البحر الأحمر.. أحد الأوراق اليمنية لمواجهة العدوان السعودي
أعلن رئيس المجلس السياسي الأعلى في اليمن، صالح الصماد، عن احتمال قطع طريق الملاحة الدولية في البحر الأحمر حال استمر العدوان السعودي على الحديدة.
تصريحات الصماد جاءت خلال لقائه بنائب المبعوث الأممي إلى اليمن، معين شريم، حيث توجّه إلى الأخير، قائلاً “لن نسمح بأن يمروا من مياهنا ببواخرهم وشعبنا يموت جوعا، ونتوقع تصعيداً عسكرياً كبيراً للتحالف بعد زيارتكم هذه”.
في نفس الوقت، أكد الصماد جهوزية اليمنيين للسلام بشرط أن “يحفظ للناس حقهم المشروع في العيش بكرامة”، أضاف “نحن لا نقصي ولا نهمش أحداً ولن نستبد بالسلطة ولن نحكم اليمن لوحدنا”، لافتا إلى ضرورة التفاهم بين جميع اليمنيين “بعيداً من الإقصاء والتهميش والشطب من على الخارطة”.
الرياض طالما قللت من شأن المعارك مع جارتها اليمنية، وقالت أن حربها على اليمن ستستغرق أيام أو بضعة أشهر على أقصى تقدير، ولا يبدو أن التقديرات السعودية في محلها، خاصة بعد مرور أكثر من ألف يوم على بدء العدوان السعودي على اليمن، بل على العكس دوائر الصراع أخذت تتسع، فبداية الحرب كانت محصورة في الجغرافيا اليمنية، وبعدها اتسعت لتطال العمق السعودي وبعض عواصم الدول المشاركة في الحرب مثل الإمارات، وفي حال وصلت الحرب للبحر الأحمر، فإن قرار السعودية سيربك الساحة الإقليمية وحتى العالمية، فإذا كانت السعودية تزعم أن عدوانها على اليمن من أجل حماية أمنها القومي، فإن حربها ستلحق الأذى بالأمن القومي للعديد من الدول المطلة على البحر الأحمر، فقناة السويس ليست بعيدة عن صراعات البحر الأحمر بطبيعة الحال.
والمملكة بتضييقها الخناق على الشعب اليمني من حصار وقتل والمساهمة في تفشي الأمراض والأوبة القاتلة في أطفال الشعب اليمني، ستعطي الحق للمعتدى عليه في استخدام الأسلحة الممكنة لدفع العدوان والظلم عنه، خاصة أن السعودية تشتري أحدث التقنيات العسكرية من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وتوجهها إلى صدور أبناء الشعب اليمني، والجزء المهم في تعنت القرار السعودي حول اليمن، يكمن في أنه لا يلتفت حتى للمناشدات الحقوقية والدولية، بما فيها الأمريكية والبريطانية والفرنسية والألمانية لتخفيف الحصار عن الشعب اليمني، وبالتالي الضغط السعودي على اليمن، إما سيدفع اليمنيين إلى الاستسلام، وهو أمر لا يتماشى مع النخوة اليمنية ذات الإرث القبلي، أو سيدفعهم لتمسك بأرضهم، خاصة أن كل طرف من أطراف الصراع يحمل أجندة أيديولوجية في حقيقة الأمر، فالسعودية أداة لتمرير المشاريع الأمريكية في المنطقة، في المقابل يصر الجيش اليمني واللجان الشعبية، بمكوناتها الحزبية المختلفة خاصة أنصار الله بالتمرد على الإرادة الأمريكية.
السعودية تقولها بوضوح، إنها لا تريد حزب الله يمني على حدودها، ومشكلة الرياض مع حزب الله اللبناني متأصلة حتى ما قبل الأزمة السورية، فالمعلومات المتداولة ومن مصادر مختلفة، أشارت إلى دور سعودي داعم لإسرائيل ضد حزب الله في حرب 2006، وتل أبيب أيضا، عندما تدعم السعودية في العدوان على اليمن لا يغيب حزب الله وحلفاؤه عن دائرة الاستهداف، فالكيان الصهيوني يفضل بقاء البحر الأحمر تحت تأثير السعودية في مواجهة السيطرة الإيرانية، وبحسب تقرير نشره موقع ترك برس، فإن إسرائيل تبرر وجودها في البحر الأحمر بمخاوفها الأمنية من المحاولات الإيرانية للوجود في البحر الأحمر من خلال دعمها لجماعة أنصار الله في اليمن، والتي تدرعي إسرائيل أنها تمتلك صواريخ تهدد الملاحة فيه، وكان الكيان الصهيوني استغل علاقاته بإريتريا لإنشاء قواعد في “رواجيات” و”مكهلاوي” على حدود السودان، كما تل أبيب قواعد جوية في جزر حالب وفاطمة عند مضيق باب المندب، واستأجرت جزيرة “دهلك” لتقيم قاعدة بحرية عليها.
ويبدو أن التخوف الإسرائيلي من أنصار الله على البحر الأحمر له ما يبرره، حيث تم استهداف العديد من القطع البحرية لدول أعضاء في تحالف العدوان على اليمن، كالإمارات وتهديد البوارج الأمريكية من قبل أنصار الله، وهناك تقارير وبيانات وتسريبات تشير إلى مصادر سلاح جماعة أنصار الله، حيث تمكنت الجماعة من السيطرة تماما على كل أسلحة وصواريخ وطائرات القوات الجوية اليمنية بعد أحداث صنعاء مطلع عام 2015، واستطاعت الحركة الاستحواذ على كل الأسلحة الموجودة في 3 قواعد عسكرية رئيسية في صنعاء وتعز والحديدة، قبل الزحف جنوبا والوصول إلى قاعدة العند القريبة من محافظة عدن، حيث مقر الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي، وتقول بعض التقارير إن أنصار الله تمكنوا من السيطرة على ألوية الصواريخ ومخازن الأسلحة في صنعاء والجبال المحيطة بها، في يناير من العام 2015 بعد حصار دار الرئاسة في صنعاء.
وفي كل يوم تتكشف قدرات الجيش اليمني واللجان الشعبية في صد العدوان عن اليمن، فقديمًا كان يدور الحديث عن صواريخ مؤثرة، لكنها لا تتمتع بالدقة الكافية، ثم بدأ الحديث يأخذ منحى آخر عندما تم الزج بالصواريخ البالستية المطورة، ليرتفع بعدها سقف الحديث ليدور حول صواريخ دقيقة قادرة على التعامل مع الطائرات الحديثة، فلم تمر ساعات من إسقاط طائرة حربية لتحالف العدوان شمال شرق محافظة صعدة يوم الأحد الماضي، حتى أعلنت الدفاعات الجوية عن إصابة طائرة إف 15 تابعة للعدوان في سماء العاصمة صنعاء بصاروخ أرض جو، وبالأمس، كشف مساعد الناطق باسم الجيش اليمني، العقيد عزيز راشد، عن تفعيل وشيك لمنظومة دفاعات جوية جديدة للجيش واللجان الشعبية تحيّد من سلاح الطائرات للعدوان السعودي الأمريكي.
بقلم : خالد عبدالمنعم
ارسال التعليق