ما وراء كواليس "التحركات الإماراتية السعودية المصرية" في السودان
على رغم ردود الفعل المتأخّرة نسبياً من جانب السعودية والإمارات ومصر، ردّاً على الانقلاب العسكري في السودان، إلّا أن البلدان الثلاثة كانت على عِلْم بتفاصيل ما سيحدث.
على رغم ردود الفعل المتأخّرة نسبياً من جانب السعودية والإمارات ومصر، ردّاً على الانقلاب العسكري في السودان، إلّا أن البلدان الثلاثة كانت على عِلْم بتفاصيل ما سيحدث.
وأشارت إلى وجود رسائل مسبقة مفادها بأن الجيش السوداني «لن يسمح بإحداث حالة من الفوضى في البلاد خلال الفترة المقبلة".
بعدما فشلت الحكومة في احتواء الخلافات بين المكوّنَين المدني والعسكري، وفي التعامل مع التحدّيات التي تواجه البلاد، بحسب ما دافع به العسكر. الرسائل التي وصلت تفاصيلها إلى القاهرة.
ومفادها بأن الجيش السوداني لن يسلِّم السلطة كونه لا يثق بقدرة البلاد على عبور هذه المرحلة الانتقالية في ظلّ وجود شخصية ضعيفة، هي عبد الله حمدوك، على رأس الحكومة، غير القادر من جهته على اتّخاذ أيّ قرار حاسم يحلحل بموجبه الخلافات المستعرة بين القوى السياسية، أُرفقت بالإشارة إلى التهديدات العديدة التي تواجه السودان، فضلاً عن الأزمة الاقتصادية التي تزداد سوءاً.
طيلة السنتين الماضيتين، استطاع الجيش السوداني تحصيل ما أراده من جرّاء وجود القوى المعارضة لعمر البشير في السلطة: عودة الدعم الدولي، ورفع العقوبات عن السودان، وفتْح قنوات تواصل تشارك فيها العسكريون والمدنيون، على أن تظلّ مفتوحة في الوقت الحالي.
وإنْ عبر العسكريين ومَن يثقون بهم، إلى حين إجراء الانتخابات في صيف عام 2023. إلّا أن خطّة الانقلاب التي نفّذها رئيس «مجلس السيادة» السوداني المنحلّ، عبد الفتاح البرهان، لم تتحقَّق بكامل تفاصيلها.
ففي حين أبدى رغبةً في الحصول على دعم رئيس الوزراء المُقال، عبد الله حمدوك، وسعى إلى إقناعه بمشاركته الُحكم في المرحلة المقبلة بما يضمن صورة أفضل للانقلاب أمام «المجتمع الدولي»، جاء تمسّك حمدوك برفض العروض السخية من البرهان، بمثابة الشقاق الأخير بين الرجلين.
وعلى رغم متابعة القاهرة عن كثب للتطورات في الخرطوم، وإبدائها دعماً وانحيازاً واضحَين لتحرّكات البرهان، إلّا أن ذلك ليس مُعلَناً بشكل كامل خشية أن تتطوّر الأمور إلى ما لا تحمد عقباه، وفي ظلّ رغبة مصرية تقتضي عدم إغضاب أيّ مكوّن سوداني حرصاً على مستقبل العلاقات بين البلدين، واستمرار حاجة مصر إلى دعم السودان في ملفّ أزمة "سدّ النهضة".
ما تعلمه القاهرة عن نوايا البرهان كثير؛ ففي الوقت الذي سيدفع فيه بعدد من العسكريين السابقين ومؤيّدي نظام البشير إلى السلطة في الأسابيع المقبلة، سيكون هناك تحرُّك على المستوى الدولي، يتطلّب مساعدة من أطراف عربية، في مقدّمها مصر والإمارات اللتان تدعمان تحرّكات الجيش.
ويرغب عسكر السودان في التمهيد لاستلام السلطة عبر صناديق الاقتراع بعد عامين، حيث يأملون بأن تؤول إلى أحدهم، سواء كان البرهان أو غيره من الأسماء، في حين يُتوقَّع أن تبادر السلطة العسكرية إلى تقديم تنازلات كبيرة للولايات المتحدة وأوروبا مرتبطة باستكمال خطوات التطبيع الكامل مع إسرائيل، وبناء ديموقراطية شكلية يستطيع الجيش التحكّم بجميع قراراتها مع وضع قيود على منظّمات المجتمع المدني، وفي الوقت نفسه دعم المنظّمات التي تتّخذ مواقف داعمة لقراراته.
ويُتوقَّع أن يلجأ الجيش، عند الضرورة، إلى استخدام القوّة، من أجل تسيير الحياة اليومية ومنْع أيّ تظاهرات تعيق استمرارها بشكل معتاد.
وفي قنوات الاتصال التي فتحت بين الأطراف العربية والجيش، لم يتمّ بعد حسْم مصير مسؤولي الحكومة المُقالة، أو أيٍّ من السياسيين المعارضين لقادة الجيش، وسط تأكيدات على ضمان سلامتهم وحمايتهم إلى حين انتهاء الفترة الحالية.
من جهتها، طلبت القاهرة من الخرطوم، ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة من أجل مواجهة «المجتمع الدولي»، بالإضافة إلى الدعوة إلى حوار مع تيارات سياسية حتى لو جرى إقصاء بعضها عمداً في إطار السعي إلى تسوية الأمور «شكلياً».
فيما حذّرت تقارير استخبارية مصرية رُفعت إلى دوائر صناعة القرار من حالة التخبّط في الشارع، والتي قد تؤدّي إلى وقوع عشرات القتلى نتيجة الاشتباكات المتوقَّع حدوثها.
ارسال التعليق