الفقر في السعودية: واقع مغيّب بمشاريع الترفيه والحفلات الماجنة
يستمر محمد بن سلمان في سياسة تبذير أموال الشعب على أهوائه ومشاريعه غير القابلة للتطبيق، بشهادة العديد من الخبراء والمهندسين ممن أبدوا رأيهم على وسائل الإعلام. وفي جديد المشاريع المعلن عنها، “فيا الرياض” التي أعلن عنها تركي آل الشيخ بوصفه انجازا جديدا يضاف إلى سجل “المملكة” العمراني، المستهدف للطبقة البرجوازية.
حيث أوضح آل الشيخ أن منطقة “فيا رياض” توفر “مجموعة من أفخم المطاعم والمتاجر وصالات السينما، بما يعزز من توفير خدمات الضيافة والتسوق، والإقامة المميزة والراقية بالعاصمة الرياض.”
وزعم أن منطقة “فيا رياض” الترفيهية تشكل “تجربة متكاملة بتصميم فريد على الطراز السلماني، يتناغم مع الهوية المحلية لمدينة الرياض، وتضم مجموعة من أرقى العلامات التجارية العالمية، وواحدا من أشهر فنادق الخمس نجوم، والعديد من المطاعم والمقاهي العالمية التي تتواجد بالمملكة لأول مرة، مع سبع صالات سينما توفر تجارب سينمائية فريدة؛ حيث تتميز كل صالة بتصميم مختلف، إحداها صالة طويق التي تتميز بالتصميم النجدي.
" ويروج الإعلام لخدمات محملة في البذخ والتمييز ” تشمل خدمة صف السيارات وحمل المشتريات، والمساعد الشخصي الذي يساعد على الوصول إلى جميع الخدمات بيسر وسهولة، إضافة إلى خدمات التوصيل التي تضمن وصول مشتريات الزوار للعناوين التي يختارونها.” يحصر ابن سلمان رؤيته العمرانية بنجد في محاولة لترسيخ مركزية نجد وأصالتها المزمعة والتأثير على الوعي الجمعي.
فلم يأتِ “مشروع فيا” وحيدا في النهج الجديد المتبع منذ سنوات، بل امتداد لمسلسل طويل من المشاريع المعلن عنها ومنها “المكعب” الذي إضافة إلى تواجده في وسط الرياض كأكبر وسط تجاري، إلا أنه اعتمد تصميما هندسيا شبيها للكعبة المكرمة، الأمر الذي أثار رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
فُصام مجتمعي وطبقي وعلى الضفة المقابلة، مايزال أهالي ضاحية فهد في الدمام يعانون من الحفر والمطبات والمستنقعات التي ذهب ضحيتها خلال السنوات الماضية العشرات من الأطفال نتيجة الاهمال المتعمّد.
“أمير” المنطقة الشرقية سعود بن نايف يرفض معالجة مشاكل الضاحية التي تقع جنوب غرب سيهات في منطقة القطيف والمستمرة منذ عام 2011 بحسب الأهالي الذين دائما ما يقدمون شكواهم للجهات المعنية ولكن النظام السعودي تتجاهل ذلك لأسباب مناطقية.
معاملات وخطابات لمختلف الجهات الحكومية تطالب بالبت في موضوع تجمع المياه لكن دون جدوى. 45 سنة عمر الضاحية ولا تزال مهمشة دون تطوير يذكر أو حتى معالجة للأوضاع الراهنة.
هذه المستنقعات الممتلئة بالمياه والتي يتجاوز عددها 700 مستنقع تسببت على مدار السنوات الماضية بكوارث عديدة لسكان الضاحية .
منازل سقطت كهذا الذي في الصورة وأطفال غرقوا وتوفّوا على الفور لكن المسؤول لم يحرك ساكنا.
ومن بين المشاكل التي تؤرّق سكان الضاحية الذين يتجاوز عددهم 40 ألف نسمة هي ” الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار”في ظل مزاعم البلدية التي تؤكد انها اعتمدت مشروع الصرف الصحي قبل ما يقارب 5 سنوات، الا انه لا شيء يرى على ارض الواقع سوى الحشرات والبعوض.
الفقر: “على مد عينك والنظر” “فاتورة كهرباء بسيطة لأم أيتام يعلم الله أنهم يعيشون بضيق وفقر وعسر عاجزين عن سدادها”، هي مناشدة عبر تويتر كانت ستمر مرور الكرام لو كانت في بلد فقير، لا يعوم على النفط كالسعودية. تكثر في “مملكة” سلمان تكثر مناشدات مد يد العون، في الدولة العربية الأغنى نفطيا، مناشدات تظهر زيادة حالات الفقر والعوز وتؤكد أن وضع عدد كبير من العوائل مزري، فواتير كهرباء متراكمة بسبب العجز عن سدادها.
الفقر المدقِع بات جلياً للعيان في “السعوديّةِ”، رغم مزاعم محمد بن سلمان المتكررة عن اطلاق مُبادرات للحد منه. ورغم التكتم الشديد من قبل الدوائر الرسمية السعودية، حول الأرقام الدقيقة عن نسبة الفقر ، الا ان تلك المناشدات عبر مواقع التواصل تشير إلى تفشي الآفة في المجتمع.
يذكر أن المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان فيليب ألستون تحدث خلال زيارته السعودية في أبريل 2017 عن مشاهدات صادمة. هذا وأكد “مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث” أنَّ “السعودية هي البلد الخليجي الوحيد الذي يقبع فيه المواطنون تحت خط الفقر”.
وكشَفت دراسة أنجزها المركز عن أنَّ “10 في المئة من المواطنين السعوديين يقبعون تحت خط الفقر فيما سجَّلت باقي الدول الخليجية نسبة صفر”.
وأشارت المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إلى انعدام الشفافية في تعامل السعودية مع أرقام وحقائق الفقر في البلاد، مضيفة أنَّ مايُعزز غياب المعلومات هو انعدام أي دور للمجتمع المدني أو المنظمات لنقل الوقائع. ولفتت في اليوم الدولي للقضاءِ على الفقرِ تحت عنوان الكرامة للجميع، إلى أنَّ المؤشرات تُبيّن أنَّ نسبة الذين يعانون من الفقر في السعودية مرتفعة، موضحة أنَّ من المؤشرات لجوء الأفراد إلى وسائل التواصل الاجتماعي لنشر قضاياهم، حيث تمَّ رصد العديد من الحملات التي تُظهر انتشار الفقر والحاجة بشكل كبير.
وتؤكد الأمم المتحدة أن الفقر وغياب المساواة ليستا قضيتين حتميتين، وأنهما نتاج ” لقرارات مقصودة أو تقاعس عن العمل مما أضعف الفئات الأشد فقرا وتهميشا في مجتمعاتنا وانتهك حقوقهم الأساسية”. يبدو ذلك جليّاً في حالة المملكة العربية السعودية، التي تسيطر فيها الجهات الرسمية على كافة المرافق الاقتصادية والاجتماعية، والتي أعلنت عن خطط تنموية شاملة تنضوي معظمها تحت رؤية 2030. تنعدم الشفافية في تعامل “السعودية” في موضوع أرقام وحقائق الفقر، ويعزز غياب المعلومات انعدام أي دور للمجتمع المدني أو المنظمات التي من الممكن أن تنقل الوقائع.
على الرغم من ذلك، تبيّن المؤشرات أن نسبة الذين يعانون من الفقر في “السعودية” لا زالت مرتفعة: ففي ظل القمع الشديد ومنع الأفراد من التعبير عن رأيهم، وانعدام وسائل الإعلام المستقلة، يجأ الأفراد إلى وسائل التواصل الاجتماعي لنشر قضاياهم، ويمكن رصد العديد من الحملات التي تظهر انتشار الفقر والحاجة بشكل كبير، حيث يعمل المؤثرون على وسائل التواصل على جمع التبرعات لمساعدة أشخاص بحاجة إلى علاج طبي أو سكن أو غيرها.
ومؤخرا وبسبب ارتفاع أرقام المحتاجين، بدأت تظهر منصات خاصة من أجل تنظيم هذه الحملات. وفي سبتمبر/أيلول 2022 أعلنت “السعودية” أن 10 مليون شخص تقريبا يستفيدون من برنامج الدعم الاجتماعي “حساب المواطن”، الذي من المفترض أن يطال المتضررين من السياسات الحكومية الاقتصادية وخاصة بعد رفع الدعم عن أسعار منتجات الطاقة والمياه والكهرباء عام 2017.
لا تحدد “السعودية” معايير لخط الفقر وحد الكفاية، لعدة أسباب ترتبط باضطرارها إلى رفع أرقام برامج الدعم الاجتماعي في حال تحديدها.
ويؤكد خبراء إقتصاديون أن هذه المؤشرات يجب أن تحدث سنويا حسب التغير في تكاليف المعيشة. في يناير/كانون ثاني 2018 فرض النظام السعودي ضريبة على القيمة المضافة، وفي يوليو/حزيران 2020 رفعت هذه الضريبة إلى 15%. على الرغم من الوعود الرسمية بخفض الضريبة مع انخفاض العجز في الميزانية، لم يتم ذلك، فيما تشير الاحصاءات الرسمية إلى ارتفاع معدلات التضخم أكثر من 2.7% مع زيادة في أسعار المواد الغذائية.
إضافة إلى ذلك فرضت السعودية عام 2020 ضريبة على المقيمين، ومعظمهم من العمال الأجانب الذين كان مقرر الفقر قد أكد عام 2017 أنهم من أفقر شرائح المجتمع ما يشير إلى تدهور وضعهم منذ ذلك.
وأكدت المنظمة أن “المشاريع التي تقوم بها الحكومة السعودية في عدة مناطق من البلاد تؤثر على الفئات الأكثر فقرا بشكل كبير.
مؤخرا، تم تهجير نصف مليون شخص في عمليات هدم أحياء في مدينة جدة والآلاف من حي المسورة في مدينة العوامية، معظمهم من أصحاب الدخل المحدود. وأكدت العديد من التقارير أن بعض سكان الأحياء لم يتلقوا تحذيرات مسبقة بوقت كافٍ أو تعويضات قبل هدهم منازلهم. وتشير المعطيات إلى أن عمليات التهجير أدت إلى ارتفاع أرقام الفقراء في هذه المناطق.”
ارسال التعليق