية منذ 7 سنوات، حيث تورط خلالها أكثر من مرة في العواصف". معتبرة كان لديه الوقت للتعلم من الأخطاء، ولعب في أيدي الجيل الأصغر سنا، واستغل الحرب الروسية الأوكرانية ضد الغرب – ولكنه جدد أيضا العلاقات مع إيران – التي كان لديه الوقت الكافي ليطلق على زعيمتها اسم "هتلر"".
اعتبرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية أنّ “ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يحاول استغلال حدث الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ عام من أجل التحوُّل من شخص منبوذ إلى حليف”، موضحة أنّ بن سلمان “ينتظر الخطوة الإسرائيلية لإتمام التطبيع العلني”.
وقالت الصحيفة، في المقال الذي نشرته في 22 أيلول/سبتمبر 2024، إنهّ “بعد مرور أربع سنوات على توقيع اتفاقات إبراهيم (اتفاقات التطبيع) وفي ظل الحرب في غزة، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق التطبيع ستنجح”.
ونقلت عن كبير الباحثين ورئيس قسم الخليج في “معهد دراسات الأمن القومي” الإسرائيلي، يوئيل جوزانسكي، قوله: “بن سلمان يحمل إلى حد كبير مفاتيح السلام في المنطقة، وهو زعيم دولة مهمة جداً لإسرائيل الإقليمية، خاصة فيما يتعلَّق بإيران”.
وأشار إلى أنّ “بن سلمان يريد إدخال المملكة إلى حقبة جديدة، ويرى أنّ الاتفاق مع إسرائيل جزء من هذه العملية، ليس بسبب إسرائيل، بل بسبب ما سيحصل عليه من الولايات المتحدة”.
وأضاف “يريد حقاً تعزيز العلاقة مع الأميركيين. يريد الحصول على اتفاقية دفاع، ويريد اتفاقاً مدنياً نووياً. هذه الأشياء ستكرِّمه وتعزِّز مكانته كملك”.
وتابع جوزانسكي قوله: “حتى لو كان هناك اتفاق تطبيع وتم إضعاف حركة حماس بشكل كبير، أشك بأنّنا سنرى تورُّطاً فعلياً للسعوديين في قطاع غزة، لكنّنا سنرى تورطاً اقتصادياً ودعماً سياسياً للهيئة التي ستحل محل حماس”، فـ”السعودية لا ترسل عادة جنوداً ولا يبدو أنّها ستفعل ذلك الآن”، بحسب جوزانسكي.
وأما فيما خص محاولة التحول الداخلي، يقول الدكتور جوزانسكي: "هذه ممارسة معروفة لمثل هذه الأنظمة، فهو لديه الإجابات". وتشير التقديرات إلى أن الشباب يحبونه ويؤيدونه بسبب التحركات التي يقودها لصالح جيل الشباب في البلاد "أولاً، هو نفسه شاب وهذا يتحدث إليهم وهو أكثر راحة لهم. ثانياً، ينظم جميع أنواع المهرجانات الموسيقية والرياضية ويحدث التغييرات".
ولكن على المقلب الآخر، تبقى عوائق تحدّ من قدرته على تبديل وجه البلد كلّيا، إذ يؤكد الدكتور جوزانسكي: "لقد قاد جميع أنواع التدابير الليبرالية المفترضة التي تفتح المملكة على العالم الغربي أكثر، ولكن هذه هي "الليبرالية" بين علامتي الاقتباس، وليست الليبرالية الغربية"، كما "لا يمكنك التعبير عن رأيك علنًا". إلى جانب ذلك تحظر "السعودية" وجود أحزاب سياسية أو تجمعات سياسية أو احتجاجات.
وقد طوّق النظام السعودي خلال السنوات الأخيرة عمل المدافعين عن حقوق الإنسان، ونكّل بهم بالاعتقال التعسفي والإهمال الطبي والأحكام القاسية والإخفاء القسري، بما أدى إلى انتفاء لأي نشاط في الداخل.
وفي تقرير للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، ففي نوفمبر 2015، وعلى وقع المحاكمات والانتهاكات بحق النشطاء، روجت السعودية لما سمته إصدار نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وقالت أنه يهدف إلى: تنظيم العمل الأهلي وتطويره وحمايته، وتعزيز مساهمة المواطنين في إدارة المجتمع، وتفعيل ثقافة العمل التطوعي وتحقيق التكافل الاجتماعي”. اعتبر تقرير المنظمة أن “الواقع أكد شكلانية هذا النظام وعدم قدرته على حماية أي نشاط حقوقي ومدني، حيث لم تمنح السعودية أي ترخيص لمنظمات حقوقية مستقلة واكتفت بمنح التراخيص لجمعيات ومنظمات تعمل تحت ظل الحكومة، بل جرّمت ذلك وحاكمت المدافعين والمدافعات الذي قدموا طلبات. ومع تعاقب السنوات، دفع تجريم النشاط الحقوقي المستقل إلى انعدامه”.
على الرغم من ذلك، أكدت المنظمة ترويج ” السعودية إلى وجود منظمات مستقلة للدفاع عن حقوق الإنسان في الداخل، وتستشهد بالجمعية الوطنية لحقوق الإنسان التي تقول أنها مستقلة ماليا وإداريا ولا تتبع إلى أي جهاز حكومي. نظرة عامة على منشورات وعمل الجمعية يؤكد أنها لا تمارس دورا مستقلا في الدفاع عن حقوق الإنسان كما لا تملك آليات واقعية للوصول إلى الضحايا والدفاع عنهم”. إضافة إلى ذلك، لم تلتمس المنظمة أي دور لها في توثيق الانتهاكات.
ارسال التعليق