ابن سلمان يعلن فشل مشاريعه الوهمية
كشفت وكالة بلومبرغ الأمريكية عن تراجع جديد في تمويل مشاريع رؤية 2030، حيث ستخفض إنفاق مليارات الدولارات على بعض أكبر مشاريعها. ونقلت عن مصادر لم تُسمّها إنه من المتوقع أن يتم قطع 20% من ميزانية هذا العام لمشروع نيوم، الذي يجري تطويره على ساحل البحر الأحمر.
وقال أشخاص مطلعون على الأمر، طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، إن لجنة حكومية يقودها الحاكم الفعلي للسعودية، محمد بن سلمان، على وشك الانتهاء من مراجعة شاملة للمشاريع الضخمة، بما في ذلك مشروع التطوير الصحراوي المترامي الأطراف المعروف باسم نيوم.
وشملت التغييرات الجديدة التي كشفت عنها الوكالة الأميركية، تعليق بعض المشاريع منها مشاريع لم يكن معلن عنها. حيث قالت مصادر الوكالة إن خطط السعودية لإطلاق شركة طيران جديدة للمنطقة معلقة الآن.
وشملت التطورات الأخرى التي تم تقليصها مشروع ساحل القدية، وهو مشروع سياحي وترفيهي غير معلن عنه في جدة على البحر الأحمر والذي تبلغ ميزانيته المحتملة 50 مليار دولار في وقت ما، وفقًا لما ذكرته مصادر الوكالة.
تعزي الوكالة هذا التراجع إلى عوامل منها انخفاض أسعار النفط وضُعف الاستثمار الأجنبي بأكثر من المتوقع، إلى جانب ثلاث سنوات أخرى من العجز في الميزانية الوطنية، منبهة إلى أن هذا يعني أنه يتوجب على السعودية أن تقرر ما الذي يجب التركيز عليه أولاً وبأي وتيرة.
قال جان ميشيل صليبا، الخبير الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في بنك أوف أمريكا للوكالة: “الحقيقة هي أن هذا النوع من الإنفاق من شأنه أن يخلق نوعًا من النشاط الاقتصادي المحموم، وهذا غير مرغوب فيه حقًا” مضيفًا "هناك أيضًا خطر على ربحية المشاريع إذا مضت قدمًا بلا هوادة دون قيود مالية".
وتتراكم الأدلة على تحديات التمويل التي تواجهها "السعودية" فقد جمعت البلاد مؤخرًا أكثر من 12 مليار دولار من خلال بيع أسهم في شركة النفط المدعومة من الدولة أرامكو السعودية وكانت واحدة من أكثر مصدري الديون السيادية الدولية نشاطًا بين الأسواق الناشئة هذا العام. وبفعل ذلك تفوقت على الصين كأكبر مصدر للديون الدولية بين الأسواق الناشئة.
وكانت قد باعت أرامكو أول سنداتها الدولارية في عام 2019، ثم تبعتها ديون لأجل 50 عامًا في عام 2020. ثم أصدرت سندات إسلامية مقومة بالدولار في عام 2021.
وقد تعاقدت الشركة مع بنوك لإدارة أحدث عملية بيع للسندات، ومن بين هذه البنوك جولدمان ساكس، وإتش إس بي سي، وجيه بي مورجان تشيس، ومورجان ستانلي، وغيرها.
وفي الوقت نفسه، يواجه صندوق الاستثمارات العامة قيوده الخاصة، حيث أصبح هو نفسه مصدرًا نشطًا للديون ويشجع أيضًا الشركات التابعة له على اقتراض المزيد. فاقترض الصندوق ما لا يقل عن 12 مليار دولار من القروض طويلة الأجل في العام الماضي.وفي الماضي، تم تحويل احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية إليه أيضاً.
وقد باتت مهمة هذا الصندوق "مستحيلة" وفقا ما يصفه الخبراء الاقتصاديين، فهو من جهة يستثمر الكثير من اموله في مشاريع خارجية، لكنه من جهة ثانية بات مسؤولا بشكل كبير عن تحقيق مشاريع “رؤية ٢٠٣٠” الداخلية، وقد صدرت لها تعليمات باستثمار ما لا يقل عن ١٥٠ مليار ريال (٤٠ مليار دولار) في الداخل كل عام.
مع حلول سنة 2024، بدأت الرياض بإصدار ديون ضخمة. ففي بداية كانون الثاني/ يناير، باع النظام السعودي سندات بقيمة 12 مليار دولار، وهي أكبر صفقة لها منذ سنة 2017، مما يمثل أكثر من نصف عجز الموازنة البالغ 23 مليار دولار الذي تتوقعه السلطات في سنة 2024
وبناء على ذلك، من المتوقع أن يزداد عجز الميزانية بنسبة 2.3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2024، مثلما كان عليه الأمر في سنة 2023، بحسب وكالة فيتش. إلى جانب ذلك، تتوقع الرياض تسجيل عجز سنوي “صغير” حتى سنة 2026، بينما كانت تتوقع قبل بضعة أشهر تحقيق فائض في الميزانية حتى سنة 2025 على الأقل.
في المقابل، وفقا لجيمس سوانستون، الخبير الاقتصادي لدى كابيتال إيكونوميكس “يبدو أن الأمر مستدام نسبيًّا في الوقت الحالي. لكن، قد يصبح محفوفا بالمخاطر إذا انخفضت أسعار النفط إلى 65 دولارا”.
وأما فيما يخص ضعف الاستثمارات الأجنبية، فقد تخلت شركة مورفوسيس أركيتكتس الأمريكية مؤخرا عن دورها القيادي في مشروع ذا لاين بسبب التقارير الدولية التي تحدثت عن ملف حقوق الإنسان المتردي في "السعودية"، وخاصة الانتقادات التي لاحقتها في مشروع "ذا لاين".
كما استغنت شركة "بيكتل" الهندسية العملاقة عن نحو 300 عامل في خط السكك الحديدية فائق السرعة.
وفي ظل تقارير عديدة تؤكد تعثر تمويل مشاريع رؤية 2030 وتظهر أن نسبة كبيرة من التمويل يتم من خزينة الحكومة في الوقت الذي كانت تعمل فيه على أن تجعل مشاريعها فرصة لاستقطاب الاستثمار الأجنبي، إلا أن ظروف ومسببات عديدة حالت دون هذه الغاية لتجد "السعودية" نفسها الممول الأول لمشاريعها، كشف تقرير حديث نشرتهمجموعة جولدمان ساكس،عن تدهور كبير في درجات المخاطر السيادية للسعودية خلال النصف الأول من عام 2024، وفق ما ذكرته وكالة بلومبيرغ الأميركية.
ارسال التعليق