
قمم المجاملات جعجعة بلا طحين، وشوشرة عمالة الجرابيع
[حسن العمري]
* حسن العمري
أٌسدل ستار قمة الدوحة بإصدار بيان ختامي هزيل شأنه شأن سائر بيانات القمم العربية والإسلامية التي سبقتها، لايغني ولا يسمن ولا يردع ولا يخيف ولا حتى كان كفيلاً بردة فعل من العدو الإسرائيلي المجرم وداعميه الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا، حلفاء منظومة بلدان دول مجلس التعاون الخليجي المغلوب على أمره، ومساعداه في العدوان على قطر (وفق ما كشفته سائل إعلام إسرائيلية) كما هو الحال في عدوان تل أبيب على غزة ولبنان واليمن والعراق وسوريا وسائر بلدان المنطقة.. داعياً جميع الدول المشاركة الى اتخاذ كافة التدابير القانونية والفعالة الممكنة لمنع "إسرائيل" من مواصلة أعمالها ضد الشعب الفلسطيني، بما فيها مراجعة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية معها!!.. والدوحة وابوظبي والمنامة أول المحتفظين بهذه العلاقات وعلى أعلى المستويات حتى لحظة كتابة هذه السطور.
البيان المذكور الذي لا يساوي حتى قيمة الحبر والورق الذي كتب به وعليه، أشار إلى أن "غياب المساءلة الدولية، وصمت المجتمع الدولي إزاء الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة، قد شجعت إسرائيل على التمادي في اعتداءاتها وإمعانها في انتهاكها الصارخ للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، والذي يكرس سياسة الإفلات من العقاب ويضعف منظومة العدالة الدولية، ويهدد بالقضاء على النظام العالمي المبني على القواعد بما يشكل تهديدا مباشرا للأمن والسلم الإقليميين والدوليين".. عجباً لكل هذا التجييش والتحشيد العربي والإسلامي مجرد ضربة لقطر راعية ما تسمى بالوساطة بين حماس والعدو الصهيوني، فيما يلتزم الجميع الصمت المطبق صم بكم عمي فهم لا يفقهون لمجازر العدو الصهيوني الدموية وعلى مدار الساعة ضد ابناء غزة ولبنان العزل؛ دون استخدام هذه البلدان المطبعة ورقة العلاقات للضغط على العدو بغية وقف المجازر!!.
دعونا نعود الى الوراء هنية حيث قطر أول دولة في المنظومة الخليجية تفتح مكتب للتبادل التجاري مع العدو الإسرائيلي عام 1996 بحضور رئيس وزراء كيان العدو السابق شيمون بيريز الذي صرح بالقول "أن اسرائيل تمتلك 50% من قناة الجزيرة"!!؛ وكان رئيس المكتب يحصل على رتبة سفير في وزارة الخارجية الإسرائيلية، ومن خلال هذا المكتب تم التوقيع على اتفاقية لبيع الغاز القطري الى "إسرائيل" وبأسعار مخفضة وفق وزير خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الصناعة والتجارة القطري بنظيره الإسرائيلي آنذاك (هآارتس)، ثم معاهدة التجارة الحرة بين الطرفين «الجات» التي شملت مختلف الجوانب التجارية والاقتصادية والسياسية والأمنية والرياضية؛ إلى جانب إنشاء بورصة الغاز القطرية في تل أبيب، وكذلك عملية نقل شركة الخطوط الجوية القطرية بنقل 60 يهودياً من اليمن الى "إسرائيل" عبر الدوحة.
تميم قطر فكر أنه بوجود عقود من التعاون السياسي والأمني والتجاري والإستراتيجي مع الكيان الإسرائيلي سيخدمه ويضعه في خانة الآمان، ليسبق غريميه المحمدان السعودي والاماراتي في العمالة والانبطاح وبيع القضية الفلسطينية بثمن بخس خاصة وانه يقود ومنذ عامين ما تسمى "الوساطة" بين حماس التي يحتضنها ليس حباً فيها بل كما هي رغبة السيد الراعي الأمريكي والصديق الصهيوني وفق اعترافات وزير خارجيته، ضمن صفقة تبادل الاسرى بين الطرفين؛ لكن كل ذلك لن يجديه نفعاً والأرعن السفاك نتن ياهو يتخذ قرار بتوجيه الضربة القاضية لقطر بعد لتكون عبرة لسائر بقرات ترامب الخليجية، بعد أن اعطاه الأخير الضوء الأخضر في ذلك وغمز محمد بن سلمان بالتعاون معه بفتح الأجواء السعودي للطائرات الاسرائيلية والقرب من محل التفاوض بين حماس والعدو واستهدافه، وفق القناة العبرية 14 التي أكد أن {سلاح الجو الإسرائيلي مر فوق الأردن والسعودية لتنفيذ عملية "يوم الحساب" في الدوحة}.
النظام القطري اعتاد طيلة العقود الثلاثة الماضية على الترويج لأكذوبة مساندته للقضية الفلسطينية، والتنديد بممارسات إسرائيل العدوانية ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وفي الحقيقة كان يخفي وراء هذه الشعارات الزائفة علاقات مشبوهة سياسية واقتصادية ودبلوماسية جمعته مع الكيان الصهيوني على حساب المصالح والحقوق العربية بصفة عامة والفلسطينية بصفة خاصة.. لقاء نائب وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك "يوسي بيلين" مع السفير القطري لدى واشنطن "عبد الرحمن بن سعود" أواخر عام 1994، وتأكيد الأخير أن قطر “ستكون سعيدة بالتعاون والمساعدة في العملية السياسية"... ثم شارك أمير قطر "حمد بن خليفة" في “أوسلو 2″، ومشاركة ممثل عن حكومة قطر في جنازة رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين.. وزيارة اخرى لبيريز عام لقطر 2007، وكذا لقاء وزير خارجية الكيان الاسرائيلي تسيبي ليفني أمير قطر الدوحة عام 2008 خلال مشاركتها في مؤتمر للأمم المتحدة، ناهيك عن مشاركة اللجنة الاولمبية القطرية..
أوجدت الطمأنينة لدى المهرولين للتطبيع بشكل كبير، لتأتي الصفعة القاضية بتعاون أخوة الدم والعروبة والمنطقة الخليجية.
تسابق مع الزمن يقوم به محمد بن سلمان مع غريمه محمد بن زايد وتميم من أجل قضم قطعة أكبر من الآخرين من كعكعة التطبيع والتعاون مع عدو الأمة والإسلام، بكل ذل وخذلان وانبطاحية وسذاجة ما بعدها سذاجة فاكراً أن أكثر من قرن من الزمن التي قضاها آل سعود ملك تلو ملك في خدمة اللوبي الصهيوني ستنفعه في صعود سلم العرش والسيطرة على دول مجلس التعاون ليصبح سيد الجزيرة العربية كما عهد تشرشل لجده عبد العزيز بعد منح الأخير فلسطين لليهود وكأنها ملك أجداده وإرثهم، مقابل اعتلاء العرش و27 الف جنيه استرليني شهرياً.. هيهات هيهات أن يقبل اليهود المتطرفين والذي يمثل نتن ياهو قيادتهم حالياً بذلك ما لم يقوم بتأسيس ما أسماها "إسرائيل الكبرى".. ووزير ماليته "بتسلئيل سموتريش" قالها بصراحة "أننا نريد دولة يهودية تضم الاردن والسعودية ومصر والعراق وسوريا ولبنان".
"الأعراب سحبوا سفراءهم من لبنان لأني قلت "حرب اليمن عبثية" وكل هذا الــدم المسفوح بغــزة لم يحرك غيرتكم لسحب سفرائكم من تل أبيب أو تطردوا سفراء اســر.ائيل من بلادكم؟!"- وزير الاعلام اللبناني السابق جورج قرداحي.. ولا حتى ضربة قطر ستؤدي الى ذلك قطعاً.. انها أيام قليلة وكلمات معسولة وخطابات رنانة خاوية وشعارات ملونة رخيصة يشغلون بها الشعوب حتى تهدأ الأجواء لتعود بقرات ترامب في التسابق نحو منحر التطبيع والعمالة والنفاق والخيانة، يتقدمها أرعن آل سعود محمد بن سلمان بأحلام بنفسجية ووردية لن تصل ساحل التحقيق بتاتاً.. لكن ليست هناك عبرة أكثر من قطر التي وضعت حتى إعلامها في الترويج لما يصدر من ماكينة العدو الإسرائيلي في العدوان على غزة وغيرها عبر قناة "الجزيرة" منذ سنوات باستضافتها أكثر من مرة للمتطرف الإسرائيلي «مردخاى كيدار» المروج الأول ليهودية القدس، و«أفيخاي أدرعي» المتحدث باسم جيش الاحتلال، وعدد من جنرالات الجيش الإسرائيلي.
"الجزيرة" القطرية لن تكتفي بهذا المقدار من الدعاية السلبية ضد المقاومة ومحوره بل ذهبت الى أبعد من ذلك، ووفرت لرئيس الوزراء الإسرائيلي السفاح نتن ياهو مرتين عامي 2009 و2016 منصة دعائية مطولة تجاوزت 25 دقيقة، وهي فرصة لم يكن يحلم بأن ينالها بتلك الأريحية والكرم، وتمت إذاعة كلمته كاملة على الهواء دون تعقيب من قبل "الجزيرة" التي تواصل دورها حتى هذه اللحظة، لكن دون جدوى.. والأخير أعلنها بصوت مسموع لجميع حكام وشعوب البلدن الخليجية " للحفاظ على كراسيكم التزموا الصمت، وادينوا حماس وإلآ ستندمون".. خطاب موجه لكل بقرات ترامب الخليجية منها والعربية؛ فكان الرد أن بعثوا الجبناء بحوالات نقدية لسكان غلاف غزة من قطعان المستوطنين مقابل ما خسروه جراء طوفان الاقصى!!.. قممْ... قممْ...معزى على غنمْ... جلالة الكبشِ... على سمو نعجةٍ... على حمارٍ... بالقِدم... وتبدأ الجلسة... لا... ولن... ولم... وتنتهي فدا خصاكم سيدي... والدفعُ كمْ؟!
ارسال التعليق