العلاقات السعودية الإسرائيلية.. قائمة وتتطور!!
دون مواربة وبوضوح تام كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن مواقف بعض الأنظمة الخليجية ولا سيما في المملكة السعودية من قراره باعتبار القدس لكيان الاحتلال الإسرائيلي ومن العلاقات مع هذا الكيان، فترامب أكد في مقابلة صحفية أن القدس باتت خارج أي إطار للمفاوضات والدول الخليجية توافقه على قراره هذا، كما أنه يرى أن العلاقات السعودية الإسرائيلية تتطور، مواقف جاءت لتقصر الكثير من المسافات أمام من كان يتهيب سعوديا الخروج إلى العلن للحديث عن هذه العلاقات.
وكلام ترامب يدلل أن العلاقات الإسرائيلية الخليجية والإسرائيلية السعودية ليست مستجدة إنما هي موجودة وقائمة وتتطور حاليا، ويوضح أن التحسن الكبير طرأ على هذه العلاقات، وصحيح أن السياسة الحالية في المملكة توحي أن تناغما كبيرا يوجد بينها وبين تل أبيب إلا أن كلام ترامب جاء ليؤكد ما يتم تداوله منذ سنين أن هناك علاقات تاريخية مباشرة أو غير مباشرة بين أنظمة الخليج والكيان الإسرائيلي، وما التزام الصمت حيال استهداف القدس والقضية الفلسطينية إلا أحد نتائج هذه العلاقات المميزة والوطيدة إن كانت ما تزال غير معلنة بشكل رسمي.
أي دور لولي العهد السعودي؟!
لكن هل وجود علاقات سابقة بين أنظمة الخليج والمملكة السعودية والإسرائيليين يعفي السلطة الحالية في المملكة من مسؤولياتها وواجباتها التي يجب أن تؤديها تجاه الأمة والقدس؟ وهل وجود علاقات للحكام الخليجيين وبالتحديد السعوديين يبرر للسلطة الحالية بالتمادي في علاقاتها مع الكيان الغاصب والمحتل لأرض فلسطين؟ أليس من الواجب على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وهو يحضر ويجهز كل شيء لتولي العرش خلافة لوالده أن يتخذ موقفا واضحًا وصريحًا من كل ذلك واعتباره من الأخطاء السعودية والخليجية الواجبة التصحيح؟ وهل يستطيع الرجل فعل ذلك طالما أنه يسعى للسلطة ولخلافة والده؟ بل هل يريد فعل ذلك وتصحيح أخطاء أسلافه من ملوك وأمراء العائلة الحاكمة؟ أليس العلاقات مع إسرائيل وتطويرها هو نموذج للاثمان التي يجب على محمد بن سلمان دفعها لتحقيق طموحاتها السياسية؟
الواقع أن محمد بن سلمان وغيره من حكام الخليج وولاة العهد في الإمارات والبحرين يفكرون اليوم بنفس الأسلوب الذي كان يفكر فيه وعمل على أساسه من سبقهم من حكام هذه الأنظمة والدول، أي بإرضاء الأمريكي ومن يقف خلفه من الإسرائيليين في الأرض المحتلة، ولذلك كانوا يفعلون كل ما يطلب منهم في هذا الصدد وإلا لما وصلت الأمة وفلسطين إلى هذه الحال ولما احتلت وطرد أهلها وانتهكت مقدساتها، واليوم محمد بن سلمان في المملكة ومحمد بن زايد في الأمارات وغيرهما في البحرين وقطر وآخرين في بعض الأنظمة العربية والإسلامية يفعلون كل ما يطلب منهم تحت عنوان حماية عروشهم وطموحاتهم الشخصية وخططهم المستقبلية وأحلامهم بالجلوس والبقاء على كراسيهم، وفي سبيل ذلك يقدمون أوراق اعتمادهم لترامب وللوبيات الصهيونية في واشنطن وفي كل العالم على أمل إيصالهم لمبُتغاهم في السلطة.
الأمور واضحة والتواطؤ قائم..
ولا مجال بعد اليوم لأي مسؤول سعودي أو أي جهة سياسية أو إعلامية محلية أو غير محلية الخروج والدفاع عن نزاهة أنظمة الخليج وبالتحديد النظام السعودي في موضوع العلاقات مع "إسرائيل"، فالأمور كلها انكشفت وباتت واضحة للعيان ولم يعد هناك أي مجال للشك أو التحليل، فالرئيس الأمريكي "محبوب" قادة وحكام المملكة والخليج يعلنها صراحة، توجد علاقات قائمة وهي تطورت كثيرا مؤخرا، فالأمر لم يعد يتعلق بزيارات وتصريحات من هنا وهناك تنسب لأنور عشقي أو لتركي الفيصل أو لعادل الجبير، وبعد ذلك من لا يريد الاقتناع والفهم فهذه ستكون مشكلة كبيرة لأنه أما يعبر عن رضى بالموقف السعودي من "إسرائيل" الذي أكده ترامب بوضوح، وإما أنه ساكت لمصالح شخصية وذاتية، وفي كلا الحالتين الأمر غاية في الخطورة لأنه يمس قيم ومصالح الأمة من قبل حكامها الذين أنفضحوا وانكشفوا بعد طول تخفي وهروب من حقيقتهم بالتواطئ على الأمة وفلسطين والمقدسات.
وكلام ترامب يظهر أن أنظمة الخليج موافقة على قراره الجائر بحق القدس، ما يؤكد المؤكد أن هذه الأنظمة موافقة بل مشاركة في صفقة القرن التي تهدف لتصفية القضية الفلسطينية والتفريط بالمقدسات وحقوق الشعب الفلسطيني، وأن المشاريع المشبوهة التي طرحت حول استبدال القدس بأبو ديس ونقل الفلسطينيين إلى سيناء أو الأردن وغيرها من الطروحات ليست ببعيدة عن عقول هؤلاء الحكام الذين يريدون إنهاء قضية القدس وفلسطين والتفرغ فقط لخدمة مصالحهم ومن يعتقدون أنه يوصلهم إلى السلطة.
الخوف على الحرمين..
كل ذلك يدعو لرفع الصوت والتأكيد أن كل ما يُحكى من مشاريع للترغيب تارة والترهيب تارة أخرى التي تنفذ في الداخل السعودي بدءا من الاعتقالات والزج بالسجون وصولا إلى الوعود بمستقبل منفتح وباهر مرورا برؤى وأحلام عصية على التطبيع، كل ذلك لا ينفع ولا ينطلي على الرأي العام المحلي والعربي والإسلامي ولا حتى على أبسط مواطن على امتداد جغرافيا هذه الأمة، لأن من يفرط بالقدس لن يؤتمن على أي مدينة سعودية أو عربية ومن يفرط بمقدسات فلسطين لا يمكن الوثوق أنه سيبقى حافظا ومحترما للحرمين في مكة المكرمة والمدينة المنورة.
والتجارب أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أن بعض المسؤولين يتلطون بالحرمين الشريفين لإخفاء واقعهم المر وتعاملهم البغيض وفسادهم المستشري، بينما البعض يتستر بالشعارات الدينية والتشدد والتطرف لإخفاء مدى تخاذله وبيعه للمبادئ والقيم وقضايا الأمة المحقة، يبقى على الشعوب أن تدرك أن ما يجري ما هو إلا المسار الطبيعي حتى نصل في يوم تعلن فيه العلاقات بشكل رسمي ونهائي بين الكيان الإسرائيلي وكل الأنظمة الخليجية بما فيها المملكة السعودية، ليبقى التساؤل هل هذا هو الانفتاح المنشود والانتقال بالمملكة إلى مصاف الدول المعتدلة، الأمر برسم من يروج للانفتاح والاعتدال وبرسم الشعب الذي عليه أن يفهم حقيقة ما يجري وأن لا يلتزم الصمت في المفاصل التي تحتاجه فيه الأمة.
بقلم : مالك ضاهر
ارسال التعليق