مؤسسة التقاعد متقاعدة
( كل يواري على جمرته) هذا المثل التهامي يقابله المثل الشهير (كل يغنى على ليلاه)، ويبدو أن الجلسة القادمة يناقش فيها مجلس الشورى تقرير المؤسسة العامة للتقاعد، والتي تخشى معاودة الانتقاد لأداء دورها، فقبل 15 شهرا رصد المجلس تأخر وزارة المالية في سداد الأرصدة المستحقة لها، والتأكيدات بانخفاض مستمر للمركز المالي لحساب التقاعد العسكري، منذ 1433هـ، ومخاوف من أن تجف الاحتياطات بحلول 1442هـ نتيجة عدم التوازن بين المنافع والاشتراكات.
هذه المخاوف جوبهت آنذاك بضرورة تغيير أو إحداث تعديلات جوهرية على نظام التقاعد المدني الصادر قبل نحو 44 عاما، بدعوى أنه تجاوزه الزمن.
وهي الحجة الدامغة التي من شأنها تحفيز المؤسسة العامة للتقاعد للسعي لتغيير نظام التقاعد، ويبدو أن المؤسسة تسير بنمط سلوك المتقاعد (أي أنها مستسلمة للدعة والاستكانة) رغم مضي 11 عاما، إذ لم تفِ المؤسسة بما وعدت به من تغييرات… لذلك لن تجد المبررات التي يمكن من خلالها إقناع أعضاء مجلس الشورى..
ولأن المؤسسة (تنام في عسل المتقاعدين) سوف تحضر المناقشة في يوم الثلاثاء القادم من غير تعديل المادة الخامسة عشرة من نظام التقاعد التي بقيت على حالها ببلوغ الموظف سن الستين، في حين سعى المجلس إلى أن يكون سن التقاعد 62 عاما مع جواز تمديد سن التقاعد إلى 67 عاما… وهذا المقترح لم تنفذه المؤسسة.
أما المقترح الثاني فقد استهدف (تحديث نظام التقاعد المدني في ضوء العديد من المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، وتحسين ظروف المستفيدين من نظام التقاعد بما يضمن تحقيق مبادئ التكافل الاجتماعي).. وهذا الهدف أرادت المؤسسة تلافيه من وقت مبكر في تقريرها السابق عندما ادعت بأن نسبة رضا المتقاعدين بلغت 87% على الراتب التقاعدي، وهذا لا يمكن أبدا، فجل المتقاعدين يشكون شكوى الويل عما يجدونه من حياة شحيحة مقارنة برواتبهم التقاعدية.
وهذا ما استهدفه مجلس الشورى في مقترحة الثالث الذي (يهدف إلى ترسيخ مبدأ حماية الحقوق، وإعادة النظر في المعاشات لتتناسب مع تكاليف المعيشة وحاجات أسر المتقاعدين، وتحسين الوضع الاقتصادي للمواطنين بعد الإحالة على التقاعد وكبر السن).
واللجنة المناقشة لأوضاع مؤسسة التقاعد تنبهت إلى أن المتقاعدين يعيشون في شظف العيش كون الجهة المسؤولة عنهم تقاعست عن أداء دورها، وعلى بالها أن هؤلاء الناس هم على طريق الوداع وليس هناك من يتابع المودع…
ولأن المتقاعد يغنى على ليلاه (انتظارا لزيادة دخله بما يتلاءم مع الأوضاع المعيشة)، فإن مؤسسة التقاعد (تواري على جمرتها) على اللجنة في مجلس الشورى تتغاضى عن تباطؤ وتقاعس المؤسسة عن أداء دورها.
بقلم : عبده خال
ارسال التعليق