الأموال العربية القذرة خلقت أزمات سياسية بأوروبا
ألقى موقع "دويتش فيله" الألماني الضوء على ما وصفها بالأزمات التي أحدثتها الاموال العربية في الغرب، وبالتحديد عن "الصداقات المالية" التي جمعت قادة غربيين سابقين بملوك ورؤساء عرب.
وبدأ التقرير بالإشارة إلى الأزمة التي يواجهها حاليا ملك إسبانيا السابق "خوان كارلوس"، حيث اصطدم باتهامات بالفساد بسبب تلقي أموال من السعودية ونشر معلومات وصفتها الحكومة الإسبانية بأنها "مثيرة للقلق".
وفتحت المحكمة العليا الإسبانية في يونيو/حزيران الماضي، تحقيقاً في ضلوع "خوان كارلوس" في عقد لخط سكك حديدية فائق السرعة في السعودية، بعد أن ذكرت صحيفة (لا تريبيون دي جنيف) السويسرية أنه قد تسلم 100 مليون دولار من ملك السعودية الراحل "عبدالله بن عبدالعزيز".
ويجري القضاء في سويسرا وإسبانيا تحقيقات حول تلقي الملك السابق 100 مليون دولار في حساب سري في سويسرا عام 2008.
وعقب فتح تحقيقات، قرر "كارلوس" مغادرة إسبانيا والعيش في بلد آخر لم يحدده بعد، مشيراً إلى أن قراره هذا يأتي من أجل عدم التأثير على ابنه الملك "فيليب السادس".
ومضى الموقع الألماني في سرد حوادث شبيهة، لكنها قديمة نسبيا، مثل الاتهامات التي يواجهها الرئيس الفرنسي الأسبق "نيكولا ساركوزي" تعلقة بتمويل الزعيم الليبي الراحل "معمر القذافي" لحملته الانتخابية عام2007، وهي الاتهامات التي نفاها "ساركوزي" مراراً وتكراراً.
ويدرس المحققون الادعاءات التي تفيد أن "القذافي" قد قدم لـ"ساركوزي" 50 مليون يورو، المبلغ الذي يساوي ضعف الحد القانوني لتمويل حملة انتخابية، والذي كان 21 مليون يورو، آنذاك.
كما تعتبر هذه المدفوعات الأجنبية والسرية انتهاكاً للقواعد الفرنسية.
وقد ظهرت الادعاءات للمرة الأولى من قبل نجل الزعيم الراحل الليبي الراحل، "سيف الإسلام"، عندما كان القادة الفرنسيون يحتشدون للتدخل في ليبيا عسكرياً والإطاحة بـ"القذافي".
وقال "سيف الإسلام": "على ساركوزي إعادة الأموال التي أخذها من ليبيا لتمويل حملته الانتخابية".
وكان موقع "ميديابارت" الاستقصائي قد نشر وثائق تثبت صحة هذه الاتهامات، في حين وصف مقربون من "ساركوزي" هذه الوثائق بالمزيفة والكاذبة.
غير أن المحكمة الفرنسية أعلنت، في وقت لاحق، أن بعض الوثائق أصلية، الأمر الذي يسمح باستخدامها في التحقيق إضافة إلى شهادات من كبار الشخصيات الليبية ووقائع أخرى تؤيد صحة هذه الادعاءات.
كما تشير الاتهامات إلى تورط رجل أعمال فرنسي لبناني يدعى "زياد تقي الدين" ومسؤولين ليبين آخرين في هذه القضية.
واكتشفت الشرطة أن "ساركوزي" كان يستخدم هاتفاً سرياً باسم مزيف هو "بول بيسموث" ليتواصل عبره مع شخص واحد هو محاميه في إطار التحريات حول اتهامات تلقي التمويل بحسب ما نشره موقع صحيفة "الجارديان" البريطاني.
علاوة على ذلك، من المقرر أن يواجه "ساركوزي" المحكمة في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، إذ يشتبه بأن يكون قد حاول مطلع 2014 أن يتلقى عبر محاميه "تييري هيرزوج" معلومات سرية من القاضي السابق "جيلبرت أزيبير" حول قضية أخرى تتعلق به، وعرض على القاضي في المقابل منصباً في موناكو.
"القذافي" لم يورط "ساركوزي" فقط، فقد تسبب في أزمة لرئيس وزراء إيطاليا الأسبق "سيلفيو برلسكوني"، فقد جمعتهما علاقة صداقة متينة مبنية على المصالح ساهمت في بناء تقارب بين أوروبا وليبيا.
إذ تمتلك شركة "لافتي تريد" الليبية، والتي تسيطر عليها الشركة القابضة "لا فيكو" العائدة لعائلة "القذافي"، نحو 10% من أسهم شركة الإنتاج السينمائي "كوينتا كومونيكيشن"، بينما تملك "فيني فيست" القابضة المملوكة لعائلة "برلسكوني" نحو 22% من أسهم ذات الشركة.
كما تمتلك شركة "كوينتا كومونيكيشن" وإمبراطورية الإعلام المرئي "ميدياسيت" التي أسسها "برلسكوني"، 25% من أسهم قناة فضائية شهيرة في المغرب العربي، بحسب ما نشره موقع صحيفة "تايمز" البريطاني.
كما جمعت علاقة صداقة ومصالح مشتركة بين رئيس الوزراء البريطاني الأسبق "توني بلير" و"القذافي" ونجله "سيف الإسلام"، فكان "بلير" أول رئيس وزراء بريطاني يزور ليبيا منذ زيارة "تشرشل" عام 1943.
وثمة شبهات بأنه تم بمساعدة الاستخبارات البريطانية اختطاف بعض الشخصيات المعارضة للحكومة الليبية والتوصل إلى تفاصيل مكالمات هاتفية خاصة ببعض معارضين لنظام "القذافي" بحسب ما نشره موقع صحيفة "تايمز".
غير أن لجنة برلمانية بريطانية كشفت- بعد خروج "بلير" من الحكومة- مطلع عام 2016، أنه اتصل بـ"القذافي" مرتين خلال ثورة فبراير/شباط 2011، لينصحه بالرحيل والعثور على ملاذ آمن.
وعلى الصعيد الفرنسي مرة أخرى، لاحقت شبهات الفساد سلف "ساركوزي"، الرئيس الفرنسي الراحل "جاك شيراك"، إذ اتهم رئيس سابق لجهاز الاستخبارات البريطاني "شيراك" بتلقي مبالغ كبيرة من الزعيم العراقي الراحل "صدام حسين".
فعلى الرغم من أن صداقة متينة - كما كان يبدو ظاهرياً - قد جمعت بين الزعيمين، غير أن حقائق أخرى تنفي غالباً وجود صداقة بين السياسيين عامة وإنما ما يجمع بينهم عبارة عن مصالح مشتركة ومتبادلة.
وقال السير "ريتشارد ديرلوف" إن "شيراك" تلقى مبالغ تقدر بـ 5 ملايين جنيه استرليني (6.1 مليون دولار) من "صدام" مقابل أن يعارض "شيراك" الخطط الأمريكية البريطانية لغزو العراق، بحسب ما نشره موقع "ديلي ميل" البريطاني. وأشار إلى أن هذه الأموال كانت من ثروة "صدام" الشخصية وذهبت لـ"شيراك" عبر وسطاء.
وأضاف السير أن الاستخبارات البريطانية كانت تملك معطيات موثوقة تفيد بأن "شيراك"، الذي حكم فرنسا بين 1995 و2007، قد تلقى أموالاً طائلة من "صدام" لتمويل حملتيه الرئاسيتين في 1995 و2002.
ارسال التعليق