مهانة وذل وتهميش كل ما جناه أبن سلمان
[حسن العمري]
بقلم: حسن العمري عاد بخفي حُنَيِن أو رجع بخفي حُنَيِن، مثل عربي يضرب عند اليأس من إدراك الحاجة والرجوع بخيبة الأمل وطأطأة الرأس.. صورة تنطبق بالكامل على بطل قصتنا محمد بن سلمان في جولته العربية ومشاركته في قمة العشرين بالأرجنتين خائفاً بائساً يائساً مذعوراً من ردود الفعل الشعبية بتونس ومصر وموريتنانيا والجزائر، فيما المغرب رفضه رسمياً - وفق رويترز؛ وإقامته خلال أيام القمة داخل السفارة السعودية في بوينس ىيرس خوفاً من الاعتقال على خلفية الشكوى التي قدمتها منظمة هيومن رايتش ووتش الدولية المعنية بحقوق الانسان الى القضاء الأرجنتيني لإعتقاله والتحقيق معه بقضيتي الحرب على اليمن وقتل جمال خاشقجي.
تقول القصة أنه كان في مدينة الحيرة بالعراق رجلا يُدعى حُنين يعمل مصلحًا وصانعًا للأحذية، وكان مشهورًا بصناعته وإتقانه وخبرته بها، وفي يوم من الأيام مر أمام دكانه أعرابي يركب على بعير، فأناخ بعيره جوار الدكان ودخل الى حُنينٍ يسأله وينظر للأحذية التي يصنعها ويدقق فيها، وقد أعجبه أحد هذه الأحذية فسأل عن السعر وبدأ بالجدال والمساومة حول السعر كأنه يريد أن يشتريه، وبعد طول جدال أخذ الكثير من وقت حُنين اتفق معه على سعر وإذا بالأعرابي يترك الدكان ولم يأخذ الحذاء ولم يشتريه ولم يُعِر حُنين أي اهتمام، فسبب هذا التصرف لحُنين الغضب لأن هذا الأعرابي أخذ منه الكثير من الوقت وعطّله عن عمله وعن زبائنه الذي رأوه منشغلًا به عنهم فانصرفوا عنه، فخسر زبائن اليوم ولم يبع حُنين شيء؛ لذلك أراد أن ينتقم من تصرف الأعرابي وأن يفرّغ غضبه بطريقة انتقاميّة، فراح يلحق به وسلك طريقًا جانبيًا أسرع من الطريق الذي سلكه الأعرابي فأصبح أمامه بمسافةٍ، وأخذ الخُفين ووضع أحدهما على الطريق، وعلى بعد مسافة كافية منه وضع الحذاء الثاني واختبأ في مكانٍ يراقب منه الأعرابي عندما يصل لهذه المنطقة. وعندما وصل الأعرابي ووجد الحذاء، قال ما أشبهه بخفي حُنين، لكن هذا حذاء واحد فلو كان الثاني معه لأخذته، فتركه وسار في طريقه، وبعد مسافةٍ وجد الحذاء الثاني، وقال كأنه هذا وذاك خفي حُنين، فأخذ الثانية ورجع للأولى كي يلتقطها، وترك دابته مكان الحذاء الثاني، وهنا كان حُنين يتربّص به فلما ترك دابته ورجع للحذاء الأول، أخذ حنين دابته وهرب بها، وعندما عاد الأعرابي لمكان الدابة لم يجدها وعاد إلى أهله فارغ اليدين وقد كان عائدًا من السفر محملًا بالأغراض والهدايا، فاستغرب أهل الحي عودته راجلا, ولما علموا بما حل به, قال أحدهم: عاد بخفي حنين, فذهب قوله مثلا (أ ب الميداني ، مجمع الأمثال، صفحة 296، جزء الجزء الأول ).
خلال زيارته الأولى الى الرياض على رأس وفد طويل عريض رفيع المستى تمكن الرئيس الأمريكي المخبول دونالد ترامب من جني أموالاً طائلة قدرتها وسائل الاعلام الأمريكية والغربية بأكثر من تريليون و500 مليار دولار بين اتفاقيات لبيع أسلحة الخردة الأمريكية المكدسة والأسباير المكدسة في عنابر مصانعها، وبين اتفاقيات شراكة لم ولن ترى النور على تبقى حبراً على ورق فقط تدفع تكاليفها من جانب المملكة كالعادة، وبين اتفاقيات الشراكة السعودية في المشاريع الأمريكية، وكذا الهدايا القيمة التي قدمها سلمان ونجله لترامب وأبنته على وقع شربها فنجان قهوة مع أحد الأمراء؛ ما دفع بالرئيس الأمريكي وفور عودته الى بلاده التبجح بتحقيق أحدى وعوده الانتخابية أي إيجاد فرص عمل لأكثر من ثلاثة مليون أمريكي بأموال سعودية فيما ملايين الشباب الكفوئين عاطلين عن العمل في المملكة.
حُنين الأمريكي لم ولن يكتفي بسرقته لجمل الاعرابي ما عليه من البضائع بل تمادى في ذلك مطلقاً عليه تسمية "البقرة الحلوب" متودعاً إستحلابها حتى ينبض ضرعها ما أن جف سيقدمها قرباناً لألهة الشر وينصب أميراً آخر محله حيث العدة تتمهد لتجريد محمد بن سلمان من جميع المناصب والقدرة ورميه في مزبلة التاريخ بعد أن أدى دوره في إشعال نيران الفتن بمنطقة الشرق الأوسط، وحربه على اليمن الفقير وتدمير كامل بناه التحتية وقتل عشرات الآلاف من أبناء الشعب اليمني الجار المسالم أما بالقنابل الأمريكية البريطانية الفرنسية الالمانية البرازيلية المنضبة باليورانيوم والفراغية المحرمة دولياً، وإما بالحصار الظالم المقيت القاتل ما أدى الى فقدان الأدوية ووسائل العلاج وتفشي مختلف أنواع الأمراض والأوبئة مثل الكوليرا والسل وغيرهما.
مصدر موثق في الكرملين كشف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قصد أن يكون أول من يصافح ولي العهد السعودي ويبتسم له ساخراً منه ومنبهاً إياه أن الذي تهرول من ورائهم وتعتقدهم حماتك لبلوغ العرش، أهملوك ورفضوا لقاءك وهذا كله بسبب عدم إستماعك للنصائح التي نصحتك أياها خلال مشاركتنا لمشاهدة مباراة المنتخب السعودي ونظيره الروسي في حفل افتتاح بطولة كأس العالم الحادية والعشرين بروسيا.
الرأي العام العالمي والسعودي شاهد كيف تعرض محمد بن سلمان للتهميش خلال التقاط الصورة الجماعية الرسمية لزعماء العالم وكبار الشخصيات في قمة مجموعة العشرين ببوينس أيرس أمس، حيث لم يصافحه ولا يهتم لوجوده أحد من المشاركين، وأن موقعه كان في طرف المجموعة ووجد تجاهلاً بعد التقاط الصورة، ما أغضبه كثيراً ودفعه الأمر الى مغادرة المنصة بسرعة دون أن يُصافح أو يتحدث مع أي من الزعماء والمسؤولين المشاركين في القمة. وكان "كينيث روث" المدير التنفيذي لهيومن رايتس ووتش، قد حذر زعماء العالم من الظهور بجانب ولي العهد السعودي، خلال قمّة العشرين، مع بدء تحقيق رسمي في الأرجنتين حول التورّط المحتمل لمحمد بن سلمان في جرائم دولية خطيرة؛ ليكون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أول من أعلن أنّه لن يلتقي ولي عهد السعودية بذريعة عدم الإعداد للقاء!!.
صحيفة لوموند الفرنسية وفي مقال لها بقلم كاتبها البارز "آلان افراشونغير" شككت بحصول ولي العهد السعودي على عفو من الحلفاء على أقل تقدير رغم اتفاقيات شراء الأسلحة، واشار الكاتب أن "أبن سلمان هو الخاسر دوماً ويفقد كل شيء في سياساته الخارجية ، ولم يعد من السهل أن يدعى لزيارات رسمية خارجية، إذ سيظل لمدة ساماً وضاراً بصورة بلاده في الخارج.. فهو شخص غير ناضج ووحشي ومندفع لايعرف سوى التفكير بإعتلاء العرش مهما كلفه من إرتكاب جرائم، فهو خطر على المجتمع الدولي وعلى شعبه أولاً".
الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" كشف في مؤتمر صحفي عقده في ختام أعمال قمة مجموعة "G20" الدولية في بوينس آيرس، أنه أنب ولي العهد السعودي، وأكد له ضرورة كشف كل الحقائق المتعلقة بمقتل الصحفي جمال خاشقجي وإنهاء الأزمة اليمنية سياسياً. فيما كشف مسؤول بقصر الإليزيه إن الرئيس ماكرون أبلغ محمد بن سلمان أن الأوروبيين سيصرون على اشتراك خبراء دوليين في التحقيقات الخاصة بمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي؛ وخاطبه بالحرف الواحد "أنا قلق.. أنت لا تستمع لي أبدا" ليرد الأمير محمد بالقول "سأستمع بالطبع" - وفق ما الفيديو الذي نشرته وكالتي الصحافة الفرنسية AFP وجيتي للصورGETT، وكذلك صحيفتي سبق وغازيت السعوديتين على موقعهما الإلكتروني.
الحليف الستراتيجي الثالث وهو رئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي هي الاخرى لم تتأخر عن ركب توبيخ وتحذير ولي العهد السعودي بكل عنف، مطالبة اياه "ضرورة محاسبة المسؤولين عن واقعة مقتل جمال خاشقجي المروعة، وإن التحقيق في القضية يجب أن يكون كاملا وموثوقا به، وأن تتخذ السعودية إجراءات لبناء الثقة، وضمان عدم تكرار مثل هذا الحادث المؤسف أبدا"- كما جاء في بيان مكتبها.
ارسال التعليق