كاتب فلسطيني :كواليس آل صهيون وآل نفط
كواليس آل صهيون وآل نفط
اكتشفت قبل نحو عام ونيّف، بشأن ماهية علاقات إسرائيل والسعودية، أنني مؤدب أكثر من جنرالات حاليين بالجيش الاسرائيلي. وليس حتى جنرالات احتياط عوّدوا مجتمعهم على كشف حقائق الأمور فقط بعد خلع بزاتهم ورتبهم عن أقفيتهم وأكتافهم.
كتبت يوم 3/4/2015 على حسابي في «تويتر» التالي: «الشقيقتان الحليفتان زعامتا اسرائيل والسعودية وسائر أيتام أميركا ضد كل العالم الذي يرحب بـ اتفاق لوزان التاريخي. تأمّلوا وفكروا واستنتجوا».
ظننت نفسي راديكالياً. لكن في اليوم التالي تغلّب عليّ جنرال اسرائيلي في قدرات الخيال على وصف العلاقة الاسرائيلسعودية. أنا وصفتهما بـ»الشقيقتين» لشدة براءتي التي لم يفسدها خبث الاستعارة. أما هو، الجنرال نمرود شيفر، رئيس قسم التخطيط في الجيش الاسرائيلي فقد ضرب حكومته من تحت الزنار باستعارته. ورداً على سؤال للصحافي يوآف ليمور («يسرائيل هيوم» 4/4/2015) عن العلاقات الاسرائيلسعودية: «أهي علنيّة أم سريّة؟»، قال شيفر:
«في الشرق الأوسط مثلما في الشرق الأوسط. أحياناً تفضل أن تكون لك عشيقة ولن تقول «هذه زوجتي». هناك مختلف أنواع الشراكات، وإذا كان إشهارها يضرّ بالأمر فلا داعي لذلك. لأن هذه ستكون حماقة».
بالطبع، من التفاهة الحديث عن عشق. هناك مصالح أنظمة. يعني يجب تحويل الفرضية لتصبح كالتالي، وهذا استناداً الى الجنرال الصريح: علاقات آل سعود وآل صهيون هي دعارة بالسِّر. المعطيات التالية تؤكد العلاقات السرية بين الطرفين، وهي مأخوذة من تقرير اسرائيلي منشور صدر عن «معهد أبحاث الأمن القومي» في كانون الأول 2013، بعنوان: «اسرائيل والسعودية: عدو عدوي – صديقي؟» وقد وضعه خبيرا المعهد، أودي ديكل ويوئيل غوجانسكي. يقر المعهد في مقدمة تقريره بوجود «تقارب حقيقي بين اسرائيل والسعودية» ذلك أنه «للطرفين مصالح مشتركة في منع ايران من تحقيق قدرة نووية وعسكرية وهيمنة اقليمية»
(صحيفة «صاندي تايمز» البريطانية كتبت يوم الثلاثاء 17/11/2013 أن «السعودية واسرائيل تخططان معاً هجوماً على ايران»، وأن السعودية «منحت اجواءها الجوية للاستخدام الاسرائيلي» وأعلنت استعدادها لمساعدة الطائرات الحربية الاسرائيلية «بطائرات انقاذ، طائرات تزويد بالوقود وطائرات من دون طيار». هذه معلومات لم ينتفض أحد لينفيها لا في الرياض ولا في تل أبيب).
المعهد الاسرائيلي لا يكتفي بالتقديرات بل يورد خلاصة معلوماتية مركزة بناء على متابعة تقارير ومعلومات ذات صلة قام برصدها وتجميعها. وهو يكتب ما يلي:
«يتضح من وثائق «ويكيليكس» وجود «حوار سري ومتواصل» (المزدوجان في الأصل) في المسألة الايرانية. كذلك، تساعد شركات اسرائيلية دول الخليج أمنياً، في الاستشارة الأمنية، تدريب قوات عسكرية محلية، بيع وسائل قتالية، منظومات وتكنولوجيا متطورة، وتجري في غضون ذلك لقاءات بين المستويات العليا من الطرفين بشكل متواصل. وتفيد تلك التقارير أيضاً أن اسرائيل ليّنت سياسة تصدير السلاح لدول الخليج. وتحظى اسرائيل من امكانية معينة للانخراط في أسواق خليجية طالما لم تحمل منتوجاتها شارات اسرائيلية».
إذاً نحن امام تعاون عسكري وأمني مفصّل يشمل الاستشارة والتجارة والتسليح والتدريب، واللقاءات «بين المستويات العليا». ولا ينحصر هذا في السعودية بل يشمل «دول الخليج».
«معهد أبحاث الأمن القومي» يقدم تحليلاً لافتاً للفوائد المترتبة على سريّة العلاقات:
(1) يكتب: «بنظر السعودية ودول الخليج، من شأن العلاقات العلنية مع اسرائيل أن تكلفها في الوقت الراهن ثمناً يفوق الفائدة، في ضوء الشارع العربي الرافض لعلاقات واعتراف بإسرائيل. الممالك والامارات الخليجية تستفيد حالياً من وضعية تسودها علاقات سرية وغير رسمية تمكنها من الاستفادة من أفضليات علاقاتها مع اسرائيل من دون الحاجة الى دفع ثمن لها في الرأي العام الذي بات «ضاجّاً» منذ اندلاع الربيع العربي».
(2) ويتابع المعهد: «كذلك، فإن المصالح المشتركة ليست قيماً مشتركة. من المريح لاسرائيل اقامة علاقات سرية من دون مواجهة الجوانب الاخلاقية في علاقات مع ممالك وامارات استبدادية، بل حتى تقديم موقف السعودية كعائق اضافي أمام بناء الثقة الضرورية لدفع عملية السلام».
في هاتين النقطتين المترابطتين، الترجمة واضحة: اول من يدفع ثمن هذه العلاقات السرية بين أنظمة الخليج وحكّام اسرائيل، هو الشعب الفلسطيني. فالمعهد الاسرائيلي يكتب حرفياً: «العلاقات الطبيعية غير ممكنة طالما لم تحدث انطلاقة جدية في العملية السياسية مع الفلسطينيين».
ولكن منذ سنين العلاقات السرية قائمة «وتتمدّد» وتعود بالفوائد على اسرائيل وعلى دول الخليج. مما يريح الطرفين من همّ حل قضية فلسطين. بل إن عدم حلها يفيدهما. هذه باتت مصلحة مشتركة لهما.
والسؤال: إذا لم تكن هذه عمالة رجعية عربية للصهيونية، فما هو معنى وممارسة العمالة؟
* كاتب فلسطيني
ارسال التعليق