الرياضة لن تبيّض صفحة جرائم ابن سلمان
نشر موقع مجلة “نيوزويك” مقالا لمحرر الشؤون الخارجية سابقا في صحيفة “ديلي ميل” البريطانية أنتوني هيوارد، يقول فيه إن الدول الديكتاتورية عادة ما تلجأ إلى الرياضة لتبييض صفحتها.
ويشير هيوارد في مقاله، الذي ترجمته “عربي21”، تحديدًا إلى مباراة الملاكمة المزمع تنظيمها في السعودية، مذكرًا بمباراة محمد علي كلاي ضد جورج فورمان في زائير، التي أنفقت الأخيرة على عقدها عام 1974، 10 ملايين دولار، وعرفت بـ”رامبل إن ذا جانقل/ قعقعة في الغابة”،ثم تبع ذلك بعد عام “ثريلا إن مانيلا/ خوف في مانيلا”،حيث حصل محمد علي على 4 ملايين من ديكتاتور آخر، وهزم فيها جو فريزر.ويلفت الكاتب إلى أنه “بعد 44 عامًا فإن احتمال إقامة مباراة مماثلة كتلك التي خاضها محمد علي في دول كانت تحكمها ديكتاتورية واضح فيما سيطلق عليه صدام في الكثبان، وستعقد في مكان مثير، لكن يحكمه ناس غير جيدين”. ويفيد هيوارد بأن “النزال المتوقع في ديسمبر بين البريطاني أنطوني جوشوا والأمريكي المكسيكي أندي رويز جي أب سيقام في السعودية، وليس كما هو معهود في ماديسون سكوير أو أوتو في لندن”. ويقول الكاتب: “حسنًا، أعتقد أنه لو كان عليك اختيار شخص يشبه موبوتو سيسكو أو فريناند ماركوس فإن الخيار الواضح هو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان”.ويعلق هيوارد قائلاً إن “مدير أعمال الملاكم جوشوا، إدي هيرن، لم ير هذه المفارقة عندما أعلن أن المباراة التي ستجري في ديسمبر ربما فاقت في حجمها المباراتين اللتين خاضهما محمد علي كلاي، ورفض هيرن الإجابة على أسئلة تتعلق بحقوق الإنسان في السعودية، وقال إنها أبعد عن تفكيري بصفتي منظم مناسبات رياضية، وهذا أمر مقنع له لأنه سيحصل على 40 مليون دولار ليجلب المباراة إلى الدرعية، قريبًا من الرياض”.
وينوه الكاتب إلى تعبير “تبييض الرياضة” على نسق تبييض الأموال، وهو ما تلجأ إليه اليوم الأنظمة لجلب المناسبات البراقة، مثل مباريات الملاكمة، والهدف منها هو التخلص من اللطخات على السمعة، والتظاهر بأنه كل شيء على ما يرام ووردي.ويقول هيوارد إن “تبييض السمعة من خلال الرياضة مصطلح جديد لأمر يتم منذ قرون، فقد استخدم الرومان مباريات المصارعة لحرف نظر الرأي العام عن أوضاع الفقر التي يعيشون فيها ومنعهم من الثورة، واستخدم هتلر الألعاب الأولمبية في برلين عام 1936 وفي جنوب أفريقيا، وكان نظام التمييز العنصري يحاول إحضار الفرق الرياضية لتقديم صورة عن الحياة الطبيعية في هذين النظامين”.
ويشير الكاتب إلى أن مباراة “قعقعة في الغابة” عام 1972، التي تمت في زائير جاءت على خلفية انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، في وقت راكم فيه سيسكو ثروة شخصية قدرت بحوالي 15 مليار دولار، في حين كانت فيه بلاده غارقة بالفقر، فأي شخص تحدى نظامه كان يواجه الموت.ويبين هيوارد أنه في ليلة المباراة قام سيسكو باعتقال ألف مجرم، ووضعوا في غرف تحت الملعب الذي جرت فيه المباراة، وأعدم مئة منهم ليخيف الآخرين، مشيرا إلى أن مباراة محمد علي كلاي في مانيلا جرت في بلد يعيش تحت قوانين الطوارئ، ونهب ماركوس اقتصاد بلاده لينفع نفسه وعائلته، وأسكت الإعلام، واستخدم القمع ضد معارضيه السياسيين، ففي ظل حكمه ارتكبت 35 ألف حالة تعذيب، وسجن 70 ألف معتقل، وكانت هناك 50 ألف حالة إخفاء قسري، و3257 حالة قتل.
ويرى الكاتب أن “السعودية مشابهة لهذه الحالة من القمع والوحشية، وتبدو الأكثر استخداما للرياضة لتبييض صورتها، وبحسب (سي آي إيه)، فإن الحاكم الفعلي للسعودية محمد بن سلمان أصدر أمرًا بقتل صحافي واشنطن بوست جمال خاشقجي، بالإضافة إلى مسؤوليته عن حرب اليمن، التي تعد في عامها الخامس، ووصفت بأنها أكبر كارثة إنسانية في العالم، وقتل فيها حوالي 70 ألف شخص، وهناك ملايين يواجهون خطر المجاعة، وهناك الرجم والإعدامات، واضطهاد الأقليات، واستمرار اعتقال ناشطي وناشطات حقوق المرأة”.
ارسال التعليق