انتوني بلينكن يلوح للعرب بجزرة متعفنة
بقلم: خالد أبو الخير /الأردن...
يبدو أن وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن، يظن أن التاريخ يعيد نفسه، وأن أي جزرة يلوح بها قد تؤكل، مما سيعيد الأمور إلى مربعها الأول ويطلق يد إسرائيل مجدداً.
بلينكن قال خلال لقائه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن الولايات المتحدة ملتزمة بالعمل على إقامة دولة فلسطينية، مجددا رفضه لما يثار من مخططات ومحاولات إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين من غزة.
وهذه ليست المرة الأولى التي يصدر فيها مثل هذا التصريح عن الإدارة الأمريكية في اعقاب أي مواجهة تحدث بين العرب واسرئيل، وتخسر فيها اسرائيل، فمثل هذا التصريح صدر في اعقاب حرب الاستنزاف التي اعقبت حرب 1967، واتبعتها الإدارة ما غيرها، بمبادرة روجرز، التي قبل بها الراحل جمال عبد الناصر ، بوصفها ستؤدي إلى إعادة ما احتله الكيان الصهيوني ، مقابل السلام.. وهو ما لم يحدث، لكنها اعطت الكيان الصهيوني الفرصة لاغتصاب الأرض وأراحت العدو الصهيوني من أثار حرب الاستنزاف.
ونفس التصريح تكرر في اعقاب حرب 1973، على لسان سيء الذكر، هنري كيسنجر، صاحب سياسة "الخطوة خطوة"، دون أن يؤدي فك ارتباط القوات آنذاك إلى أي حل سياسي، كما وعد كيسنجر، بل زاد اسرائيل تعنتاً ، واقصاءً للحرج الأمريكي من ذلك، أحالت الإدارة الأمريكية القضية الى مؤتمر جنيف " الدولي" في نفس العام، الذي كان بمثابة محاولة للتفاوض لإيجاد حل للصراع العربي الإسرائيلي على النحو المتوخى في قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 338 .
وهو المؤتمر الذي انتهى بالفشل. وظهر نفس التصريح من الإدارة الأمريكية على لسان مبعوثها فيليب حبيب أثناء حرب بيروت 1982، مع وعد بالاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية وحل القضية ، وهو التصريح الذي لحس تماماً بعيد خروج منظمة التحرير من لبنان.
وهكذا نجد أن الإدارة الأمريكية تسارع إلى إصدار مثل هذا التصريح الذي يحمل وعدا بحل قضية فلسطين في اعقاب كل مواجهة عسكرية تدفع فيها اسرائيل ثمناً كبيراً، ليكون بمثابة طوق الإنقاذ لها، والعرب يصدقون.
تصريح بلينكن جاء هذه المرة أثناء حرب غزة ، فإذا كانت الولايات المتحدة ملزمة بالعمل على اقامة دولة فلسطينية، على حد زعم بلينكن، فلماذا لم تفعل سابقاً، أولم تكن امريكا ملزمة بذلك في اعقاب التوصل الى اوسلو واتفاق غزة اريحا؟
لكنها لم تفعل، ولم تضغط على اسرائيل أبداً وأسألوا دينيس روس، الذي كان المبعوث الأمريكي لعملية السلام في الشرق الأوسط أثناء ولاية إدارة كل من جورج بوش الأب وبيل كلينتون.
صدور هذا التصريح عن بلينكن " اليهودي- كما يحب أن يقدم نفسه" في هذا التوقيت يعني أن اسرائيل في مأزق عسكري، وأن هذه الجزرة التي يلوح بها للمقاومة والدول العربية، مجرد سراب لا قيمة له، بل هي جزرة متعفنة.
ومعروف أن المقاومة لن تقبل بهذا الهراء لأنها مؤمنة تماماً عبر عقود من النضال ووعي للتاريخ بأن البندقية هي أداة الحوار الوحيدة مع عدو متوحش ومتغطرس، لكن بلينكن يأمل أن تبتلع الدول العربية الطعم مرة آخرى، بوعد أن تحل واشنطن القضية الفلسطينية، وتضغط على المقاومة وتحملها مسؤولية "تضييع الفرصة التاريخية".
ارسال التعليق