قطر والسعودية.. الخلافات تفضح تورطهما في دعم الإرهاب
كل يوم يمضي في الخلاف القطري السعودي تتكشف عنه مجموعة من الحقائق عن تورط الدوحة والرياض وواشنطن في قضايا تتعلق بدعم الجماعات الإرهابية في سوريا، وحتى اللحظة يكفي متابعة تصريحات وزارتي الخارجية القطرية والسعودية لإثبات رعاية هذه الدول للجماعات الإرهابية التي انتشرت في العديد من الدول العربية، حيث تتراشق السعودية وقطر مجموعة من الاتهامات المتبادلة بدعم كل طرف للإرهاب.
حمد بن جاسم.. اعترافات في الوقت الضائع
كشفت تصريحات رئيس الوزراء القطري السابق، حمد بن جاسم، بالأمس، حجم التورط القطري والسعودي في الدعم المالي والعسكري للمجموعات المسلحة والمتطرفة أو لمجالس المعارضة في سوريا، وهو دعم افتتحه وقاده حمد بن جاسم منذ بدء الحرب عليها، والمراجعة التي قدمها بن جاسم جاءت بعد تصاعد الخلاف الخليجي وإحكام العزلة لقطر التي تحاول البحث عن مخارج عبر حلفاء دمشق.
رئيس الوزراء ووزير خارجية قطر السابق أقر بارتكاب أخطاء في سوريا، لافتًا إلى أن الولايات المتحدة قدمت دعمًا خاطئًا لبعض الجماعات هناك، وقال حمد “في سوريا جميعنا ارتكبنا أخطاء نحن كدول خليج والولايات المتحدة، كلنا كنا نعمل عبر غرفتي عمليات: واحدة في الأردن، والأخرى في تركيا، وكلنا كنا ندعم ذات المجموعات، ومع الوقت اكتشفنا أن بعض الجماعات تحمل أجندات مختلفة، وكنا نعزلها، وكنا عندما نحصل على معلومات نتراجع”، وأضاف “أنتم الولايات المتحدة كنتم تقدمون الدعم لجماعات خاطئة ثم توقفتم، لا يعني هذا أننا لم نخطئ، لأننا نعلم أنهم عندما ينتهون من سوريا سيأتون إلينا”.
ويرى مراقبون أن تصريحات بن جاسم هي أكبر اعتراف خليجي حتى الآن عن تورط قطر والسعودية والولايات المتحدة الأمريكية بالإضافة على تركيا في دعم الجماعات المسلحة في سوريا منذ بداية الأزمة.
وأظهرت تصريحات بن جاسم أن هناك نوعًا من التبعية للولايات المتحدة، فواشنطن هي من تقرر السياسة القطرية وعلى الدوحة التنفيذ.
حمد والتورط في سوريا
ستة أعوام مضت على تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، الأعوام انطوت وخرج من المشهد من قاد الحملة فيها، من أجل إخراجها من المشهد الدبلوماسي العربي، حمد بن جاسم عاد بالأمس للمشهد مجددًا ليقدم اعترافًا بالخطأ في سوريا.
وتشكل مجالس المعارضة طليعة التدخل القطري في سوريا، فمن مجلس أنطاليا في يونيو عام 2011، إلى كل المؤسسات فيما بعد التي اتخذت مقرًّا لها على دول الحدود التركية السورية في الريحانية وأنطاكيا وغازي عنتاب.
رياض الأسعد في يوليو 2011 أعلن تأسيس الجيش الحر أولى الأذرع العسكرية لتدخل الدوحة والرياض في سوريا، ومع انتهاء العام الأول للحرب أسقط انتحاري في حي الميدان الدمشقي ثلاثين شرطيًّا من قوات أمن الحي، لتسقط معه مزاعم سلمية الحراك في سوريا، وليتوجه بعدها نهائيًّا نحو الإرهاب تحت راية النصرة وداعش وأخواتها.
ومثَّل هجوم جيش الإسلام وأحرار الشام في ديسمبر 2013 على مستودعات الجيش الحر في باب الهوا، لحظة توزيع نفوذ وتوافق سعودي قطري على تهميش الجيش الحر الذي لم يبد فاعلية في قتال الجيش السوري، بل حوّل وحداته إلى رديف لكتل كبيرة، كالنصرة وجيش الإسلام وأحرار الشام، فهو لا يستطيع العمل من دونها، لأنها تملك التمويل والتسليح المباشر من السعودية وقطر وتركيا.
وبالنسبة للغوطة الشرقية فهي أرض عمل للاستخبارات السعودية وجيش الإسلام، وشكلت الاستراتيجية التي فضلها السعوديون والتي تقضي بالتمركز على حواف مدينة دمشق، وقيادة عمليات غزوها من الغوطة التي انتهت كلها بالفشل.
وبالنسبة للقلمون فقد كانت إمارة لأبو مالك التلي بدعم قطري، قبل أن ينهي وجوده الجيش السوري.
وباستثناء معبر باب الهوا الحدودي، يسيطر أبو محمد الجولاني المدعوم قطريًّا على كامل تخوم لواء إسكندرون وإدلب، ومنها هاجم الفصائل المدعومة سعوديًّا، كجمال معروف، الذي استولى على مستودعات أسلحته الأمريكية، وصواريخ التاو لحركة حزم، وأخيرًا على الفرقة 13.
ومع تصاعد الخلاف الخليجي بدأت قطر تطرح نفسها طرفًا في قتال الإرهاب والمجموعات التكفيرية في سوريا، بعد أن كانت النواة التي اعتمدت عليها، وهو الأمر الذي يتقاطع مع الاستراتيجية الروسية، وحاولت موسكو التوسط لفتح قناة بين الدوحة ودمشق، لكن الأخيرة رفضت واشترطت موافقة الشعب السوري أولًا.
دول كالسعودية وقطر وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية كانت أبرز الداعمين للمجموعات المسلحة عسكريًّا وماليًّا، وهذا الدعم تحدثت عنه العديد من المجموعات المسلحة في سوريا، والعديد من المقالات الإعلامية في الصحافة العالمية، ومن لم يتحدث عنه تم افتضاحه عن طريق الخلافات التي نشبت بين الفصائل المسلحة، حيث تحول هذا الدعم في كثير من الأحوال ليكون سببًا للخلافات بين قادة المسلحين لتقاسم الأموال والمساومات السياسية فيما بينهم.
بقلم : خالد عبدالمنعم
ارسال التعليق