الحرارة تعود إلى خطّ السعودية– دمشق.. العلاقة مع الأسد حاجة لابن سلمان
بقلم: منير الصادق...
اتفقت سوريا والنظام السعودي، على معاودة فتح سفارتيهما بعد تجميد العلاقات الدبلوماسية لنحو 10 سنوات.
ويأتي ذلك في خطوة من شأنّها أن تمثل تقدّماً كبيراً إلى الأمام في طريق عودة العلاقات العربية مع دمشق.
وجاء الاتفاق على فتح السفارتين بعد التقارب الإيراني السعودي الذي حصل في الآونة الأخيرة، والبيان الثلاثي الذي تمّ توقيعه بين الطرفين برعاية الصين.
وكانت وزارة الخارجية السورية رحبت بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين النظام السعودي وإيران لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بجهود صينية.
ولفتت الخارجية السورية في بيان إلى أنّ “هذه الخطوة المهمة ستقود إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة وإلى التعاون الذي سينعكس إيجابياً على المصالح المشتركة لشعبي البلدين خاصةً ولشعوب المنطقة عامة”.
وكشفت مصادر لوكالة “سبوتنيك” الروسية، الأحد الماضي، أنّ النظام السعودي سيستأنف العمل في قنصليته بالعاصمة السورية دمشق، بعد عيد الفطر المقبل (20، 21 أبريل)، والتي ستسبقها زيارة يقوم بها وزير خارجية النظام السعودي، فيصل بن فرحان، إلى دمشق، ليلتقي خلالها المسؤولين السوريين، على رأسهم الرئيس السوري بشار الأسد.
وأشارت المصادر إلى أنّ الجهود الروسية الإماراتية، بذلت في الغرف المغلقة، وتخللتها وساطة بين البلدين العربيين، إلى أن أفضت مؤخراً نحو دفع التقارب بين سوريا والنظام السعودي، على خلفية التقارب السعودي – الإيراني”. وقبل أيام، كشف وزير خارجية النظام السعودي فيصل بن فرحان، عن عمل عربي لصياغة حوار سيتم “لا محالة” مع دمشق، وذلك بالتشاور مع المجتمع الدولي.
وتابع: “يجب أن نجد سبيلنا لتخطي التحديات التي يفرضها هذا الوضع القائم، فيما يتعلق باللاجئين ويتعلق بالوضع الإنساني داخل سوريا”. مباحثات متقدمة وبعد الكثير من التسريبات والتوقعات، أقر النظام السعودي ببدء مباحثات مع الحكومة السورية، بهدف الوصول إلى توافق بشأن عودة الخدمات القنصلية قبل القمة العربية المقرر عقدها في الرياض، خلال مايو المقبل.
وقال مصدر بالخارجية السعودية لقناة “الإخبارية” الرسمية، فإن هذه المباحثات تأتي في سياق حرص المملكة على تسهيل تقديم الخدمات القنصلية الضرورية للشعبين.
ونقلت تقارير إعلامية عن مصادر متابعة، أن المباحثات السعودية السورية الأخيرة جرت في المملكة مع مسؤول استخباراتي سوري رفيع، بعد اتفاق إعادة العلاقات بين النظام السعودي وإيران، وإعلان إعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين خلال الأسابيع المقبلة، بعد 7 سنوات من التوترات بين البلدين.
وشكّل الزلزال الذي ضرب سوريا في فبراير الماضي، مناسبة لإظهار أول تحرك رسمي علني من النظام السعودي تجاه حكومة الرئيس بشار الأسد، وذلك من خلال إطلاقها لمنصة “ساهم”، وهي منصة عنيت بجمع التبرعات لضحايا زلزالي تركيا وسوريا. هذه التبرعات وإن كان أغلبها ذهب لمناطق المعارضة، فإن بعضها الآخر ذهب إلى مطارات حلب، بالتنسيق مع الهلال الأحمر السوري، وهي خطوة لها دلالاتها السياسية، ومؤشر على إمكانية التقارب المدفوع بعدد من المعطيات. دوافع الرياض ترتبط مؤشرات التقارب بين الرياض ودمشق بوجود دوافع محركة للطرفين في إحداث هذا التقارب بينهما.
ووفق مركز “الفكر الاستراتيجي للدراسات”، فإن الدوافع السعودية تتجلى في تخفيف التوتر في المنطقة، إذ تعيش المنطقة عموماً وعلى مدار عقد حالة من الفوضى والاحتراب الداخلي الذي جعلها عرضة بشكل أكبر لانتشار الجماعات المتطرفة، وللتدخل الخارجي. وبشكل خاص، تكررت حالات الاستفزاز والتوتر بين الكيان الصهيوني من جهة وإيران والفصائل الموالية لها من جهة أخرى على الأرض السورية، وفي حال استمرت فقد تؤدي إلى حدوث اشتباكات موسعة قد تتحول لحرب إقليمية ليست في مصلحة المنطقة، بحسب المركز.
ويمكن حل هذه المعضلة عن طريق استعادة الأمن في سوريا، وإخراج القوات الأجنبية والميليشيات منها، وهو أمر يصب في مصلحة المنطقة عموماً والرياض خصوصاً. كما تعد مساعي “تحجيم الدور الإيراني في سوريا” أحد الدوافع الرئيسية التي تحرك النظام السعودي للتقارب مع دمشق. ومن خلال تقاربها مع دمشق تحاول الرياض مواصلة نهجها الجديد في مساومة إيران عبر تطبيع العلاقات مع حلفائها في المنطقة. كما يستهدف النظام السعودي التفاعل مع المتغيرات الإقليمية الجمة التي وقعت خلال السنوات الأخيرة، وأبرزها وجود مساعٍ لإعادة العلاقات التركية السورية نتيجة ضغط ملف اللاجئين على السياسة الداخلية التركية.
في 28 يناير 2022، وبعد قطيعة دامت 11 عاماً، اجتمع في موسكو وزيرا الدفاع التركي والسوري بحضور ومشاركة نظيرهما الروسي. واتفق الوزراء على تأسيس لجان مشتركة من مسؤولي الدفاع والمخابرات في الفترة المقبلة ستبدأ في موسكو، تعقبها اجتماعات في أنقرة ودمشق. يرى المركز في تحليله أن هذه الخطوات تأتي ضمن اتفاقات استراتيجية تجمع بين هذه الأطراف، وتعزز دوافع النظام السعودي نحو تفعيل دوره والتعاطي مع التغيرات الإقليمية القائمة من أجل حماية مصالحه.
كما يستهدف النظام السعودي “إعادة ترتيب البيت العربي” إذ منح الزلزال غطاء لتسريع خطوات ترميم العلاقة بين دول عربية ودمشق. وزار أعضاء البرلمان العربي دمشق، كما زار وزير الخارجية المصري سامح شكري دمشق ضمن المساعي المصرية الحثيثة لإعادة دمشق للجامعة العربية، وقبل ذلك استعادت الإمارات علاقتها بالنظام السوري منذ 2018. يقول المركز في تحليله إن مثل هذه الخطوات قد تسهم في إحداث تقارب جزئي مع سوريا، كما أن لها دلالاتها السياسية المتمثلة في رفع الحرج عن النظام السعودي في حال أقدم على تبني مقاربة جزئية مع دمشق.
دوافع دمشق أما عن الدوافع السورية، فأبرزها كسر العزلة الإقليمية وتسريع عملية التطبيع للعودة إلى جامعة الدول العربية، حيث تخضع دمشق لحصار عربي – غربي وعزلة تشمل دولاً كبرى ومختلف المؤسسات الدولية. الحصار والعزلة، شكّلت أسباباً ممناسبة لكيان الاحتلال الصهيوني لمواصلة ضرباته على نقاط ومواقع هامة داخل الجغرافيا السورية، ربطاً بالتطورات الميدانية وخريطة انتشار الجيش السوري وحلفائه من دول محور المقاومة.
ويقول التحليل إن دمشق تحرص على التقارب مع الرياض لأنها تمثل جسراً يمكن أن يحسن علاقته بالدول العربية، خصوصاً أن كثيراً من الدول العربية قطعت علاقتها بدمشق بعد تعليق عضويتها في جامعة الدول العربية منذ 2012. ويرى التحليل أن من أهداف دمشق من إعادة علاقته بالنظام السعودي “استعادة شرعيتها في مناطق المعارضة”، حيث تلقفت الحكومة السورية الفرصة التي خلقها الزلزال لتحسن صورته أمام العالم، إذ رغم حصرها مسألة إيصال المساعدات بها، صرحت بموافقتها على تسهيل إيصال المساعدات إلى جميع المناطق، ومن ضمنها تلك التي تقع خارج سيطرتها.
ورغم وجود قطيعة دولية وعربية، وقائمة من العقوبات الاقتصادية والمساءلات والتقارير والاتهامات ضد مؤسسات وشخصيات سورية، قد تسهم الاتصالات والزيارات الرسمية العربية مع الحكومة السورية في إضفاء مرونة للتقريب بينها وبين النظام السعودي وتركيا وبعض الدول التي نسق معها لإيصال المساعدات. كما تستتهدف دمشق أيضا عبر تقاربها مع الرياض تحييد الدور السعودي الداعم للمعارضة.
وفي هذا الإطار، يقول التحليل إنه “عقب انتفاضة الشعب السوري في 2011 سارعت الرياض إلى طرد السفير السوري في 2012، وعملت على دعم المعارضة بشكل كبير”.
فمن خلال تقارب دمشق مع الرياض تحاول تحييد دور النظام السعودي، وهو أمر يعزز من قوة الحكومة السورية ويقلل من إمكانيات مواجهته ولو في المستقبل”.
وكان وزير خارجية النظام السعودي قد جدد التأكيد على أن الإجماع يتزايد في العالم العربي على أن عزل سوريا لا يجدي، وأن الحوار مع دمشق ضروري خاصة لمعالجة الوضع الإنساني هناك.
ولاحقا، قال الرئيس السوري بشار الأسد، إن السياسة النظام السعودي اتخذت منحى مختلفا تجاه سوريا منذ سنوات، ولم تتدخل في شؤون سوريا الداخلية كما أنها لم تدعم أيا من الفصائل. يأتي ذلك على الرغم من الموقف الأميركي معارض لما يسميه “تطبيع” العلاقات مع دمش، إذ سبق أن حذرت اشنطن مما سمّته “محاولات إحياء نظام الأسد
ارسال التعليق