الأزمة القطرية تشعل منطقة القرن الإفريقي (مترجم)
المواجهة بين قطر وجيرانها تهدد ببدء الصراع في منطقة القرن الإفريقي، فحين أعلنت السعودية ومصر والبحرين والإمارات قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة، ظهر الأمر وكأنه يخص شبه الجزيرة العربية والخليج على وجه الخصوص.
اتهم السعوديون وحلفاؤهم قطر بدعم الإرهاب الدولي، أما الولايات المتحدة التي لديها أكبر قاعدة عسكرية في قطر لم تتدخل بشكل كبير؛ فهي تترقب الأحداث دون مساع حميدة، لتضمن عدم اندلاع حرب كلامية في هذا الصراع المفتوح، لكن الدول التي تمر على البحر الأحمر وجدت نفسها في الطريق إلى الخلاف.
بعدما كانت تحظى إريتريا بعلاقات طيبة مع قطر، قطعت علاقاتها مع الدوحة تماشيا مع السعوديين، وأعلن بيان الحكومة أن المبادرة التي اتخذتها دول الخليج تسير في الاتجاه الصحيح الذي يحقق السلام الكامل والاستقرار الإقليمي.
المثير، أن السعودية والإمارات تستخدمان ميناء عصب الإريتري في حربهما ضد الحوثيين في اليمن، وتفيد تقارير بأن مصر لديها خطط لبناء قاعدة عسكرية رئيسية على جزيرة إرترية في البحر الأحمر، ويقال إن 400 جندي إريتري يشارك في الحرب السعودية على الحوثيين.
في ظل هذه الظروف، من المرجح أن يؤثر الخلاف السعودي القطري على منطقة القرن الإفريقي، حيث منحت قطر إريتريا أموالا كثيرة، كما اضطلعت بدور رئيسي في الوساطة في النزاع الحدودي مع جيبوتي، الذي اندلع في أبريل 2008.
أثناء النزاع على الحدود بين جيبوتي وإريتريا، أسرت الأخيرة عددا من جنود جيبوتي، وبذلت الدوحة قصارى جهدها لحل القضية عن طريق الوساطة، وحين سأل مراقبو الأمم المتحدة، المستشار السياسي لرئيس إريتريا، يمان جبرياب في يناير 2013، عن مصير الأسرى الجيبوتيين، قال إن جميع المسائل المتعلقة بحل النزاع مع جيبوتي لا يمكن معالجتها إلا بالوساطة القطرية، فهي أهم الوسطاء.
ذهب الدور القطري إلى أبعد من ذلك؛ حيث نشرت نحو 200 جندي من قواتها على الحدود بين البلدين للحد من التوتر بينهما، ولم تشرف قوة حفظ السلام القطرية إلا على قطاع صغير من الحدود بالقرب من رأس دميرة، فهي ليست في وضع يسمح لها بمراقبة أو حجب التحركات عبر الحدود إلى الجنوب، لكن وجودها كان ذو أهمية رمزية.
ومع سحب القطريين قواتهم في 12 و13 يونيو، وضعت إريتريا جنودها على الفور، وبعدها اتهمت جيبوتي الإريتريين بنقل قواتهم إلى الأراضي المتنازع عليها، وأعلن وزير خارجية جيبوتي، محمود يوسف، أن جيش بلاده في حالة تأهب.
وقال دبلوماسي إريتري رفيع المستوى في الاتحاد الإفريقي إن هذا الإجراء جاء بعدما قطعت إريتريا علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وإن بلاده لا تسعى إلى مواجهة مع جيبوتي.
وأصدرت وزارة الإعلام الإريترية بيانا بعد أيام وصفت انسحاب قطر بـ”المتسرع”، وأضافت أن إريتريا امتنعت عن التعليق، لكنها ستعلق على ذلك حين الحصول على المعلومات الكاملة.
وعلق الاتحاد الإفريقي، الذي نادرا ما يتدخل في أي نزاعات تؤثر على أعضائه، على الأزمة، حيث قال موسى فاكي محمد، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، إن الاتحاد سوف يرسل وفدا إلى حدود جيبوتي لرصد التطورات والعمل مع جميع الأطراف.
ما يحدث بين إريتريا وجيبوتي يبدو جيدا بالنسبة لإثيوبيا، التي لا تجمعها علاقات جيدة بالأولى منذ حرب الحدود 1998 -2000، ورغم ذلك امتنعت إثيوبيا عن اتخاذ موقف لصالح للسعودية أو قطر، لتبقى على الحياد.
وأعلنت إثيوبيا مؤخرا أنها ستكشف عن سياسة جديدة تجاه إريتريا، لكن لم تتعامل بها حتى الآن، وقد تتعاون إثيوبيا مع جيبوتي دوليا للعمل ضد جارتها المزعجة.
تحاول الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي التوسط الآن في المشكلة بين جيبوتي وإريتريا، وفي الوقت ذاته، لا يزال الصراع الدائر في اليمن له آثار على منطقة القرن، حيث يواصل السعوديون والإماراتيون استخدام إريتريا كقاعدة خلفية، كما تسعى أبو ظبي لإقامة قاعدة عسكرية في الصومال.
من الصعب التنبؤ بالأحداث كما كان في الماضي، لكن الشرارات القادمة من الجزيرة العربية يمكنها بسهولة إشعال منطقة القرن الإفريقي.
بقلم : ريهام التهامي
ارسال التعليق